لليوم الثالث والأربعين بعد المائة يواصل الغزيون
ومعهم
الفلسطينيون بشكل عام، والأمة من ورائهم، انتفاضتهم ومعركتهم ضد العدوان
الصهيوني البغيض.. نقول معهم الأمة بشعوبها المغلوبة على أمرها لعقود، والمغيّبة
عن عالم السياسة والفعل السياسي، بفعل أنظمة استبدادية خنقت شعوبها لهذه اللحظة،
فكانت مكافأتها وجائزتها البقاء على سدة الحكم، حيث أن تواطؤها مع العدوان
الصهيوني كان أشبه ما يكون بمثابة بوليصة تأمين على كرسي حكمها طوال السنوات
الماضية وربما للسنوات اللاحقة، أسفل هذا الكرسي حقيقة وواقعا، ربما مئات الآلاف من
القتلى، وأضعافهم من المعتقلين والمعذبين والمشردين.
لليوم الثالث والأربعين بعد المائة تسطر
غزة الملاحم
تلو الملاحم، متحدية الصمت العربي الرسمي وتخاذله وتواطؤه قبل أن تتحدى العجرفة
الصهيونية والأمريكية، وإخوانهما يمدونهما بالبطش والإرهاب والتنكيل، ومع هذا
تواصل مقاومة غزة إبداعاتها اليومية واللحظية ربما في التصدي لهذا العدوان البغيض؛
إبداعات أحبطت من خلالها الأمل الصهيوني وليكوده العربي بأن يُسكت بنادق
المقاومة
للحظة واحدة، بل ويعلن وزير صهيوني أن أنفاق المقاومة لا تزال غالبيتها سليمة
فضيحة بجلاجل ومكتملة الأركان، ليس للجيش العبري، وإنما لكل الجيوش العربية التي لم تصمد سوى لأيام وربما لساعات أمام جيش العدوان الصهيوني في الحروب الهزلية السابقة التي نُكب بها العرب
على
الرغم من طول العدوان، ولا زلنا نرى يوميا تساقط جنود
الاحتلال صرعى، تعكسهم عدسات
التلفزة ومنصات التواصل الاجتماعي، وهي فضيحة بجلاجل ومكتملة الأركان، ليس للجيش
العبري، وإنما لكل الجيوش العربية التي لم تصمد سوى لأيام وربما لساعات أمام جيش
العدوان الصهيوني في الحروب الهزلية السابقة التي نُكب بها العرب.
كان المجرم رئيس الوزراء الصهيوني الراحل إسحاق رابين
يتمنى أن يستيقظ يوما، وقد ابتلع البحر غزة وأهلها، لما يراها ويتنبأ بها من مخاطر
غزة على الدولة العبرية، واليوم يرى ويلمس أسلاف وأحفاد رابين ما فعلته غزة في
العدوان الصهيوني، الذي يدخل يومه الـ143 وهي مصرّة على انتزاع حقها وحياتها
وصمودها من فكي الوحش الصهيوني المدعوم بالآلة الحربية والسياسية والإعلامية
الغربية والليكودية العربية، ولولا هذا الدعم اللامحدود لما تمكنت تل أبيب من
التمادي في عدوانها طوال هذه الفترة الطويلة، حيث لم يسبق أن طالت أي معركة
صهيونية ضد الشعب الفلسطيني، ومن قبله الشعوب العربية، أكثر من 18 يوما. أما اليوم
فبفضل هذا التآمر العالمي والدعم اللامشروط في إبادة أهل غزة، تواصل الدولة
العبرية جرائمها المسكوت عنها ضد الفلسطينيين، وبتواطؤ عربي رسمي غير مسبوق.
الحكاية الملهمة ستتحول يوما ما إلى قصة ملهمة عالمية، وإن كان العالم الغربي وعملاؤه يسعون إلى تهميش وطمس وتشويه مثل هذا الصمود الأسطوري، ولكنه بالتأكيد سيجد يوما طريقه إلى عالم الواقع العالمي في مناطق جغرافية أخرى، بحيث تُستلهم مثل هذه المعارك، ومثل هذا الصمود في مناطق وزوايا عالمية أخرى، ولعل هذا أكثر ما يقلق الغرب، الذي يسعى بكل ما أوتي من قوة إلى حرمان وسلب العالم العربي والإسلامي النصر العسكري
في المقابل، هذه الحكاية والسردية الفلسطينية في
القتال والصمود والتحدي سيكون لها ما بعدها، فهي قصة مُلهمة ليس للشعب الفلسطيني
وأجياله المقبلة فقط، وإنما ستكون قصة مُلهمة لما بعد فلسطين، وإن تخاذل البعض، أو
استسلم الآخر، وبدأ يُنغّم على الحل السلمي التخاذلي لينفذ بجلده كما حصل مع وزير
خارجية إيران حسين أمير عبد اللهيان، وكأنه يتكلم بلسان محايد في أحسن الأحوال،
وبلسان الحريص على الدولة الصهيونية من مزيد من البهدلة والشرشحة برأي البعض
الآخر، فإن الشعب الفلسطيني الذي يقف خلف مقاومته مصمم على نيل كرامته وصونها بعد
كل الذي فعله الكيان الغاصب من قتل وتدمير وتشريد.
تلك الحكاية الملهمة ستتحول يوما ما إلى قصة ملهمة
عالمية، وإن كان العالم الغربي وعملاؤه يسعون إلى تهميش وطمس وتشويه مثل هذا
الصمود الأسطوري، ولكنه بالتأكيد سيجد يوما طريقه إلى عالم الواقع العالمي في
مناطق جغرافية أخرى، بحيث تُستلهم مثل هذه المعارك، ومثل هذا الصمود في مناطق
وزوايا عالمية أخرى، ولعل هذا أكثر ما يقلق الغرب، الذي يسعى بكل ما أوتي من قوة
إلى حرمان وسلب العالم العربي والإسلامي النصر العسكري، لأن هذا النصر العسكري
سيعني فرض إرادته بعيدا كل البعد عن الارتهان، والمساومة، وبعيدا أيضا عن تفاوضاته
ومساوماته التي ينتزع من خلالها دسم النصر، وهو ما أتقنه خلال العقود الماضية.