ظلّت
مصر تحت
حكمٍ عسكريٍّ مباشر أو غير مباشر منذ ثورة 1952، ممّا أحدثت جدلا واسعا حول مستقبل
الديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم. في ظل هذه الظروف، تتزايد التساؤلات حول فرص
مصر في التحرر من الحكم العسكري، وتغيير ديمقراطي حقيقيّ.
كما أن التنبؤ
باحتمالية حدوث ثورة شعبية في أي بلد هو أمر صعب وغير مؤكد بطبيعته، لأنه يعتمد
على عوامل معقدة ودائمة التطور. وفيما يتعلق بمصر، هناك نقاط أساسية التي يجب
أخذها في الاعتبار:
الصراعات
الاقتصادية: تواجه مصر تحديات اقتصادية مثل سوء الإدارة في الملفات الداخلية
المؤدية إلى زيادة التضخم والبطالة والفقر، والتي غذّت تاريخيا السخط العام. وقد
يساهم تدهور الأوضاع الاقتصادية في زيادة الإحباط وإشعال الاحتجاجات.
القمع السياسي:
تعد الحريات المقيدة والمشاركة السياسية المحدودة والمخاوف المتعلقة بحقوق الإنسان
أن تولّد الاستياء والرغبة في
التغيير. يمكن أن يؤثر مدى القمع المتصور على مستوى
الاضطرابات العامة، ولكن أظهرت ثورة 2011 إمكانية التعبئة الجماهيرية في مصر. ومع
ذلك، فإن النجاحات السابقة لا تضمن النتائج المستقبلية.
الحرب الإعلامية:
يجب نشر الوعي عبر الإعلام وتغيير الخطاب الإعلامي ليكون إعلاما ثوريا مناهضا
للحكم العسكري ووجوب التغيير من عسكرية الدولة إلى مدنية الدولة.
التواصل مع
المجتمع الدولي: وجوب التواصل مع المجتمع الدولي لتقديم الدعم الدولي لعملية
التحول الديمقراطي في مصر، واستخدام جميع الوسائل للضغط على النظام لرحيله بدون
عودة.
وهناك عوامل قد
تقلل من فرص اشتعال
الثورة في مصر:
الحملات الأمنية:
اتخذ النظام المصري العسكري المتحكم في الأمور في مصر منذ انقلاب 2013؛ إجراءات
للسيطرة على التحركات المناهضة له عبر حملات التنكيل عبر القتل وحملات الاعتقال
الواسعة، ووضع قيود للحد من التجمعات العامة مثل قانون التظاهر المشين. يمكن أن
تؤدي حملات القمع الفعالة إلى ردع المتظاهرين وتجعل التنظيم صعبا.
الإرهاق العام
للشعب المصري: في أعقاب ثورة 2011 والاضطرابات اللاحقة، قد يشعر بعض المصريين
بالقلق من المزيد من عدم
الاستقرار وبالتالي يعطون الأولوية للاستقرار على المخاطر
المحتملة المرتبطة بالثورة.
عدم وجود معسكر
للثورة موحد: إن حركة المعارضة المنقسمة التي تكافح من أجل تقديم رؤية بديلة واضحة
للمستقبل يمكن أن تعرقل التعبئة والعمل الفعال، فيجب على القوى العاملة أن تُوحّد
جهودها وتشكل جبهة موحدة ضد الحكم العسكري ووجود قيادة موحدة تُنسق جهودها.
الدعم الدولي
للانقلاب: يمكن للدعم الأجنبي للحكومة الحالية أن يوفر الموارد والشرعية، مما قد
يردع الضغوط الخارجية التي قد تشجع التغيير، ومن ذلك تمويل دول الخليج للانقلاب،
وغض النظر من قبل الحكومات الأوروبية عما فعلته الحكومة العسكرية في مصر من
انتهاكات لحقوق الإنسان والشعوب.
ومن المهم أن
نتذكر أن هذه ليست سوى بعض العوامل المؤثرة، وأن الوضع في مصر يتطور باستمرار. من
المستحيل التنبؤ بدقة بفرص حدوث ثورة، وأي تقييم سيكون بطبيعته ذاتيا ومفتوحا
للتفسير.
بدلا من التركيز
على نتيجة ثنائية، من المفيد أكثر النظر في احتمال زيادة الاحتجاجات العامة
والمظاهرات والتعبير عن السخط، والتي يمكن أن تحدث داخل النظام السياسي الحالي أو
تدفع نحو تغيير أكثر أهمية.
في نهاية المطاف،
سوف يعتمد مستقبل مصر على تفاعل معقد بين العوامل الداخلية والخارجية، والزمن وحده
هو الذي سيحدد المسار الذي ستسلكه البلاد.
ولا تزال الفرصة
متاحة أمام مصر للتحرر من القائمة العسكرية، لكن تحقيق ذلك يتطلب جهدا غير عادي من
جميع القوى العاملة المدنية والدولية. يجب على الجميع العمل على التواصل مع أي
مجالٍ مواتية للتغيير المطلوب مستقبل أفضل لمصر.