رصد تقرير أصدرته منظمة حقوقية سورية؛ جانبا من
"محنة"
النساء السوريات اللواتي مررن بتجربة
الاعتقال، سواء كان ذلك
خلال احتجازهن في سجون النظام السوري وما واجهنه من التعذيب وسوء المعاملة والانتهاكات
الجنسية، أو بعد الإفراج عنهن.
واعتمد التقرير الصادر عن الشبكة السورية لحقوق
الإنسان بعنوان "أصوات لا تتزعزع"، على شهادات ثماني نساء واجهن
الاعتقال في سبع محافظات سورية، ثم "أصبحن نازحات أو لاجئات في بلدان أوروبا
وتركيا والداخل السوري، ممن خضن تجارب فريدة وبارزة في الأنشطة التي مارسنها بهدف
تقديم الدعم لمجتمعاتهن قبل أن يتعرضن لمحنة شديدة تتجلى في الاعتقال التعسفي وما
يتضمنه من تعذيب بمختلف أنماطه بما فيه العنف الجنسي والاختفاء القسري في مراكز
الاحتجاز التابعة لقوات النظام السوري، نتيجة تبنيهنَّ أدوارا فاعلة منذ انطلاق
الحراك الشعبي نحو الديمقراطية في آذار/ مارس 2011".
وبحسب التقرير، فما زالت ما لا يقل عن 10197 امرأة "قيد
الاعتقال أو الاختفاء القسري على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة" في
سوريا
منذ آذار/ مارس 2011 حتى 31 كانون الأول/ ديسمبر 2023، منهن 8493 امرأة احتجزن على
يد قوات النظام السوري، و255 امرأة على يد تنظيم داعش، و45 امرأة على يد هيئة تحرير
الشام، و878 سيدة على يد فصائل المعارضة المسلحة، و526 سيدة على يد قوات سوريا
الديمقراطية.
وهذا يعني أن "النظام السوري هو المسؤول عما لا
يقل عن 83 في المئة من حالات الاعتقال والاختفاء القسري مقارنة مع بقية أطراف
النزاع. وهذا يدل على تعمد النظام السوري ملاحقة واعتقال/ احتجاز وإخفاء السيدات
بدوافع متعددة وعلى نحوٍ مخطط ومدروس"، بحسب التقرير.
ووثق التقرير مقتل 115 امرأة بسبب التعذيب على يد
أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا منذ آذار/ مارس 2011 حتى 31 كانون الأول/
ديسمبر 2023.
ولفت التقرير إلى تسجيل ما لا يقل عن 21 امرأة مختفية
قسريا لدى قوات النظام السوري على أنهن متوفيات في دوائر السجل المدني، وذلك منذ
مطلع عام 2018 حتى 31 كانون الأول/ ديسمبر 2023، كما تم تحديد هوية ما لا يقل عن
11 امرأة مختفية قسريا لدى قوات النظام السوري؛ من خلال الصور المسربة لضحايا
التعذيب من المشافي العسكرية (صور قيصر)، وذلك منذ مطلع عام 2015 حتى 31 كانون
الأول/ ديسمبر 2023.
كما سجل التقرير ارتكاب "أطراف النزاع والقوى
المسيطرة في سوريا" ما لا يقل عن 10060 حادثة عنف جنسي استهدفت النساء، مشيرا
إلى أن "النظام السوري مسؤول عن قرابة 75 في المئة من حالات العنف الجنسي
المسجلة، يليه تنظيم داعش، ويعود ذلك لاستخدامهما أسلوب العنف الجنسي كأداة حرب
وانتقام لترهيب المجتمع، ثم فصائل المعارضة المسلحة/قوات الجيش الوطني وقوات سوريا
الديمقراطية الذين عمدوا إلى استخدام العنف الجنسي كأداة تمييزية لابتزاز الضحية
وذويها".
وبحسب التقرير، فإن عمليات اعتقال النساء التي نفذتها
قوات النظام السوري جرت بطرق متعددة؛ أثناء مرورهن على نقاط التفتيش والمعابر
الحدودية وتنقلهن بين المدن، أو من خلال الكمائن الأمنية عبر استدراجهن بطرق
مختلفة للإيقاع بهن بهدف اعتقالهن، أو عبر مداهمة منازلهن وأماكن إقامتهن أو أماكن
عملهن أو جامعاتهن، أو عبر اقتحام الأنشطة المعارضة من تظاهرات ووقفات احتجاجية، أو
أثناء تأديتهن للأعمال الإنسانية كمساعدة النازحين والجرحى، أو من خلال خطفهن من
الشوارع والأماكن العامة، أو عبر استدعائهن للأفرع الأمنية للتحقيق ثم اعتقالهن،
أو أثناء زيارتهن لمراكز الاحتجاز المدنية لرؤية أقربائهن المحتجزين/ المعتقلين.
وكذلك بعد خروجهن من المناطق التي شهدت عمليات حصار من قبل قوات النظام، ومرورهن
من المعابر التي أنشأتها قوات النظام السوري.
وأشار التقرير إلى استهداف النساء على خلفية دورهن
وأنشطتهن التي قمن بها من مشاركتهن في تظاهرات واعتصامات سلمية من أجل التغيير
السياسي، وبمختلف الأنشطة المدنية والإعلامية والحقوقية والإنسانية، بما في ذلك
تقديم المساعدات والرعاية للنازحين والجرحى والأطفال والأسر المتضررة.
ولفت التقرير إلى أن "محنة الاعتقال التعسفي لا
تنتهي بخروج المعتقلات من مراكز الاحتجاز، بل تمتد آثارها إلى ما بعد خروجهن
ويتعرضن لانتهاكات متعددة، وتفرض عليهن
تحديات إضافية في شكل حياتهن".
وأورد التقرير ما وصفها بـ"قصص النجاح" للعديد
من النساء السوريات اللواتي "واجهن
الانتهاكات والتحديات بشجاعة وجرأة".