قالت صحيفة
واشنطن بوست، إنه على الرغم من
القنبلة الخطابية المرعبة، التي فجرها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب
بشأن روسيا والناتو، وأثارت مخاوف الغرب، فإن الرئيس الحالي جو
بايدن يثير قلق
عدد لا يحصى من النخب السياسية، بسبب تواطئه مع إسرائيل في مجازرها بغزة.
وأوضحت في تقرير
ترجمته "عربي21" أنه بحسب التقارير، "يشعر بايدن بالإحباط بسبب
النهج المتشدد الذي يتبعه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين
نتنياهو تجاه الصراع،
لكنه قاوم الضغوط الداخلية من مساعديه وحلفائه الديمقراطيين لبذل المزيد من الجهد
لكبح الحملة الإسرائيلية، ناهيك عن فرض شروط على المساعدات العسكرية المستقبلية
للدولة اليهودية".
وأشارت إلى أن بايدن
"الذي يقول مساعدوه إن لديه ارتباطا عميقا بالدولة اليهودية، يميل إلى النظر
إلى رئيس الوزراء ودولة إسرائيل على أنهما نفس الشيء، وفقا للعديد من الأشخاص
المطلعين على تفكيره، ويجد صعوبة مع فكرة انتقاد رئيس وزراء إسرائيلي في الحكم،
خاصة في زمن الحرب".
حتى أن كبير دبلوماسي
أوروبا قدم توبيخا مستترا لموقف بايدن المشوش، فقال جوزيب بوريل الممثل الأعلى
للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للصحفيين، يوم الاثنين:
"كم مرة سمعت أبرز القادة ووزراء الخارجية حول العالم يقولون إن عددا كبيرا
جدا من الناس يقتلون؟"، في إشارة إلى تصريحات بايدن الأخيرة بأن سلوك إسرائيل
في الحرب "تجاوز المعقول".
وأضاف بوريل:
"إذا كان المجتمع الدولي يعتقد أن هذه مذبحة، وأن عددا كبيرا جدا من الأشخاص
يقتلون، فربما يتعين علينا أن نفكر في توفير الأسلحة".
لكن بايدن والعديد من
نظرائه الأوروبيين تجاهلوا إلى حد كبير دعوات المتظاهرين وبعض المشرعين في بلدانهم
لفرض وقف إطلاق النار، أو اتخاذ إجراءات لإحباط الهجوم الإسرائيلي الأخير في رفح.
كما لم يتم الالتفات إلى أمر قضائي من محكمة العدل الدولية، أعلى محكمة في الأمم
المتحدة، يطالب إسرائيل باتخاذ خطوات لتحسين حماية حياة المدنيين في
غزة. ويعتقد
بعض مسؤولي الأمم المتحدة بالفعل أن إسرائيل تنتهك هذه المطالب.
ووفقا للجنة تابعة
للأمم المتحدة، استشهد واحد من كل 100 شخص في غزة في الأيام المئة الأولى من العدوان،
وهو معدل أعلى من أي حرب في القرن الحادي والعشرين.
وأشارت لجنة الأمم
المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا إلى أن "الحرب المستمرة تبرز على
أنها غير مسبوقة من حيث حجم الموت والدمار والمعاناة، مع تداعيات سيتردد صداها للأجيال
القادمة".
لقد أدت حصيلة الحرب
إلى تحويل الرأي العام ضد إسرائيل في معظم أنحاء العالم. كما أثارت غضبا شديدا
تجاه الجهات الغربية التي تساعد إسرائيل، وعلى رأسها الولايات المتحدة، بسبب نهجها
الانتقائي تجاه "النظام الدولي القائم على القانون".
وقالت إن بايدن رسخ هذا
المفهوم في قلب الأسباب التي تجعله يدعي أن الولايات المتحدة يجب أن تدافع عن
أوكرانيا، بحجة أنه لا يمكن السماح لبوتين بإظهار أن القوة على حق.
وبالنسبة للمراقبين
خارج الغرب، خاصة في الشرق الأوسط والعالم العربي، فإن المعايير المزدوجة أصبحت
أكثر حدة مع ارتفاع عدد الشهداء من المدنيين الفلسطينيين.
ونقلت عن محمد البرادعي،
الدبلوماسي المصري السابق والرئيس السابق للوكالة الذرية التابعة للأمم المتحدة،
في مقال الشهر الماضي: "لقد فقد العالم العربي والإسلامي الثقة في المعايير
الغربية المتصورة: القانون والمؤسسات الدولية، وحقوق الإنسان، والقيم
الديمقراطية.. ومن وجهة نظرهم، فإن الغرب نفسه يظهر أن القوة الغاشمة تتفوق على كل
شيء آخر".
وكتبت الصحفية نسرين
مالك في صحيفة الغارديان: "عندما يصبح العالم الأقل أمانا ثمنا مقبولا مقابل
الولاء للحلفاء، فإن ادعاء الغرب بالسلطة باعتباره الوصي السياسي والعسكري للقانون
والنظام يبدو ضعيفا بشكل متزايد".
وقالت الصحيفة، إنه يمكن
القول إن المخاطر كبيرة، وربما أعلى من تلك التي تزنها أوروبا عندما يتعلق الأمر
بأمنها الجماعي في المستقبل.
واقترح ريناد منصور من
مركز تشاتام هاوس للأبحاث في بريطانيا، أنه إذا "فشل النظام الدولي القائم على
القواعد علنا مرة أخرى من خلال إثبات عدم قدرته على الاتفاق على وضع حد لإراقة
الدماء غير المسبوقة في غزة، فإن ذلك سيزيد من تقويض ثقة العالم في المؤسسات التي
بنيت لخدمته، وربما تساهم في انهيارها بالكامل، ويجب على القادة الغربيين أن يفكروا
مليا في هذه اللحظة التاريخية، وما قد يأتي بعد ذلك".