نشرت
صحيفة "
نيويورك تايمز" مقالا للصحفيين زولان كانو يونغز وباتريك كينغسلي
قالا فيه إنه في الوقت الذي كان يجلس فيه وزير الخارجية أنتوني بلينكن مع رئيس
الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هذا الأسبوع، فقد كان المسؤولون الأمريكيون والعرب
يعبرون عن تفاؤل حذر بشأن الاقتراح الأخير من حماس لوقف إطلاق النار في قطاع
غزة.
ولكن
بعد ساعات فقط من التحدث إلى بلينكن،
بدا نتنياهو أكثر تصميما على إيصال رسالة
نارية تستهدف جمهوره المحلي. وبدلا من الظهور جنبا إلى جنب في مؤتمر صحفي مع وزير
الخارجية بعد لقائهما يوم الأربعاء – كما هو معتاد في مثل هذه الرحلات – فقد استبقه نتنياهو.
وفي اجتماعه مع الصحفيين على انفراد، ندد بالاقتراح ذاته الذي اعتبره الأمريكيون
مدخلا محتملا لحل تفاوضي.
وقال
نتنياهو: "إن الاستسلام لمطالب حماس السخيفة – التي سمعناها للتو – لن يؤدي
إلى تحرير الرهائن، ولن يؤدي إلا إلى مذبحة أخرى". بعد ذلك بوقت قصير،
قدم بلينكن تقييمه الخاص، والأكثر دقة،
لعرض حماس في مؤتمر صحفي في القدس، قائلا إنه على الرغم من أن العرض "لا
يحتوي على نقاط واضحة"، فإنه يترك أيضا مساحة للتوصل إلى اتفاق.
ويوم
الخميس، عندما أنهى بلينكن زيارته الخامسة
للشرق الأوسط خلال الأشهر الأربعة منذ بدء الحرب في غزة، فقد كان من الواضح أن
العلاقات بين إدارة بايدن ونتنياهو أصبحت مشحونة بشكل متزايد. وأثار ذلك تساؤلات
حول مدى طول العملية للتوصل إلى اتفاق لإنهاء الصراع.
ويحاول بلينكن ضمان وقف إطلاق النار في غزة، وإطلاق
سراح الرهائن الإسرائيليين الذين تحتجزهم حماس، وفي نهاية المطاف، عملية سلام أوسع
في المنطقة. لكن يبدو أن إحدى العقبات التي واجهته خلال زيارته كانت الضغوط
السياسية الداخلية الكبيرة التي تواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي.
وحاول بلينكن أن ينقل إلى نتنياهو أن الولايات المتحدة، بالعمل مع
حلفائها العرب، تقدم حوافز كبيرة للتوصل إلى اتفاق سلام. وتشمل هذه الانفتاح على
المساعدة في إعادة بناء غزة، فضلا عن احتمال إقامة علاقات دبلوماسية رسمية بين "إسرائيل"
والسعودية، وهي قوة إقليمية، إذا وافق الإسرائيليون على عملية تؤدي إلى قيام دولة
فلسطينية وتشمل الحكم الفلسطيني لغزة.
ولكن
إذا أعطى نتنياهو الأولوية لجمهوره المحلي
في المفاوضات مع حركة حماس، فإنه قد ينفد صبر الزعماء العرب الذين يشعرون بالإحباط المتزايد
بسبب العدد المتزايد من القتلى المدنيين الفلسطينيين في غزة.
وقال
بلينكن: "سيكون الأمر متروكا للإسرائيليين ليقرروا ما يريدون القيام به، ومتى
يريدون القيام به، وكيف يريدون القيام به. لن يتخذ أحد هذه القرارات نيابة عنهم.
كل ما يمكننا فعله هو أن نبين ما هي الاحتمالات، وما هي الخيارات، وما يمكن أن
يكون عليه المستقبل، ومقارنته بالبديل. والبديل الآن يبدو كأنه حلقة لا نهاية لها
من العنف والدمار واليأس".
وعلى
الرغم من المكافآت المحتملة لاتفاق السلام، فقد بدا نتنياهو عازما على المضي قدما في الحرب.
وعادت
التوترات الأمريكية الإسرائيلية إلى الظهور بعد أن استجابت حركة حماس لخطة لإنهاء
الأعمال العدائية التي وضعتها الولايات المتحدة و"إسرائيل" ومصر وقطر.
ودعت حركة حماس "إسرائيل" إلى الانسحاب من غزة، وإنهاء حصارها الطويل الأمد
للقطاع، وإطلاق سراح السجناء الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية مقابل إطلاق سراح
أكثر من 100 رهينة إسرائيلية في غزة. وتحتجز "إسرائيل" أكثر من 9000
سجين فلسطيني، وفقا لمنظمة "هاموكيد" الحقوقية الإسرائيلية، نقلا عن
بيانات قدمتها خدمة السجون الإسرائيلية.
وبعد
ساعات فقط من لقائه بالوزير بلينكن، رفض نتنياهو شروط حماس لأن "إسرائيل" لا تريد الانسحاب بالكامل من
غزة أو السماح لحماس بالاحتفاظ بأي سيطرة على المنطقة.
ويدرس
نتنياهو أيضا رد فعل الجمهور الإسرائيلي، الذي ترى أجزاء كبيرة منه أن هزيمة حماس
هي أولوية أعلى الآن من صفقة الرهائن. ويتعين عليه أيضا تهدئة الجناح اليميني
المتطرف في ائتلافه، الذي هدد بالانسحاب من الحكومة، وهو الأمر الذي قد يؤدي إلى
الإطاحة به.
وقد هدد
شريكه اليميني المتطرف في الائتلاف ووزير الأمن القومي، إيتامار بن غفير، مؤخرا
بالاستقالة إذا تفاوض نتنياهو على اتفاق مع حماس يحرر الرهائن لكنه يسمح للجماعة
بالاحتفاظ بالسلطة.
وقال
نادر هاشمي، أستاذ سياسات الشرق الأوسط في جامعة جورج تاون: "بينما يدعي نتنياهو
أنه يدافع عن مصالح الأمن القومي الإسرائيلي في غزة، فإن لدى نتنياهو حافزا شخصيا
لمواصلة هذه الحرب وتوسيع نطاقها، إن أمكن، مع العلم أنه بمجرد انتهاء هذه الحرب،
سيصل يوم حسابه مع الشعب الإسرائيلي وستنتهي حياته المهنية أيضا".
وقال هاشمي: "لقد أشرف على الأمن القومي في 7 تشرين
الأول/ أكتوبر، وسيطالب الإسرائيليون بالمحاسبة عن ما حدث.. هذا يعقد المفاوضات بين
بلينكن وبيبي [نتنياهو] وقد يخرج المفاوضات لوقف إطلاق النار مع حماس عن مسارها
تماما".
وقد
رفض نتنياهو الادعاءات القائلة بأنه سمح
للاعتبارات الشخصية بأن تحل محل المصالح الإسرائيلية. وردا على طلب للتعليق، قال
مكتبه إن منتقديه في الخارج "لا يدركون أن رئيس الوزراء يعكس وجهة نظر معظم
الإسرائيليين".
ويقول
مسؤولو إدارة بايدن إن المفاوضات ستستمر في الأيام المقبلة، وقال بلينكن إنه لا يزال يعتقد أنه يمكن أن يكون
هناك توافق في الآراء. وعلى الرغم من تصريحات نتنياهو في اليوم السابق، فقد أشار
مسؤولون إسرائيليون يوم الخميس إلى أن "إسرائيل" لا تزال منفتحة على
التفاوض.
وقال
ميكي زوهار، الوزير الحكومي، في مقابلة إذاعية صباح الخميس: "هناك اتفاق بين
أعضاء الائتلاف الحاكم، وخاصة بين أعضاء الحكومة، على أنه يتعين علينا استعادة
الرهائن والتوصل إلى اتفاق".
وقال زوهار: "ولكن ليس بأي ثمن. وقف الحرب، على
سبيل المثال، لن يوافقوا عليه".
يعتقد
القادة الإسرائيليون أن مطالب حركة حماس الأساسية غير مقبولة، ولكن كان هناك مجال
للمناقشة إذا بدا العرض وكأنه محاولة افتتاحية، وفقا لمسؤولين حكوميين إسرائيليين
تحدثا بشرط عدم الكشف عن هويتيهما لمناقشة مسألة حساسة.
وفي حين
أن نتنياهو قد لا يكون قادرا على الموافقة
على وقف دائم للقتال أو إطلاق سراح جميع السجناء الفلسطينيين، فإنه قد يوافق على
إطلاق سراح ما يقرب من 1000 سجين خلال هدنة مدتها شهر، كما قال نداف شتراوشلر،
المحلل السياسي الذي كان في السابق مستشار الاستراتيجية الإعلامية لنتنياهو.
وقال
شتراوشلر إن الهدنة الأطول، كما اقترحت حماس، يمكن أن تصبح دائمة بسهولة، وهو أمر
لا يمكن لنتنياهو التعايش معه.
وقال شتراوشلر: "لقد ترك النافذة مفتوحة. لقد
تم إغلاق الباب، ولكن النافذة لا تزال مفتوحة. ليس من أجل تلك الصفقة التي لا
يستطيع قبولها، ولكن من أجل صفقة مختلفة".
وقال
آرون ديفيد ميلر، مفاوض السلام في الشرق الأوسط منذ فترة طويلة ويعمل الآن في مؤسسة
كارنيغي للسلام الدولي: "يواجه نتنياهو قيودا سياسية هائلة في الموافقة على
أي شيء يشبه ما تريده حماس على ما يبدو".
وأضاف:
"في الواقع، إن الطرف الوحيد الذي يبدو أنه في عجلة من أمره هو إدارة بايدن.
إنهم يريدون تغيير الصورة الكارثية في غزة؛ تخفيف الضغوط السياسية في الداخل
ومحاولة إنهاء ذلك بصفقة إسرائيلية سعودية. المشكلة هي، بناء على تجربتي، أن
مفاوضات الشرق الأوسط لها سرعتان – بطيئة وأبطأ".