نشر موقع "
أويل برايس" الأمريكي، تقريرا، تحدّث فيه عن التحديات التي يواجهها الرئيس الأمريكي،
جو بايدن، في مجال صناعة الغاز الطبيعي المسال، حيث وجد نفسه في مأزق بين إرضاء الناخبين أو توسيع إمكانيات الصادرات.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن دراسة نشرتها جامعة "كورنيل" في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، أشارت إلى أن "الغاز الطبيعي المسال أسوأ من الفحم بالنسبة للمناخ". ولم يكن أحد يعلم في ذلك الوقت أن هذه الدراسة ستضع الحكومة الفيدرالية الأمريكية في معضلة في وقت تقود فيه البلاد العالم في صادرات الغاز الطبيعي المسال.
من شأن هذه المعضلة أن تقوّض تلك الريادة أو ستكلف الديمقراطيين بعض أصوات أنصار حماية البيئة. أشرف عالم الكيمياء الحيوية وعالم النظام البيئي في جامعة كورنيل، روبرت وارن هوارث، على هذه الدراسة التي خلقت المعضلة.
وقدمها لأول مرة عالم البيئة البارز، بيل ماكيبين، في مجلة "نيويوركر"، حيث زعم أن الغاز الطبيعي المسال أسوأ من الفحم بالنسبة للمناخ لأن إنتاجه ينطوي على تسرب غاز الميثان في كل مرحلة من مراحل العملية. وفي هذا الصدد، أخبر هوارث ماكيبين أن: "التوقّف عن استخدام الغاز الطبيعي المسال يجب أن يكون أولوية عالمية".
سارع علماء البيئة إلى اغتنام الفرصة بينما تنتظر العديد من مشاريع الغاز الطبيعي المسال الجديدة الموافقة النهائية من السلطات الفيدرالية لبدء الإنشاء. لقد ركّزوا على مشروع "سي بي 2" التابع لشركة "فنتشر غلوبال". وإذا تم بناؤه، فسيكون أكبر منشأة للغاز الطبيعي المسال في الولايات المتحدة بقدرة إنتاج تصل إلى 24 مليون طن من الغاز المسال سنويًا.
وربما قرر الناشطون استهداف مشروع "سي بي 2" بسبب حجمه، وقد أسفر هذا الهجوم عن نتائج. وكانت إدارة بايدن تضع اللمسات الأخيرة للموافقة على المشروع، ولكن في أعقاب هجوم الناشطين، قال
البيت الأبيض: إنه "سيجري مراجعة لإجراءات الموافقة على مشروع الغاز الطبيعي المسال الفيدرالي".
أثارت هذه الأخبار، التي نشرتها صحيفة "بوليتيكو" لأول مرة نقلاً عن مصادر لم تذكرها من الإدارة، القلق في صناعة الطاقة حيث اشتبه الكثيرون في أنها لن تؤدي إلا إلى إبطاء إجراءات الموافقة، وربما موافقات أقلّ لأن التقييم سيشمل التأثيرات المناخية.
وقد لاحظت وكالة "رويترز" كيف تغيرت أوقات الموافقة على سعة الغاز الطبيعي المسال الجديدة خلال الإدارات الثلاث الماضية. ففي عهد بايدن، انتقلت عملية الموافقة من سبعة أسابيع (في عهد ترامب) إلى أحد عشر شهرًا. وأظهرت بيانات من وزارة الطاقة أنه حتى خلال رئاسة أوباما، كانت الموافقات على محطات الغاز الطبيعي المسال تستغرق أقل مما هي عليه الآن في عهد بايدن.
لكن أخبار المراجعة لم ترضِ الناشطين. بل على العكس من ذلك، استمر الهجوم مع دعوات إلى وضع حد لصناعة الغاز الطبيعي المسال بسبب تأثيرها الملوث على المجتمعات الساحلية في لويزيانا، وذلك حسب تلك المجتمعات نفسها، ولأنه مضر بالمناخ العالمي، حسب ناشطين آخرين.
ووسط الزخم المتزايد، قرر البيت الأبيض تأجيل أي قرار قد يتخذه بشأن هذه القضية. مؤكدا هذه المعلومات هذا الأسبوع، قائلا إنه "سيوقف مؤقتًا جميع الموافقات على سعة الغاز الطبيعي المسال الجديدة". وحسب التقارير، يمكن أن يمتد التأخير إلى ما بعد الانتخابات في تشرين الثاني/ نوفمبر، وهي خطوة سلّطت الضوء على المعضلة التي وقعت فيها الإدارة.
أشار
الموقع إلى أن "الولايات المتحدة أصبحت أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم". وهذا موقف مناسب تمامًا من وجهة نظر جيوسياسية. وتعتمد أوروبا، بشكل خاص، على الولايات المتحدة في الحصول على معظم الغاز الذي تشتريه بعد توقف تدفقات الغاز الروسي عبر خطوط الأنابيب، وتعهد الاتحاد الأوروبي بالتوقف عن استخدام الغاز الروسي في المستقبل. وبالنسبة لمستشاري الأمن القومي، فإن هذه المكانة كأكبر مصدر يعتبر بالتأكيد ذا صلة بمجال خبرتهم.
نقل الموقع عن الرئيس التنفيذي لمجلس الاستكشاف والإنتاج الأمريكي، وهو رابطة المستقلين في مجال النفط والغاز، في تعليق على النبأ الذي نقلته شركة "إنرجي واير"، أن "أي إجراء أو خطة مستقبلية لعرقلة صادرات الغاز الطبيعي المسال الأمريكية، بما في ذلك الإيقاف المؤقت الذي أعلنه البيت الأبيض بشأن مشروع "سي بي 2"، هو سياسة مضللة تقوّض الاقتصاد الأمريكي وأمن حلفائنا وأهداف الانبعاثات العالمية".
وحسب الموقع، كانت شركة "فنتشر غلوبال" نفسها أكثر صراحة في رد فعلها على الأخبار المتعلقة بالقرار المؤجل. وقالت شايلين هاينز، وهي المتحدثة باسم مطور مشروع "سي بي 2"، في بيان: "يبدو أن الأفراد داخل البيت الأبيض يحاولون فرض عملية صنع السياسات من خلال التسريبات إلى وسائل الإعلام. ويستمر هذا في خلق حالة من عدم اليقين بشأن ما إذا كان حلفاؤنا يستطيعون الاعتماد على الغاز الطبيعي المسال الأمريكي لضمان أمنهم الطاقي".
من الصعب الجدال مع ذلك؛ في الواقع، تؤدي مثل هذه التأخيرات إلى خلق حالة من عدم اليقين ليس فقط بالنسبة للمشروع الذي يقع حاليًا في بؤرة الاهتمام العام، وإنما بالنسبة للآخرين أيضًا، حوالي 16 مشروعًا، ومع ذلك، كان التأخير أمرًا لا مفر منه.
وصلت إدارة بايدن إلى السلطة بناءً على موجة من الوعود بوضع الولايات المتحدة على الطريق المؤدي إلى نظام انبعاثات صفري والقطع تدريجيًا مع النفط والغاز والفحم. في ذلك الوقت، لم يكن الغاز يحظى بالكثير من الاهتمام السلبي، لكن الحديث عن تسرّب غاز الميثان بدأ يتزايد.
وبعد مرور أربع سنوات، أصبح الغاز الطبيعي هدفا مشروعا، حيث يُزعم أن مواقد الغاز تسبب الربو، وقد حل غاز الميثان في بعض الدوائر محل ثاني أكسيد الكربون باعتباره العدو المطلق للمناخ، والغاز الطبيعي المسال أسوأ عشرين مرة من الفحم.
وذكر الموقع أن الوعود الخاصة بالانتقال هي التي مثّلت مصدر إزعاج لإدارة بايدن. لقد ربطت سياسات الطاقة الخاصة بها بالالتزامات التي تعهدت بها خلال الحملة الانتخابية، حتى مع إدراك تلك الإدارة نفسها للمزايا السياسية المتمثلة في إنتاج الكثير من الهيدروكربونات وتصدير كميات قياسية منها. وكان بايدن هو من وعد أوروبا بأن الولايات المتحدة سوف تنقذها من نقص الغاز في سنة 2022. وقد أوفى بوعده دون أن يبذل أي جهد.
وفي الوقت الراهن، يتعين على الحكومة الفيدرالية إما أن تخيب آمال حلفائها عبر المحيط الأطلسي وأن توقع بشكل أساسي حكم الإعدام على صناعة الغاز الطبيعي المسال، أو تثير غضب آلاف الناخبين المدافعين عن المناخ في الطيف السياسي.