في الوقت الذي تستمر فيه
قيادة
حزب العمال البريطاني بالتمسك بمواقفها في دعم إسرائيل بقوة، فإنها طرحت مؤخرا ما بدا أنها محاولات لإرضاء قسم من مؤيدي
فلسطين، عبر موقفين؛ أحدهما يعارض
قطع تمويل
الأونروا وآخر يشدد على ضرورة السعي للاعتراف بالدولة الفلسطينية دون
انتظار المفاوضات النهائية.
وفي هذا السياق، قال وزير الخارجية
في حكومة الظل العمالية، ديفيد لامي، تعليقا على قرار الحكومة البريطانية مع دول
أخرى بقطع التمويل عن منظمة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)
بزعم مشاركة موظفين في الوكالة في هجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر: "المساعدات
التي تدخل
غزة يجب أن تزيد لا أن تنقص".
وبينما أشار إلى أن "المزاعم بحق عدد من موظفي الأونروا
المتهمين بالمشاركة في هجمات 7 تشرين الأول/ أكتوبر الإرهابية صدمت الجميع في مجلس
العموم. وكل من تورط تجب محاسبته بقوة القانون"، أضاف خلال نقاش في البرلمان:
"من الصواب أن الأونروا قد استجابت بسرعة بإنهاء عقود الموظفين الذين يُزعم
تورطهم وأطلقت تحقيقا. وفي الأثناء ورغم ذلك فإن الحالة الإنسانية الطارئة في غزة
لا يمكنها الانتظار.. 25 ألف شخص ماتوا بينهم آلاف النساء والأطفال، 85 في المئة
من السكان نزحوا، مليونان يواجهون خطر المجاعة".
ولأول مرة يتحدث فيها حزب
العمال عن حجم الخسائر بين المدنيين في غزة بهذا التفصيل.
وتابع: "لا نستطيع ترك
الفلسطينيين يفقدون المساعدات التي تنقذ حياتهم بسبب إرهابيي حماس" وفق
تعبيره، وتساءل عن الفترة التي سيستغرقها استئناف المساهمة البريطانية في تمويل
الأونروا.
وكان لامي قد قال في وقت
سابق، في منشور له على منصة "إكس": "تعاني غزة من حالة طوارئ
إنسانية، ويجب أن تزداد المساعدات الواردة إليها لا أن تتوقف. يجب أن تستمر عمليات
الأونروا الحالية، ويجب على الحكومة أن تحدد مسارا واضحا وسريعا لعودة التمويل في
المستقبل. لا يمكننا أن نترك الفلسطينيين الأبرياء يفقدون المساعدات المنقذة
للحياة".
من جانبها، قالت وزيرة الظل
للتنمية الدولية في الحزب، النائبة ليزا ناندي؛ إن عمليات الوكالة يجب أن تستمر في
قطاع غزة، بالتزامن مع التحقيقات بشأن تورط موظفي الوكالة بالهجمات.
وتابعت في منشور لها على
المنصة ذاتها: "هناك حالة طوارئ إنسانية، ويجب أن تصل المساعدات إلى كل جزء
من غزة".
الدولة الفلسطينية
من جهة أخرى، رحّب لامي بما قال
إنه تبن من حكومة المحافظين للسياسة الجديدة لحزب العمال بشأن الاعتراف بالدولة
الفلسطينية.
وقال لامي: "حزب العمال
دعم الاعتراف بفلسطين. (زعيم الحزب) كير ستارمر قال إن الاعتراف ليس هدية من الجار،
هو حق غير قابل للإلغاء للشعب الفلسطيني"، مضيفا: "أرحب بتبني وزير
الخارجية هذا الموقف ورفض المذكرة بأن يكون الاعتراف فقط كنتيجة للمفاوضات، وذلك
بعد التعليقات غير المقبولة من قبل رئيس الوزراء (الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو"؛
الذي أعلن رفضه لقيام دولة فلسطينية.
ولاحقا كتب لامي:
"الاعتراف يجب ألا ينتظر اتفاق الوضع النهائي، يجب أن يكون جزءا من جهود
لتحقيق ذلك (الاتفاق)".
من جهته، قال وزير الخارجية
البريطاني ديفيد كاميرون، إن بلاده تدرس "الاعتراف بالدولة الفلسطينية
رسميا"، مشددا على ضرورة "إظهار تقدم لا رجعة فيه نحو حل الدولتين للشعب
الفلسطيني".
وقال كاميرون الذي يبدأ هذا
الأسبوع زيارته الرابعة للمنطقة منذ تعيينه وزيرا للخارجية في تشرين الثاني/
نوفمبر الماضي، إنه "يجب منح الفلسطينيين أفقا سياسيا لتشجيع السلام في الشرق
الأوسط".
وأضاف أنه "سيتم النظر
مع الحلفاء في مسألة الاعتراف بالدولة الفلسطينية، بما في ذلك في الأمم
المتحدة"، مؤكدا أن المملكة المتحدة "تتحمل مسؤولية تحديد الشكل الذي
ستبدو عليه الدولة الفلسطينية".
واقترح أن
بريطانيا
"يمكن أن تمنح اعترافا دبلوماسيا رسميا بالدولة الفلسطينية، ليس كجزء من
اتفاق سلام نهائي، ولكن في وقت مبكر، خلال المفاوضات نفسها"، وفقا لهيئة
الإذاعة البريطانية "بي بي سي".
وكان ستارمر قد أعلن في وقت
سابق تخلي الحزب عن السياسة السابقة بالاعتراف الأحادي بالدولة الفلسطينية بمجرد
فوزه بالانتخابات، وهي السياسة التي كان قد وضعها الزعيم السابق جيرمي كوربين.
وأوضح أن الحزب يتبنى حل
الدولتين، لكن "الاعتراف (بالدولة الفلسطينية) يجب أن يكون جزءا ملائما من
العملية"، مشترطا أن يكون الاعتراف بالتنسيق مع مجموعة من الدول الأخرى.
وكانت لجنة السياسات في الحزب
قد صاغت توصيات بهذا الصدد في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وصادقت عليها اللجنة
الوطنية التنفيذية للحزب لاحقا.
وتنص السياسة التي أقرتها
اللجنة على "العمل مع الشركاء الدوليين للاعتراف بدولة فلسطين إلى جانب دولة
إسرائيل، كجزء من الجهود للمساهمة في تأمين حل للدولتين متفاوض عليه".
ويشار إلى أن ستارمر كان قد
اتخذ مواقف داعمة للعدوان الإسرائيلي على غزة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، بما في
ذلك الحصار الشامل على غزة وقطع إمدادات المياه والكهرباء والغذاء عن السكان، وهو
ما اعتبره حقوقيون "تواطؤا" مع جرائم الحرب ضد المدنيين في غزة.
كما يرفض ستارمر الضغوط
المكثفة من داخل حزبه، وخصوصا من جانب الأعضاء المسلمين في الحزب، لتبني الدعوة
لوقف إطلاق النار في غزة، مكررا موقف حزب المحافظين الحاكم بشأن ضرب قدرات حماس
أولا.
ورغم المواقف التي عبّر عنها
لامي، فإن قيادة الحزب تحظر انتقاد إسرائيل، ومؤخرا تم تجميد عضوية النائبة كيت
أوسامور بسبب إشارتها إلى "الإبادة الجماعية" في غزة.