نشرت صحيفة "
فاينانشيال
تايمز" البريطانية تقريرًا تحدثت فيه عن حظوظ
ترامب في الفوز بأصوات قاعدة
الحزب الجمهوري.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته
"عربي21"، إنه بعد ظهر يوم 6 كانون الثاني/ يناير الذي يوافق الذكرى
السنوية الثالثة لهجوم أنصار ترامب على مبنى الكابيتول الأمريكي، توجّه دونالد
ترامب إلى مدرسة على ضفاف نهر المسيسيبي ليطلب من الناخبين إعادته إلى البيت
الأبيض. وستكون المؤتمرات الحزبية في ولاية أيوا بمثابة الخطوة الأولى للحزب
الجمهوري نحو اختيار منافسٍ لمواجهة جو
بايدن، الرئيس الديمقراطي البالغ من العمر
81 عامًا. ومن المتوقع أن يدليَ أقلّ من 200 ألف ناخب من أصل 335 مليون نسمة
بأصواتهم في دورة
الانتخابات الرئاسية لسنة 2024 وتحديد مسار السباق.
قبل ثلاث سنوات، بدا من غير المحتمل أن
يكون ترامب منافسًا. وبعد هزيمة العديد من مرشّحي الحزب الجمهوري المفضلين
للكونغرس في انتخابات التجديد النصفي لسنة 2022، بدت عودته أقلّ احتمالا. لكن
الرئيس السابق البالغ من العمر 77 سنة هو المرشح الأوفر حظًا للفوز بترشيح الحزب
الجمهوري. وعلى الرغم من أن استطلاعات الرأي في الانتخابات العامة لا يمكن
الاعتماد عليها حتى اللحظة الراهنة قبل انتخابات تشرين الثاني/ نوفمبر، يتمتّع
ترامب بفارق ضئيل للغاية على المستوى الوطني على الرئيس الحالي بايدن.
وفي حال استمرت هذه الديناميكية، وخرج
ترامب منتصرا من معركة الترشيح، فسوف يتسبب ذلك في إثارة قلق عميق بين بعض أقرب
حلفاء الولايات المتحدة في مختلف أنحاء العالم قبل الانتخابات الرئاسية. وقد سعى
بايدن إلى إعادة بناء علاقات الولايات المتحدة تجاه شركائها التقليديين، من أوروبا
إلى منطقة المحيطين الهندي والهادئ، بعد تصدّعها في ظلّ إدارة ترامب. لكن سوف
تتعرّض هذه العلاقات للخطر مرة أخرى إذا عاد للبيت الأبيض.
وأشارت الصحيفة إلى أن المنافسة على
الولاية الثانية لكلا المرشحين في البيت الأبيض - وهي الأولى منذ تنافس دوايت
أيزنهاور وأدلاي ستيفنسون للولاية الثانية على التوالي في سنة 1956 - قد دفع بايدن
بالفعل إلى البدء في مهاجمة ترامب بشكل مباشر ووصف السباق بأنه معركة لإنقاذ
الديمقراطية في الولايات المتحدة. ولكن المؤتمرات الحزبية في ولاية أيوا ــ
والانتخابات التمهيدية في نيو هامبشاير، التي من المقرر أن تُعقد في 23 كانون
الثاني/ يناير ــ من الممكن في كثير من الأحيان أن تعكس الحكمة التقليدية
للانتخابات الرئاسية، حتى لو بشكل مؤقت. ويمكن أن تخلق المفاجآت، ومكافأة
المستضعفين، وتغيير الزخم.
كان حاكم فلوريدا رون ديسانتيس في موقع
الصدارة للاستفادة من أي تصدعات في دعم ترامب، خاصة في ولاية أيوا، حيث نظم حملته
الانتخابية. ورغم بقاء ديسانتيس في السباق، فإن نيكي هيلي، سفيرة الولايات المتحدة
السابقة لدى الأمم المتحدة، الآن في وضع أفضل للخروج من الأيام العشرة المقبلة
كأكبر منافس لترامب. لم تكن هيلي تتقدم في استطلاعات الرأي في ولاية أيوا فحسب، بل
أصبحت على مسافة قريبة من التغلب على ترامب في نيو هامبشاير، وهو ما من شأنه أن
يحطم الشعور بحتمية فوزه في نهاية المطاف في معركة ترشيح الحزب الجمهوري.
في ولاية أيوا، يظل حلفاء ترامب واثقين
تمامًا من أنه سيحقق فوزًا كبيرًا هذا الأسبوع. وهذا من شأنه أن يبقيه على المسار
الصحيح لتحقيق نصر مبكّر مريح في معركة الترشيح وتجنب معركة ضروس ممتدة قبل
المؤتمر الجمهوري الذي سيعقد في ميلووكي بولاية ويسكونسن في تموز/يوليو. ويقول
العديد من منظمي استطلاعات الرأي والاستراتيجيين الجمهوريين إن قاعدة الحزب لا
تزال مفتونة تمامًا بترامب - خاصة المحافظين من الطبقة العاملة والريفيين والأقل
تعليمًا الذين ليس لديهم أي مخاوف بشأن دعمه مرة أخرى، ويتحمّسون لاحتمال عودته
إلى البيت الأبيض.
ووفقا لمتوسط استطلاعات الرأي الوطنية
التي أجراها موقع فايف ثيرتي آيت، فإن 60.4 بالمائة من الجمهوريين يؤيدون ترامب،
مقارنة بحوالي 12.1 يدعمون ديسانتيس و11.7
يدعمون هيلي. وفي ولاية أيوا، يتفوّق
ترامب على منافسيه لأن 52.3 بالمائة من الجمهوريين في ولاية الغرب الأوسط يدعمون
ترامب. وتأتي هيلي في المركز الثاني بنسبة 17.1 في المائة وديسانتيس في المركز
الثالث بنسبة 15.7 في المائة. وحتى لو كان أداء هيلي أو ديسانتيس أفضل من المتوقع
يوم الإثنين، فإنهما سيواجهان صراعًا شاقًا للإطاحة بترامب. وعلى الصعيد المحلي،
يصدر المؤرخون بالفعل تحذيرات صارخة بشأن العواقب التي قد تخلفها إدارة ترامب
الثانية على بقاء النظام السياسي الأمريكي كما نعرفه.
نقلت الصحيفة عن ليندساي تشيرفينسكي،
زميل بارز في مركز التاريخ الرئاسي في جامعة ساوثرن ميثوديست، أن الولايات المتحدة
ربما تتطلع إلى "انتخابات لتحديد ما إذا كان لدينا المزيد من الانتخابات ذات
المغزى".
وفي ولاية نيو إنغلاند، التي تضم حصة
أكبر بكثير من الجمهوريين المعتدلين وعددا أقل من الناخبين المسيحيين الإنجيليين،
فإن تقدم ترامب أقل بكثير مما هو عليه في ولاية أيوا، مما يجعل من الممكن لهيلي
هزيمته. وتعززت فرصها أكثر عندما انسحب كريس كريستي، الحاكم السابق لولاية
نيوجيرسي والمنتقد الشديد لترامب، من السباق الجمهوري يوم الأربعاء، مما مهد
الطريق أمام معظم أنصاره.
وأوضحت الصحيفة أن هيلي، التي تبلغ من
العمر 51 سنة والتي شغلت أيضا منصب حاكم ولاية كارولينا الجنوبية، تجسد في كثير من
النواحي المؤسسة التقليدية للحزب الجمهوري - المحافظ ماليا، وصديق الأعمال،
والمنفتح على التجارة الدولية، والمتشدد في السياسة الخارجية والمتشبث بالمؤسسات
الحكومية الأمريكية. وفي ظل تقدمها في استطلاعات الرأي، عززت هيلي جمع التبرعات مع
اندفاع المانحين الجمهوريين المناهضين لترامب من وول ستريت والشركات الأمريكية
لتمويل حملتها الانتخابية، مما سمح لها بتغطية ولايتي أيوا ونيو هامبشاير
بالإعلانات للترويج لترشحها. وتشير العديد من استطلاعات الرأي إلى أنها ستتفوق على
كل من ترامب وديسانتيس على المستوى الوطني وستفوز في المنافسة وجهًا لوجه ضد
بايدن.
وأضافت الصحيفة أن مجموعة متضائلة من
المانحين الجمهوريين والمشرّعين والمسؤولين السابقين وجماعات الضغط تأمل إنقاذ
الحزب من انعزالية ترامب وشعبويّته، وإمكانية استعادة السياسات الجمهورية الأكثر
تقليدية لبوش (الأب والابن) وريغان. لكن جهودهم لإسقاط ترامب والدخول في حقبة
جديدة للحزب الجمهوري باءت بالفشل حتى اللحظة الراهنة، الأمر الذي جعل من الصعب
على مرشحين بديلين مثل هيلي أن يتقدموا بشكل حاسم.
وفي أعقاب لوائح الاتهام المتعددة التي
وجهها المدعون العامون في نيويورك وأتلانتا وواشنطن وميامي، سارعت قطاعات واسعة من
اليمينيين الأمريكيين للدفاع عن ترامب بدلاً من استغلال الفرصة للبحث عن زعيم
جديد. وتفاقم غضبهم بسبب تحركات كولورادو وماين لحرمان ترامب من الاقتراع الأولي
لأسباب دستورية بسبب دوره في هجوم السادس من كانون الثاني/ يناير.
وفي المرحلة الأخيرة من الحملة
الانتخابية في ولاية أيوا، كانت هيلي أكثر عدوانية بشكل طفيف في مهاجمة ترامب.
وصرحت خلال مناظرة ضد ديسانتيس على شبكة "سي إن إن" هذا الأسبوع:
"إذا فاز دونالد ترامب، فستكون هناك أربع سنوات أخرى من الفوضى". وأضافت:
"أعتقد أن ما حدث في السادس من كانون الثاني/يناير كان فظيعًا". ولكن من
غير الواضح ما إذا كانت قادرة على الصمود في وجه هجمات كل من ترامب وديسانتيس،
اللذين يتهمانها بأنها قريبة للغاية من المؤسسات وأسيرة للمصالح
"العالمية" و"الشركات".
وأضافت الصحيفة أنه حتى في الكابيتول
هيل، يتمتع ترامب بدعم متزايد من بين المشرعين الجمهوريين - وتأييد أكبر بكثير
مقارنة بهيلي أو ديسانتيس. يولد مشهد ترامب وهو يقود المجموعة الجمهورية بشكل مريح
مشاعر مختلطة في البيت الأبيض. فمن ناحية، توقع بايدن والمسؤولون الديمقراطيون منذ
فترة طويلة أن يكون ترامب منافسهم في تشرين الثاني/ نوفمبر ويعتقدون أن لديهم
الوصفة السياسية الصحيحة لهزيمته على غرار سنة 2020. لكن استطلاعات الرأي الأخيرة
للانتخابات العامة، إلى جانب انخفاض معدلات تأييد بايدن والاستياء واسع النطاق من
الاتجاه الذي تسير فيه البلاد، أثارت القلق بين الديمقراطيين بشأن قدرة الرئيس على
إعادة إنشاء التحالف الفائز ذاته.