كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أن "العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل، لم تشهد أي فترة أخرى في نصف القرن الماضي اختبارا للعلاقة بين الدولتين بهذه الطريقة المكثفة والمؤثرة، بسبب الحرب على
غزة في عام 2023".
وأوضحت الصحيفة أن "الدبلوماسية المعقدة بين الولايات المتحدة وإسرائيل منذ عملية السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، قد برزت عبر الحكومتين، في التفاعلات المباشرة بين القادة والجهود المكثفة بين الوكالات العسكرية والاستخباراتية".
وأشارت الصحيفة إلى أن "تقريرها عن العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل على مدى الأسابيع الـ12 الماضية يستند إلى مقابلات ورحلات متعددة إلى المنطقة مع مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين رئيسيين، تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم لمشاركة تفاصيل المحادثات والمداولات الداخلية".
وأضافت الصحيفة أن "الرئيس الأمريكي، جو بايدن، كان يستعد لمغادرة البيت الأبيض للقيام برحلة جريئة إلى إسرائيل، لإظهار التضامن بعد عملية 7 أكتوبر، عندما بدا فجأة أن الرحلة تنهار قبل أن تبدأ".
وتابعت "بأن الانفجار في مستشفى في غزة أدّى إلى مقتل أو جرح المئات، وكان
الفلسطينيون يلومون إسرائيل، وكان القادة العرب يرفضون مقابلة بايدن عندما وصل إلى المنطقة. واستدعى الرئيس مستشاريه إلى الاجتماع بالبيت الأبيض لمناقشة ما إذا كان من الصواب إكمال زيارته لإسرائيل".
وبحسب الصحيفة نفسها، فقد "اندلع نقاش حاد بين مستشاري بايدن للأمن القومي والمستشارين السياسيين، ونصح البعض في الغرفة بايدن بإلغاء الرحلة، لأنه لم يكن من الواضح ما الذي يمكن تحقيقه، كما أن الرحلة قد لا تكون آمنة حتى"، معربين عن "مخاوفهم من إطلاق حماس الصواريخ على مطار بن غوريون الدولي لحظة وصول طائرة الرئاسة إلى إسرائيل".
وفي السياق نفسه، أكد عدد آخر أن "بايدن بحاجة للذهاب على أي حال، خاصة أنه كان قد أعلن عن الزيارة، وينبغي ألا يظهروا بشكل متأرجح في قراراتهم". فيما أشارت "الاستخبارات الأمريكية الأولية إلى أن إسرائيل ليست مسؤولة عن انفجار المستشفى".
إلى ذلك، تابعت الصحيفة بأن "بايدن تمسك بالذهاب، موضحا أنه يجب عليه رؤية المسؤولين الإسرائيليين وجها لوجه. وبذلك، تولى فعليا مسؤولية في الحرب وما تبعها، حيث أدارها شخصيا"، مشيرا إلى أنه بعد ذلك "انخرط بايدن في الصراع بشكل مكثف أكثر من أي قضية أخرى تقريبا خلال ثلاث سنوات في منصبه".
وبحسب الصحيفة، فإن بايدن شهد مقاومة داخلية متزايدة نتيجة دعمه لدولة الاحتلال الإسرائيلي، بما في ذلك برقيات معارضة متعددة من دبلوماسيين في وزارة الخارجية. وفي نوفمبر، أرسل أكثر من 500 من المعينين السياسيين والموظفين الذين يمثلون حوالي 40 وكالة حكومية رسالة إلى بايدن احتجاجا على دعمه للحرب الإسرائيلية في غزة.
وأكدت الصحيفة، أن "فريق بايدن يدرك أن التحدي الذي يواجهه لا يقتصر على رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، فحسب، لأن الإسرائيليين في جميع المجالات يدعمون العملية العسكرية التي أدت، وفقا لوزارة الصحة في غزة، إلى مقتل أكثر من 20 ألف شخص"، مشيرة إلى أنه "ليس هناك أي نقاش جدي داخل الإدارة الأمريكية حول تغيير حقيقي في السياسة، مثل قطع إمدادات الأسلحة إلى إسرائيل".
وفي سياق متصل، أكدت الصحيفة أن "بلينكن يخطط للعودة إلى إسرائيل في أوائل شهر يناير، حيث يأمل المسؤولون الإسرائيليون في إعطائه قرارا بشأن الخطوات التالية".
كذلك، فإن "فريق بايدن يعمل بهدوء للتفاوض على صفقة أسرى جديدة، حيث التقى ويليام ج. بيرنز، مدير وكالة المخابرات المركزية، مع نظيره الإسرائيلي، ورئيس الوزراء القطري في وارسو، في وقت سابق من ديسمبر، لتقديم اقتراح بوقف القتال لمدة سبعة أيام مقابل إطلاق سراح ما بين 35 و40 شخصا آخرين تم احتجازهم في 7 أكتوبر".
وبحسب الصحيفة، فإن "هناك جهودا تجري أكثر هدوءا للتفاوض من خلال وسطاء على ترتيب مع حزب الله للانسحاب من المنطقة القريبة من حدود لبنان مع إسرائيل، ما يمنع اندلاع حرب أوسع نطاقا في المنطقة، ويسمح لعشرات الآلاف من الإسرائيليين الذين فروا من منازلهم بالعودة إلى لبنان".
ونقلت الصحيفة، عن السيناتور كريس كونز، وهو ديمقراطي من ولاية ديلاوير وعضو لجنة العلاقات الخارجية، قوله إن "بايدن كان له بعض التأثير، وكان قادرا على تحريك قراراتهم، لكنه احتضن إسرائيل في هذه اللحظة من الضغط الشديد في أعقاب الهجوم الإرهابي؛ لأنه يرى هذه اللحظة في سياق إقليمي، ويحاول تحقيق السلام بطريقة إقليمية".
وأشارت الصحيفة إلى أن "الأمريكيين لم يعجبوا بالخطة الإسرائيلية الأصلية للغزو البري لغزة، وسعوا إلى تخفيفها. لكن الإسرائيليين أطلقوا في نهاية المطاف العنان لقوة نيران على غزة أكبر مما توقعه فريق بايدن، ما أدى إلى نتائج مميتة".
وتابعت الصحيفة بأن "بايدن واصل سيلا مستمرا من المكالمات الهاتفية مع نتنياهو، سعيا إلى تقليل الخسائر في صفوف المدنيين. كما أن قطر أخبرت بلينكن سرا عندما زارها، في 13 أكتوبر، أن حماس مستعدة لعرض إطلاق سراح الأسرى مقابل نوع من وقف إطلاق النار أو التوقف المؤقت".
وكلف بايدن دائرة صغيرة من المسؤولين بالتفاوض سرا على ما أصبح في نهاية المطاف وقفا للقتال لمدة أسبوع، مقابل إطلاق سراح أكثر من 100 أسير. فيما أن الخلاف الأكثر حدة بين الولايات المتحدة وإسرائيل تركز على مستقبل قطاع غزة بعد انتهاء الحرب.
وعارض نتنياهو اقتراحات بايدن بأن السلطة الفلسطينية، ومقرها في الضفة الغربية، تدير قطاع غزة ما بعد حماس. ويقول المسؤولون إن كل مكالمة بين بايدن ونتنياهو تكون متوترة وحادة في بعض الأحيان، لكنها في الوقت نفسه تعبر عن الأمر الواقع، ويمكن وصفها بأنها "صعبة ولكنها بناءة".