تثير زيادة التوترات على الحدود السورية الأردنية، الناجمة عن محاولات تهريب
المخدرات من الأراضي السورية ولاحقاً الأسلحة المتطورة مثل "الصواريخ"، والاشتباكات التي يخوضها حرس الحدود الأردني مع شبكات التهريب المسلحة، تساؤلات حول تأثيرات ذلك على العلاقة بين عمان والنظام السوري.
واعتبر رئيس مجلس النواب الأردني أحمد الصفدي، أن المملكة تواجه العديد من التحديات جراء موجات اللجوء والمخدرات، مشيراً خلال اجتماعه مع وفد برلماني أوروبي في عمان الأربعاء، إلى جهود "قواتنا المسلحة لأجل حماية الحدود بمواجهة العصابات والمليشيات التي تحاول تهريب المخدرات والسلاح".
ودعا الصفدي المجتمع الدولي إلى الالتزام بتعهداته الأخلاقية والإنسانية تجاه الدول المستضيفة للاجئين، وإلى دعم وإسناد جهود المملكة في حربها على المخدرات التي باتت تهدد بإغراق المنطقة كلها بهذه الآفة.
ولم يُعلن الأردن رسمياً عن الخطوات التي اتخذها بعد الاشتباكات الأخيرة مع مجموعات التهريب، والتي أدت إلى جرح عناصر من حرس الحدود الأردني، واعتقال بعض المهربين، غير أن تقارير إعلامية أكدت قيام الطائرات الأردنية بتوجيه ضربات على مناطق في الجنوب السوري قريبة من الحدود.
وتقول الصحفية الأردنية المختصة بالشأن السوري هديل الروابدة، إن الأردن بادر خلال الفترة الماضية ومد يده لسوريا لإعادة دمجها مع الدول العربية وتخفيف الحصار عنها، ومنحها فرصة التصرف كدولة تملك قرارها السياسي وتبني اقتصادها بطرق مشروعة مثل التجارة والسياحة وغيرها كباقي الدول، "لكن نظام
الأسد يبدو أنه فضل البقاء تحت عباءة إيران ومليشياتها، بحيث تبين أنه لا يمتلك قراره السياسي، أو لا يريد".
وتضيف في حديثها لـ"عربي21"، أن النظام يبدو أيضا أنه استحسن فكرة الربح السريع من تجارة المخدرات، معتبرة أن "الشعور اليوم في الأردن، هو أن البلاد لا تتشارك حدودها مع دولة وإنما مع عصابات مسلحة تمتهن تهريب كل الممنوعات والجرائم لتحقيق أهدافها".
وتقول الروابدة: "أمام هذا الواقع فإن الأردن التفّ نحو هدف حماية أمنه الوطني والمجتمعي، وسط احتمالات لأي تصعيد بناء على قرار القوات المسلحة باعتبارها خط الدفاع الأول عن الوطن، وأعتقد أنه سيفصل بتعامله بين الجانب الأمني والسياسي في الملف السوري".
هل يُغلق معبر نصيب/جابر؟
ويبدو أن تداعيات ما جرى بدأت تظهر تباعاً، حيث وجهت مصادر تابعة للنظام السوري انتقادات لإجراءات تفتيش شاحنات الفواكه السورية المتوجهة إلى الأسواق الخليجية عبر معبر نصيب/جابر الأردني- السوري، وتحدث رئيس لجنة تصدير الحمضيات التابع للنظام بسام علي عن وجود مئات الشاحنات السورية عند المعبر بسبب الإجراءات "الطويلة" من الجانب الأردني، واصفاً ما يجري بـ"الكارثي".
وفي هذا الإطار تقول هديل الروابدة، إن النظام السوري يواصل منع دخول البضائع الأردنية على الرغم من إعادة فتح معبر جابر/نصيب منذ 2018، رغم أن الحكومة في عمّان قدمت كل التسهيلات لفتحه، وإذا لم يتحقق الهدف من فتح المعبر وهو تنشيط الحركة التجارية بين البلدين بناء على قاعدة المعاملة بالمثل، فإن كل الاحتمالات حول قرار إعادة إغلاقه أو تضييق نطاق الحركة عليه واردة، مختتمة بقولها: "في المحصلة فإن الأردن سيتخذ كل قرار يصب في مصلحة أمنه واقتصاده".
ومثل الروابدة، يرى الخبير الأردني نبيل العتوم، أن إغلاق معبر نصيب/جابر قد يكون أحد خيارات الأردن، معتبراً خلال حديثه لـ"عربي21" أن "الأمر قد لا يتوقف عند ذلك، إذ إن من المحتمل أن يوجه الأردن ضربات عسكرية واستخباراتية نوعية داخل العمق السوري، نتيجة التصعيد في المواقف مع الجانب الإيراني والنظام السوري".
ويلفت العتوم إلى لقاء وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي بنظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، قبل أيام على هامش منتدى اللاجئين في جنيف، ويقول: "خلال اللقاء شدد الأردن على عدم وقوفه مكتوف الأيدي أمام تهريب السلام والمخدرات التي تتم برعاية رسمية من إيران والنظام السوري".
سياسة جديدة للأردن
وبذلك، يرجح العتوم أن يراجع الأردن سياساته تجاه النظام السوري، ويقول إن "قواعد الاشتباك اختلفت، وقد نشهد عمليات عسكرية نوعية شبيهة بالضربات الجوية التي استهدف منازل ومخازن التهريب في مناطق داخل الحدود السورية"، وخاصة أن "الأردن بات مهدداً من إيران وأذرعها داخل الحريق السوري".
لكن في المقابل، ورغم التوترات، فقد قلل الباحث في مركز "جسور للدراسات" وائل علوان من تداعيات التصعيد على شكل العلاقة بين النظام السوري والأردن، مستبعداً أن يعلن الأخير عن قطع علاقاته مع النظام.
وفي حديثه لـ"عربي21" فإنه يرجع ذلك إلى "المصالح المتداخلة" التي تراعيها الأردن، ويقول: "الأردن يستمر في علاقاته ونقاشاته مع النظام السوري، رغم غياب الثقة".
ويتابع علوان بالإشارة إلى ما اعتبرها "حاجة أردنية" لبقاء مسار العلاقات مع النظام السوري، معتبراً أن كل ذلك لا يعني أن "الأردن لن يقوم بإظهار إجراءات ردع في تعامله مع التهديد الأمني، ومن المحتمل أن نشاهد استراتيجيات أردنية جديدة".
وتوترت العلاقات بين الأردن والنظام السوري بعد اندلاع الثورة السورية في العام 2011، ولم تنقطع بشكل كامل حتى مع اعتبار عمان سفير النظام السوري السابق بهجت سليمان "شخصًا غير مرغوب فيه" في العام 2014، بحيث استمر عمل سفارات الأردن والنظام السوري محصورا بموظفين إداريين عاديين.
وبقي الحال على ذلك حتى آذار/ مارس 2020، حيث عقد أول لقاء رسمي بين مسؤول حكومي أردني والنظام السوري، وذلك خلال لقاء جمع وزير الصناعة الأردنية حينها طارق الحموري بنظيره لدى النظام محمد سامر الخليل في دمشق.