نشرت صحيفة "الغارديان" مقالا، لأستاذ القانون
في جامعة لندن (يونيفيرستي كولج)، فيليب ساندز، قال فيه: "خلال الأسبوع الذي
نحتفل فيه بمرور 75 عاما على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، واتفاقية عام 1948
بشأن منع الإبادة الجماعية، والمعاقبة عليها، كنت أفكر في أصل كلا الحدثين وكيف
ينبغي لنا أن نحتفل بهما الآن.
وقال إن الإعلان العالمي، الذي تم اعتماده بفارق 24 ساعة
في باريس، في كانون الأول/ ديسمبر 1948، يسعى إلى حماية الأفراد، بينما تسعى
الاتفاقية إلى حماية الجماعات. وأشار إلى أن "تلك اللحظة في باريس كانت ثورية:
الاعتراف بأن حقوق الدولة ليست غير محدودة، وأن أيام السماح لها بالدوس على حياة
البشر، بموجب القانون، قد ولت".
وبينماتساءل: كيف هو الشعور؟، يعود إلى تلك الفترة، حوالي عام
1945، حيث نشر كتابين لرجلين يمكن إرجاع أصولهما وأفكارهما إلى مدينة لفيف
الرائعة، وإلى كلية الحقوق في جامعتها. أحدهما كان "حُكم المحور" في
أوروبا المحتلة، بقلم رافائيل ليمكين، الذي نُشر في تشرين الثاني/ نوفمبر 1944،
والذي صاغ فيه مصطلح "إبادة جماعية". أما الآخر فهو "الوثيقة
الدولية لحقوق الإنسان" التي وضعها هيرش لوترباخت، والتي نُشرت بعد بضعة
أشهر، وطرح فيها الأفكار التي من شأنها أن تسترشد بتطور حقوق الإنسان
و"الجرائم ضد الإنسانية".
ويذكر أن كلا الرجلين، شاركا في فرق الادعاء في نورمبرغ.
لقد حاكموا هانز فرانك، الذي عمل ذات يوم محاميا لأدولف هتلر، دون أن يعلم أنه
متورط في قتل أسرهم بأكملها. ولم يعلموا بهذا إلا في نهاية المحاكمة. سيكون الأمر
مفهوما لو أن كلا الرجلين قد جلسا في الزاوية وبكيا على حالة العالم، وعلى فقدان
عائلاتهما. لم يفعلوا ذلك. لقد طوروا الأفكار، ثم دفعوا تلك الأفكار. كيف كانوا
سيشعرون اليوم بعد مرور 75 عاما؟.
ويطرح مجموعة من الأسئلة: "كيف كانوا سيشعرون تجاه
حقوق الكاتبة، فيكتوريا أملينا، وصديقتي، وجميع المدنيين الآخرين الذين قتلوا في
أوكرانيا؟" و"كيف سيكون شعورهم تجاه حقوق أهل شاجوس، الذين تم ترحيلهم
قسرا من ديارهم منذ خمسين عاما، وما زالوا غير قادرين على العودة؟" و"كيف
سيكون شعورهم تجاه الحكومة البريطانية التي تسعى إلى الحد من تأثير الاتفاقية
الأوروبية لحقوق الإنسان، التي تمت صياغتها بمساهمة كبيرة من المملكة المتحدة، للسماح للبلاد بإرسال أشخاص إلى رواندا، وهو المكان الذي قررت المحكمة العليا أنه
غير آمن؟".
وتابع: "كيف سيكون شعورهم إزاء الوفيات الفظيعة التي وقعت في جنوب دولة الاحتلال يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر؟، وكيف سيكون شعورهم إزاء الوفيات
الفظيعة التي تلت ذلك في غزة؟، وكيف سيكون شعورهم تجاه السجن الجماعي
للأويغور؟، وكيف سيكون شعورهم تجاه سياسة التعذيب التي تم تبنيها بعد
11 أيلول/ سبتمبر؟".
وأضاف، بأنه يمكننا التكهن، لكن لا يمكننا أن نعرف الأجوبة
على هذه الأسئلة. "لكنني أعرف ما أشعر به، في هذه الذكرى السنوية، حيث
ألهمتني أفكارهم ومساعيهم وأفكار ومساعي عدد لا يحصى من الآخرين. أود أن أقول: هذه
ليست لحظة احتفال، بل لحظة اعتراف بما لا يزال يتعين علينا القيام به، وكذلك بما
هو مختلف اليوم وما لدينا".
وأردف بأنه كان قبل أربع سنوات، عضوا في حلقة نقاش في
جامعة جورج واشنطن، مع توماس بيرغنثال، القاضي السابق في محكمة العدل الدولية. وأن
ذلك القاضي عندما كان صبيا يبلغ من العمر 10 سنوات، قبل عدة عقود، كان تحت رعاية
طبيب يُدعى جوزيف منغيل، في مكان يُدعى أوشفيتز. وكانت الجلسة التي شاركناها قبل
أسبوع من جلسات الاستماع في لاهاي، في القضية التي رفعتها غامبيا ضد ميانمار، وهي
طلب اتخاذ تدابير مؤقتة لوقف الإبادة الجماعية للروهينجا.
وقال توماس: "هل
يمكنك أن تتخيل لو أنه في عام 1944 كانت هناك معاهدة تنص على أنه لا يمكنك معاملة
الناس كما عوملت أنا والآخرين، ومحكمة من القضاة يمكن للدول أن تذهب إليها، وبلد
بعيد على استعداد للذهاب إلى تلك المحكمة ومطالبة القضاة بإصدار أمر بوقف مثل هذا
السلوك؟".
وقال ساندز، إنه وجد نفسه في جلسة الاستماع، في لاهاي، بعد
أسبوع، جالسا إلى جانب أونغ سان سو تشي، التي ظهرت كممثل لميانمار. ولم يجد نفسه
متفقا مع الكثير مما قالته في ذلك اليوم، ولكن جملة واحدة قالتها ظلت عالقة في
ذهني: "قد يكون القانون الدولي هو نظام القيم العالمية الوحيد لدينا".
واسترسل: "وافق القضاة السبعة عشر بالإجماع، على
اعتماد أمر تدابير مؤقتة بعيدة المدى، مع متطلبات إبلاغ غير مسبوقة. وفي كوكس
بازار، في بنغلاديش، وقف المئات من اللاجئين الروهينجا ورفعوا لافتات كتب عليها
ثلاث كلمات: "شكرا لك غامبيا".
إلى ذلك، استفسر: "إذن، بعد مرور 75 عاما، كيف ينبغي
لنا أن نحتفل بالذكرى السنوية للإعلان العالمي والاتفاقية؟"، ويجيب قائلا إنه "ربما لا يكون لدينا ما يكفي لنحتفي به، ولكن لدينا أكثر من لا شيء، وهذا يسمح
بالأمل وحجر يمكن البناء عليه".
ويقول إن هناك أربعة أشياء تتبادر إلى ذهنه في هذه
الأوقات الكئيبة، في هذا العالم الذي ينعدم فيه القانون، حيث يتعين علينا أن ندرك
حدود ما تم إنجازه:
الأول: حماية ما لدينا، وما تم إنجازه في تلك اللحظة
الرائعة من عام 1948، لأنه، والمثل العليا لسيادة القانون، يتعرض لتهديد خطير
في الوقت الحالي.
ثانيا: البناء على المساءلة للجميع. دعم اتفاقية لجنة
القانون الدولي بشأن الجرائم ضد الإنسانية. دعم المساءلة عن كافة الجرائم الدولية،
بما فيها جريمة العدوان. ودعم محكمة جنائية دولية تحاسب الجميع، وليس فقط الأضعف
أو أولئك الذين يصادف أنهم من أفريقيا.
ثالثا: بالإضافة إلى حقوق الإنسان يجب احتضان حقوق
الطبيعة. وفيما يتعلق بالمناخ، يخبرنا العلماء أن ما سيأتي بسرعة سيكون كارثيا،
وأن فشل مؤتمر المناخ الثامن والعشرين في الالتزام بالتخلص التدريجي من الوقود
الأحفوري لن يكون كافيا. ربما ستكون البيئة بخير، أما نحن البشر فلن نكون كذلك.
فكر في الحقوق المتعلقة بأزمة المناخ. فكر في الإبادة البيئية التي ستضاف إلى
النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية باعتبارها الجريمة الدولية الخامسة.
رابعا: العمل على معالجة الآثار المستمرة المترتبة على
المخالفات التاريخية، وخاصة الاستعباد والاستعمار التي وصفها إيمانويل ماكرون
بأنها "جريمة ضد الإنسانية"، والانبعاثات التاريخية من الغازات
المسببة للانحباس الحراري العالمي. قد لا يعجبك ذلك، لكن التعويض، أو شيئا مشابها
له، مطروح على الطاولة، وهو موجود ليبقى.
هل حان الوقت لكي يضغط بايدن على نتنياهو ويحول أي إنجاز في غزة لسلام دائم؟
حاخام بجامعة ليدز البريطانية يظهر وهو يرقص بالزي العسكري في غزة (شاهد)
الغارديان: لو كنت فلسطينيا في أمريكا فخطابك مراقب إن لم يتم اسكاتك فورا