"مستشفيات شمال
غزة خرجت عن الخدمة وهناك صعوبات في تشغيل جزء من مجمع الشفاء" بهذه الجملة أعلن المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة، أشرف القدرة، عما بات يوصف بـ"الوضع الكارثي للقطاع الصحي في قطاع غزة المحاصر".
وتابع المتحدث، معبّرا عن المأساة الإنسانية التي باتت تحيط بالأهالي في غزة، من كل جهة، وتحرمهم من تفاصيل الحياة الكريمة: "إننا سوف نُواصل محاولات تشغيل أي مستشفى في قطاع غزة، رغم وجود العديد من الصعوبات"، مبرزا أن "مستشفى ناصر برفح أصبح مكتظا بنحو 1000 جريح، والمصابون يفترشون الأرض".
لا علاج في غزة..
مع كل يوم من عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، كان ينهار جُزء من القطاع الصحي؛ ومع دخول العدوان المُتواصل، إلى شهره الثالث على التوالي، مع استمرار الإبادة الجماعية، وانتهاك تام لكافة القوانين الإنسانية، في مناطق شمال وجنوب القطاع، عقب القصف الجوي العنيف والمكثف من طيران الاحتلال، انهار القطاع الصحي في غزة.
وفي هذا السياق، أعلن الهلال الأحمر الفلسطيني في غزة، توقف العمل في مركز إسعاف الجمعية بمحافظة شمال غزة بسبب نفاد وقود المركبات، مؤكدا "خروج المستشفيات العاملة من الخدمة، واستحالة العمل في إخلاء الجرحى والشهداء، فيما لا يزال العمل جاريًا حتى اللحظة في النقطة الطبية في جباليا، للتعامل مع الحالات الطفيفة والمتوسطة والتي تستقبل ما لا يقل عن 250 جريحا يوميا".
ما بين مستشفى ناصر ومجمع الشفاء
"مستشفى ناصر برفح جنوبي قطاع غزة، أصبح مكتظا بمئات الجرحى وإن المصابين يفترشون الأرض، كما أن مجمع الشفاء الطبي لا يوجد فيه كهرباء حتى الآن، وامتلأ بآلاف النازحين" بهذه التفاصيل أوضحت وزارة الصحة في قطاع غزة، الحالة المأساوية التي باتت عليها المستشفيات التي ظلّت صامدة في القطاع المحاصر، على الرغم من العدوان المتواصل من الاحتلال الإسرائيلي، غير أن المقوّمات الطبية المتوفرة لديها، في انحدار.
ومن أجل الحرص على صحة الأهالي، والبحث عن أمل للبقاء، أكد المتحدث باسم وزارة الصحة بغزة، أشرف القدرة، الخميس، "سنواصل محاولات تشغيل أي مستشفى في قطاع غزة رغم الصعوبات”، مشيرا إلى أنه "تم افتتاح مركزين للرعاية الصحية في الأزقة لكي نلبي الحاجات الصحية، وأن إعادة تشغيل المستشفيات تواجه صعوبات كبيرة مع نقص الوقود".
إلى ذلك، أكد المكتب الإعلامي الحكومي عن وكيل وزارة الصحة المساعد في غزة، ماهر شامية قوله، إن "مجمع الشفاء الطبي، لا يوجد فيه كهرباء حتى الآن، وامتلأ بآلاف النازحين؛ وإن إعادة تشغيل المستشفيات تواجه صعوبات كبيرة مع نقص الوقود.. ونحتاج إلى طواقم طبية وكل أنواع الأجهزة الطبية كي نقوم بخدماتنا".
وأردف المتحدث نفسه، أن "مجمع الشفاء الطبي الذي تعرض لاقتحام الاحتلال الإسرائيلي وطرد المرضى والأطقم الطبية والنازحين، يعاني من غياب الكهرباء حتى الآن، وامتلأ بآلاف النازحين".
كمال عدوان
مثل غيره من مستشفيات غزة، أعلنت وزارة الصحة في غزة، الثلاثاء، أن قوات الاحتلال الإسرائيلي المتوغلة شمال القطاع "أخرجت مستشفى كمال عدوان عن الخدمة، بالقوة"؛ الذي يقع في مخيم جباليا شمال قطاع غزة، وكان في الأصل عيادة طبية اسمها "عيادة مشروع بيت لاهيا".
وأوضحت الوزارة، في بيان مقتضب، نشرته على صفحتها الرسمية في منصة "فيسبوك": "إن قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي المتوغلة في شمال القطاع تخرج بالقوة والإرهاب وبفوهات الدبابات مستشفى كمال عدوان عن الخدمة".
وأضافت الجهة نفسها، في بيان آخر، أن "أكثر من 400 ألف نسمة في شمال القطاع أصبحوا بلا خدمات طبية على الإطلاق، مع استمرار الإبادة الجماعية ضد شعبنا الأعزل".
بدورها قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأنروا" إنّ "قطاع غزة بأكمله أصبح من أخطر الأماكن في العالم ولا توجد منطقة آمنة فيه"، فيما قال المدير العام لوزارة الصحة بغزة، إنّ "مستشفى كمال عدوان أصبح دون وقود والاحتلال يطلق النار على كل من يتحرّك داخله ويحصاره على بعد كيلومتر واحد من كل اتجاه".
تجدر الإشارة إلى أن مستشفى الشهيد كمال عدوان الحكومي هو مستشفى حكومي عام، ويُعد أحد أكبر المستشفيات في القطاع؛ في عام 2002، وأثناء الانتفاضة الفلسطينية الثانية، تم تطويره وتحويله إلى مستشفى لخدمة سكان شمال القطاع، لا سيما بيت لاهيا وجباليا وبيت حانون.
وكان للمستشفى دور كبير في علاج الجرحى خلال الحروب على غزة في 2012، و2014، واشتباكات 2021 و2022، وحالياً في حرب 2023. أما اسمه فقد جاء تيمناً بالشهيد كمال عدوان، وهو أحد قادة منظمة التحرير الفلسطينية، الذي اغتيل على يد القوات الإسرائيلية في عملية فردان في 1973.
مستشفى الأقصى
كذلك، إن مستشفى الأقصى، الذي يعمل ويعيش فيه طاقم منظمة أطباء بلا حدود الفلسطيني والدولي، يستقبل في المتوسط ما بين 150 و200 جريح حرب بشكل يومي؛ حيث قالت منسقة طوارئ أطباء بلا حدود في غزّة، مارى أورى بيريو ريفيال، إن "هناك 700 مريض في المستشفى، ودائما ما يصل مرضى جدد، وإن الإمدادات الأساسية تنفد".
وحذّرت منسقة طوارئ أطباء بلا حدود في غزّة، من أن "نقص الأدوية والوقود يمكن أن يمنع المستشفى من تقديم الرعاية الطبية الأساسية أو إجراء العمليات الجراحية أو توفير العناية المركزة".
وتابعت بأنه "دون الكهرباء لن تعمل أجهزة التنفس الاصطناعي، وسوف تتوقف عمليات التبرع بالدم، ويصبح تعقيم الأدوات الجراحية مستحيلًا، لذا فمن الضروري تسهيل توريد المواد الإنسانية"، مؤكدة أن "المستشفى بحاجة ماسة لمجموعات جراحية خارجية، ومثبتات الكسور والأدوية الأساسية، بما فيها الأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة".
إلى ذلك، دعت منسقة طوارئ "أطباء بلا حدود" إلى "وقف فوري ودائم لإطلاق النار وإنهاء الحصار، وضرورة توفير الإمدادات الطبية والمساعدات الإنسانية بشكل عاجل لجميع أنحاء قطاع غزّة".
هل سيتم وقف إطلاق النار؟
وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قد حذّر الأربعاء، من "انهيار كامل وشيك للنظام العام" في القطاع الذي يتعرض لعدوان الاحتلال الإسرائيلي المستمر، وذلك في رسالة غير مسبوقة إلى مجلس الأمن شدد فيها على "وجوب إعلان وقف إنساني لإطلاق النار".
وللمرة الأولى منذ عقود، أكد الأمين العام للأمم المتحدة، "تفعيل المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة، لوصف الوضع في غزة وإسرائيل باعتباره: تهديدًا للسلم والأمن الدوليين". فيما تنص المادة على أنه "للأمين العام أن ينبه مجلس الأمن إلى أي مسألة يرى أنها قد تهدد حفظ السلم والأمن الدوليين".
وفي السياق نفسه، أكدت منظمة الصحة العالمية، أن "تفشي الأمراض المعدية، هو بسبب النزوح والاكتظاظ في أماكن الإيواء"، مشيرة إلى "إصابة 120 ألفًا بالتهابات الجهاز التنفسي الحادة، و86 ألف حالة إسهال، إضافة إلى الإصابة باليرقان والجدري والتهاب السحايا".
من جهته، أكد المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، جيمس إلدر، أن "وقف إطلاق النار وحده الكفيل بإنقاذ أطفال غزة في الوقت الحالي"، مردفا أن "هذه الحرب على الأطفال استؤنفت بضراوة على نطاق يتجاوز أي شيء في جنوب وشمال القطاع".
كما أعلنت منظمة "أطباء بلا حدود" عن أن "توافر الوقود والمستلزمات الطبية وصل إلى مستويات حرجة في مستشفى الأقصى وسط قطاع غزّة بسبب إغلاق الطرق، في حين يحتاج مئات المرضى لعلاج طارئ بسبب قصف الاحتلال الإسرائيلي المتواصل".
مساعدات محدودة..
على الرغم من "الانهيار شبه التام للقطاع الصحي" في قطاع غزة المحاصر، وتوالي عدوان الاحتلال الإسرائيلي بشكل عنيف على الأهالي، والحاجة الماسّة لأي مساعدة. إلا أن السلطات في القطاع ومنظمات الأمم المتحدة المعنية، تكشف أن "المساعدات الإنسانية، ولا سيما المستلزمات الطبية والوقود، التي تدخل غزة محدودة جدًا".
ويتابع المصدر نفسه، في وصفه للوضع الإنساني الذي يعاني منه القطاع، في مقارنة مع حجم المساعدات التي تصل إليه، إذ يقول إنها "لا تتناسب مع حجم الكارثة الإنسانية غير المسبوقة"؛ في ظل حرب مدمرة وقيود شديدة تفرضها دولة الاحتلال الإسرائيلي على القطاع، حيث يعيش نحو 2.4 مليون فلسطيني.