طرحت خطوة مجلس النواب الليبي بحظر التطبيع رسميا مع إسرائيل، وتجريم من يقوم بذلك، بعض الأسئلة حول جدّية وفاعلية هذه الخطوة وتطبيقها، أم أنها مجرد دعاية لكسب التعاطف المحلي.
وأكد المتحدث باسم مجلس النواب الليبي، عبد الله بليحق، أن "البرلمان صوت بالإجماع على إقرار قانون خاص يجرم التعامل مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، ويعاقب كل من يخالفه، تأكيدا لقرار البرلمان الأخير بحظر التعامل مع تل أبيب أو الدول المؤيدة للعدوان على
غزة".
"دعم أم دعاية؟
وأكد بليحق، أنه "تم إضافة مواد على القانون رقم 62 لسنة 1957 بخصوص حظر التطبيع، ومنها إلزام كافة مؤسسات الدولة، بتقديم كامل الدعم والمساعدات والتسهيلات لقطاع غزة وفلسطين لمواجهة العدوان الإسرائيلي هناك".
ويحظر القانون الليبي على كل شخص طبيعي أو اعتباري، أن يعقد بالذات أو بالواسطة، اتفاقا من أي نوع، مع هيئات أو أشخاص مقيمين في دولة الاحتلال، أو منتمين إليها بجنسيتهم أو يعملون لحسابها، أو مع من ينوب عنهم، ويعاقب كل من يخالف ذلك بالسجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد عن 10 سنوات.
وفي نهاية تشرين أول/ أكتوبر الماضي، هدد مجلس النواب الليبي، بـ"وقف تصدير النفط والغاز إلى الدول الداعمة لإسرائيل، في حالة عدم توقف الحرب على قطاع غزة".
ورأى مراقبون أنها خطوة جيدة في ظل تراجع الموقف الرسمي من قبل الحكومات الليبية، سواء الدبيبة أو حماد وكذلك المجلس الرئاسي، في حين قال آخرون إنها "محاولة لاستعطاف الشعب الليبي بعد تراجع شعبية البرلمان ورئيسه، عقيلة صالح، الذي ترشح مؤخرا لرئاسة
ليبيا".
فما جدية وأهداف إقرار برلمان ليبيا لقانون حظر التطبيع مع إسرائيل في هذا التوقيت؟ وهل يستغلها المجلس محليا لكسب التعاطف؟
"التزامات تعاقدية وقانونية"
من جهته، قال وزير التخطيط الليبي الأسبق ونائب رئيس حزب العمل، عيسى التويجر، إن "ما يحدث في غزة من إبادة وتطهير عرقي وتهجير قسري يدفع أي إنسان لعمل أقصى ما يمكن لدعم المظلومين المستضعفين؛ الليبيون جميعا يشعرون بمعاناة إخوانهم في غزة ويسعون لنصرتهم، ومن هنا جاء موقف البرلمان ليتطابق مع موقف الشعب".
وأكد في تصريحات لـ"عربي21" أن "القانون الذي أقره البرلمان لم يستثن أي قطاع أو مجال إلا ومنع تعامله مع دولة الاحتلال أو مؤيديها، لذا أعتقد أن تطبيقه سوف يواجه تحديات كبيرة تتعلق بالالتزامات التعاقدية والقانونية، وفي كثير من الأحيان سوف يصعب تحديد الشركات التي تتعامل مع الكيان وقد يصطدم في بعض الأحيان بالمصالح الوطنية"، وفق قوله.
وتابع: "رغم ذلك يبقى إصدار هذا القانون أقل ما يمكن فعله وإجراء مقدر يستحق الامتنان، ولا أعتقد أن هدفه استعطاف الشارع، كون رأي الشعب لا يتغير بسهولة في المؤسسات القائمة"، كما رأى.
"لا جديد"
في السياق نفسه، قال عضو المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، إبراهيم صهد: "بحسب معلوماتي لم يتم إقرار قانون من قبل مجلس النواب يخص حظر التطبيع والتعامل رسميا مع دولة الاحتلال، وإنما تم التعبير عن نيّة المجلس في إقرار قانون بالخصوص، وفي الواقع هناك الكثير من التشريعات الليبية الموجودة منذ الاستقلال التي تجرم التعامل مع الكيان الصهيوني سواء في إطار المقاطعة العربية أو غيرها".
وأضاف في تصريحه لـ"عربي21" أن "محتويات القانون حتى الآن غير معروفة كونه لم تنشر أي تفاصيل عن القانون أو المواد المضافة، أما دعوة كافة المؤسسات لدعم
فلسطين فهي دعوة ليست بجديدة، كون المجلس الأعلى مثلا قام بمخاطبة المؤسسات الليبية بمساعدة قطاع غزة، بل وصلت مساعدات بالفعل لمعبر رفح الذي نطالب السلطات المصرية باستمرار فتحه أمام جميع المساعدات القادمة من كل الدول".
"موقف شجاع"
بدوره، رأى الخبير الليبي ومحلل السياسات العامة، أسامة كعبار، أن "الجميع يحتاج لكلمة ترفع المعنويات وتساند قضية الأمة، وهي القضية الفلسطينية؛ فيما لم تتخذ أي دولة عربية أخرى مثل هذا الموقف من البرلمان الليبي، وهو موقف شجاع يستحقون التحية عليه، ونقف معهم مساندين وداعمين".
أما بخصوص جدية وفاعلية الخطوة، قال: "الإجراءات التنفيذية تقع على كاهل الحكومة، ومسؤولية البرلمان المتابعة مع الحكومة لتنفيذ هذه التشريعات، ونأمل أن يقوم بممارسة الضغوطات على الحكومة، ولو احتاج الأمر إلى اللجوء للشارع الليبي لممارسة الضغط على الحكومة لتنفيذ قانون حظر التطبيع"، بحسب تقديره.