قفز حجم
الديون الخارجية لمصر خلال عام، في الفترة من حزيران/ يونيو 2023 وحتى حزيران/ يونيو 2024، إلى 49.4 مليار دولار، أي ما يعادل أكثر من 140% من احتياطي النقد الأجنبي، وفقا لبيانات تقرير الوضع الخارجي الصادر عن البنك المركزي
المصري.
وبلغ حجم احتياطي النقد الأجنبي في مصر في تشرين الأول/ أكتوبر 35.10 مليار دولار، وفقا لآخر بيان للمركزي المصري.
لكن غالبية الاحتياطي لدى البنك هو ودائع لدول خليجية ويُقدر حجمها بنحو 28 مليار دولار.
إلى جانب ذلك قفز
العجز الكلي، بضغط من
فوائد الديون والمصروفات، خلال الربع الأول من السنة المالية الحالية إلى 3.85% من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 2.05% للفترة نفسها من السنة المالية الماضية ، وفقاً لبيانات وزارة المالية المصرية.
تضاعف دين مصر الخارجي بنحو أربع مرات خلال العقد الماضي، نتيجة زيادة الاقتراض الخارجي، وبلغ مستوى قياسيا عند 165.4 مليار دولار بنهاية آذار/ مارس الماضي، ويعادل هذا الرقم نحو 40.3% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
لم تكن تلك الأرقام القياسية وحدها، فقد انضم إليها عجز صافي الأصول الأجنبية لدى الجهاز المصرفي الذي سجل 839.2 مليار جنيه (27.15 مليار دولار تقريبا) بنهاية تشرين الأول/ أكتوبر الماضي وهو أعلى مستوى تاريخي له، بحسب تقرير من البنك المركزي.
ويشكل صافي الأصول الأجنبية هو حجم ما تملكه البنوك من أصول العملة الأجنبية مخصوما منه التزاماتها بالنقد الأجنبي، والعجز بالسالب في صافي الأصول الأجنبية يعني أن التزامات البنوك بالنقد الأجنبي تفوق ما تملكه منه.
قدرة الدولة على توليد الدولار على المحك
أستاذ ورئيس قسم التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة، حسن الصادي، أكد أن "وصول حجم الديون المستحقة على مصر خلال عام إلى نحو 50 مليار دولار تمثل نحو 150% من احتياطي النقدي الأجنبي، هو أمر سلبي للغاية، مع الإشارة إلى أن الاحتياطي النقدي ليس من وظيفته سداد الديون الخارجية".
وأوضح في حديثه لـ"عربي21" أن "هذا لا يعني عن عدم وجود أموال كافية للسداد، لكن القياس بقدرات الدولة على تدبير موارد دولارية من عدة مصادر بعضها ثابت مثل قناة السويس والسياحة وتحويلات المصريين بالخارج وبعضها متغير مثل القروض والاستثمارات الأجنبية والودائع الجديدة أو المتجددة وغيرها من المصادر، وما يثير القلق هو أن تتجاوز الفجوة التمويلية الاحتياطي النقدي بالبلاد".
ويرى الصادي أنه "طالما أن الفجوة التمويلية لم تقترب من حجم الاحتياطي فلا توجد مشكلة حقيقية".
مشيرا إلى أن "المشكلة تكون عند عدم القدر على توليد مصادر أو توليد عملة من مصادر مختلفة لسداد الالتزامات الخارجية على مصر".
واعتبر أن "الضغوط الناجمة على الاقتصاد المصري وتحديدا على العملة المحلية هي ضغوط نفسية ناجمة عن عدم الثقة والاطمئنان وغيرها من الأسباب ما أدى إلى إثارة كل أنواع المضاربات سواء من قبل المضاربين أو المستثمرين أو المواطنين والذي نتج عنه طلب مغالى فيه على منتجات مثل الدولار والذهب والعقارات، ليس بغرض الاستهلاك إنما بغرض الادخار".
استحقاق كبير ولا مفر من الإصلاح الهيكلي
وصفت أستاذة الاقتصاد بالجامعة الأمريكية، عالية المهدي، استحقاق الديون على مصر خلال العام المقبل بأنه "استحقاق كبير، ولا توجد قدرة على توفير دخل بالعملة الأجنبية بعد تغطية الواردات وأي التزامات أجنبية أخرى تكفي استحقاقات الدين الخارجي".
وعن الضغوط التي يشكلها حجم الدين المرتفع، قالت في حديثها لـ"عربي21": "عندما يكون هناك طلب كبير على العملة الأجنبية بسبب ارتفاع حجم الالتزامات المالية الخارجية أكبر من العرض وهو قدرة البلاد على توليد العملة الأجنبية؛ سوف يرفع قيمة العملة الأجنبية وبالتالي تتراجع العملة المحلية، وبالتالي على مصر أن تقلل وارداتها أو تزيد حجم صادراتها".
ورأت المهدي أنه "لا يمكن استعادة توازن الجنيه المصري إلا باستعادة التوازن بين العرض والطلب، ولا يوجد شيء اسمه القيمة العادلة للجنيه، وللأسف خفض الجنيه أكثر من مرة لم يأت بنتائج إيجابية بل سلبية وعلى رأسها تضخم الأسعار بشكل مبالغ فيه وغير مسبوق".
وقالت إن "على الدولة أن تضع يدها على المشكلة ومعالجتها وعدم التوسع في السياسة المالية، والعمل على زيادة الموارد الدولارية من خلال الإصلاحات الهيكلية".