كشف تحقيق لمجلة إسرائيلية أن القصف الذي يستهدف
المدنيين في
غزة "متعمد" ومخطط له، ويهدف بالأساس إلى خلق صدمة في أوساط الناس، تقود إلى ممارسة الضغط على حركة حماس.
وقالت مجلة "
972 +" الإسرائيلية، إنه مقارنة بالهجمات الإسرائيلية السابقة على غزة، فإن الحرب الحالية شهدت توسيع "الجيش" بشكل كبير لقصفه أهدافا ليست ذات طبيعة عسكرية واضحة بما في ذلك المساكن الخاصة والمباني العامة والبنية التحتية والمباني الشاهقة، التي تقول المصادر إن الجيش يحددها على أنها "أهداف قوة".
ولفتت المجلة إلى أن هذه السياسة التي يتبعتها "الجيش" في غزة تفسر الخسارة الفادحة في الأرواح البشرية، وما زال العدد في ازدياد. استخباري إسرائيلي قال، إن شعور كبار المسؤولين في الجيش بفشلهم في 7 تشرين الأول/أكتوبر، جعلهم ينشغلون بمسألة كيفية تقديم صورة للنصر للإسرائيليين من شأنها إنقاذ سمعتهم.
تاليا نص تحقيق المجلة الذي ترجمته "عربي21":
نشرت مجلة "972 +" الإسرائيلية تحقيقًا يكشف كيف استهدفت الضربات الجوية العشوائية مواقع غير عسكرية مع استخدام القوات الإسرائيلية نظام الذكاء الاصطناعي لشن الحرب الأكثر دموية على غزة.
وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن توسيع نطاق القصف ليشمل أهدافًا غير عسكرية وتخفيف القيود المتعلقة بالخسائر المتوقعة في صفوف المدنيين واستخدام نظام الذكاء الاصطناعي لتحديد المزيد من الأهداف المحتملة أكثر من أي وقت مضى ساهم في الطبيعة التدميرية للمراحل الأولى من الحرب الإسرائيلية الحالية على قطاع غزة. وحسب أعضاء سابقين وحاليين في المخابرات الإسرائيلية، من المرجح أن هذه العوامل لعبت دورًا في تنفيذ أكثر الحملات العسكرية دموية ضد
الفلسطينيين منذ نكبة سنة 1948.
استند التحقيق الذي أجرته مجلة 972 + وموقع "لوكال كول" إلى محادثات مع سبعة أعضاء حاليين وسابقين في مجتمع الاستخبارات الإسرائيلي – بما في ذلك أفراد المخابرات العسكرية والقوات الجوية الذين شاركوا في العمليات الإسرائيلية في القطاع المحاصر – بالإضافة إلى شهادات فلسطينية وبيانات ومعلومات ووثائق من قطاع غزة، وتصريحات رسمية للمتحدث باسم القوات الإسرائيلية والمؤسسات الإسرائيلية الأخرى.
مقارنة بالهجمات الإسرائيلية السابقة على غزة، فإن الحرب الحالية - التي أطلقت عليها إسرائيل اسم "عملية السيوف الحديدية"، وبدأت في أعقاب الهجوم الذي قادته حماس على جنوب إسرائيل في 7 تشرين الأول/ أكتوبر- شهدت توسيع الجيش بشكل كبير لقصفه أهدافا ليست ذات طبيعة عسكرية واضحة بما في ذلك المساكن الخاصة والمباني العامة والبنية التحتية والمباني الشاهقة، التي تقول المصادر إن الجيش يحددها على أنها "أهداف قوة".
وفقًا لمصادر استخباراتية لديها خبرات أولية في تطبيق قصف أهداف القوة في غزة في الماضي، يهدف هذا النوع من القصف بشكل أساسي إلى إلحاق الضرر بالمجتمع المدني الفلسطيني: "خلق صدمة" سيكون لها، من بين أمور أخرى، صدى قوي يقود المدنيين إلى ممارسة الضغط على حماس.
أكدت العديد من المصادر، التي تحدثت إلى مجلة 972 وموقع "لوكال كول" شرط عدم الكشف عن هويتها، أن الجيش الإسرائيلي لديه ملفات حول الغالبية العظمى من الأهداف المحتملة في غزة التي تضم العدد التقريبي للمدنيين الذين من المحتمل أن يُقتلوا في هجوم على هدف معين. وفي إحدى الحالات التي ناقشتها المصادر، وافقت القيادة العسكرية الإسرائيلية على قتل مئات المدنيين الفلسطينيين في محاولة لاغتيال أحد كبار القادة العسكريين في حماس. وقال أحد المصادر: "ارتفعت الحصيلة من عشرات القتلى المدنيين [المسموح بهم] كأضرار جانبية كجزء من هجوم على مسؤول كبير في العمليات السابقة، إلى مئات القتلى المدنيين كأضرار جانبية".
وأضاف مصدر آخر "لا شيء يحدث بالصدفة، عندما تُقتل فتاة تبلغ من العمر 3 سنوات في منزل في غزة، فذلك لأن أحد أفراد الجيش قرر أن قتلها ليس بالأمر الكبير - وأن ذلك هو الثمن الذي يستحق دفعه من أجل ضرب هدف آخر". نحن لسنا حماس هذه ليست صواريخ عشوائية، كل الضربات متعمدة. نحن نعرف بالضبط حجم الأضرار الجانبية الموجودة في كل منزل".
ووفقا للتحقيق، فإن سببا آخر للعدد الكبير من الأهداف والأضرار الجسيمة التي لحقت بالحياة المدنية في غزة هو الاستخدام واسع النطاق لنظام يسمى "الحبسورة" ("الإنجيل")، وهو مبني إلى حد كبير على الذكاء الاصطناعي ويمكن أن "يولد" أهدافًا بشكل تلقائي تقريبًا بمعدل يتجاوز بكثير ما كان ممكنًا في السابق. وقد وصف ضابط مخابرات سابق هذا النظام القائم على الذكاء الاصطناعي بأنه يُسهّل بشكل أساسي إنشاء "مصنع اغتيالات جماعية".
حسب ما نقلته المجلة عن المصادر، فإن الاستخدام المتزايد للأنظمة القائمة على الذكاء الاصطناعي مثل الحبسورة يسمح للجيش بتنفيذ غارات على المنازل السكنية التي يعيش فيها عضو واحد من حماس على نطاق واسع، حتى أولئك الذين هم من المستويات الدنيا في حماس. في المقابل، تشير شهادات الفلسطينيين في غزة إلى أنه منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، هاجم الجيش العديد من المساكن الخاصة حيث لم يكن هناك أي عضو معروف أو ظاهري من حماس أو أي جماعة مسلحة أخرى يقيم فيها. وأكدت المصادر أن مثل هذه الضربات يمكن أن تقتل عائلات بأكملها عمدًا في هذه العملية.
وذكر مصدر آخر أن ضابطا كبيرا في المخابرات أبلغ ضباطه بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر أن الهدف كان "قتل أكبر عدد ممكن من عناصر حماس"، حيث خففت المعايير المتعلقة بإيذاء المدنيين الفلسطينيين بشكل كبير. وأوضح المصدر: "غالبا ما يتم ذلك لتوفير الوقت بدلا من القيام بمزيد من العمل للحصول على معلومات أكثر دقة".
كانت نتيجة هذه السياسات خسارة فادحة في الأرواح البشرية في غزة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر. وحتى وقت كتابة هذا التقرير، تم الإبلاغ عن مقتل حوالي 15 ألف فلسطيني في الحرب، وما زال العدد في ازدياد. وأوضح أحد المصادر أن "كل ما يحدث يخالف البروتوكول الذي استخدمه الجيش الإسرائيلي في الماضي". وأضاف المصدر ذاته: هناك شعور بأن كبار المسؤولين في الجيش يدركون فشلهم في 7 تشرين الأول/أكتوبر، ومنشغلون بمسألة كيفية تقديم صورة للنصر للإسرائيليين من شأنها إنقاذ سمعتهم".
"ذريعة للتسبب في الدمار"
حسب المصادر التي تحدثت إلى مجلة 972+ ولوكال كول، يمكن تقسيم الأهداف التي قصفتها الطائرات الإسرائيلية في غزة إلى أربع فئات تقريبًا. الأول "الأهداف التكتيكية" التي تشمل الأهداف العسكرية القياسية مثل الخلايا المسلحة، ومستودعات الأسلحة، وقاذفات الصواريخ، وقاذفات الصواريخ المضادة للدبابات، ومواقع الإطلاق، وقذائف الهاون، والمقرات العسكرية، ومراكز المراقبة، وما إلى ذلك. ويتمثل الهدف الثاني في "الأهداف تحت الأرض" - ولا سيما الأنفاق التي حفرتها حماس تحت أحياء غزة، بما في ذلك تحت منازل المدنيين. ومن الممكن أن تؤدي الضربات الجوية على هذه الأهداف إلى انهيار المنازل الموجودة فوق الأنفاق أو بالقرب منها. ويتمثل الهدف الثالث في "أهداف القوة"، التي تشمل المباني الشاهقة والأبراج السكنية في قلب المدن، والمباني العامة مثل الجامعات والبنوك والمكاتب الحكومية.
تشمل الفئة الأخيرة "منازل العائلات" أو "منازل النشطاء". والغرض المعلن من هذه الهجمات هو تدمير المساكن الخاصة من أجل اغتيال مواطن واحد يشتبه في أنه ناشط في حماس. لكن في الحرب الحالية تؤكد الشهادات الفلسطينية أن بعض العائلات التي قُتلت لم يكن فيها أي عنصر من هذه التنظيمات.
في المراحل الأولى من الحرب الحالية، يبدو أن القوات الإسرائيلية أولت اهتماما خاصة للفئتين الثالثة والرابعة من الأهداف. ووفقًا لتصريحات المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي في 11 تشرين الأول/أكتوبر، خلال الأيام الخمسة الأولى من القتال، تعتبر نصف الأهداف التي قُصفت– 1329 من إجمالي 2687 – أهداف قوة.
نقلت المجلة عن مصدر شارك في الهجمات الإسرائيلية السابقة على غزة: "يُطلب منا البحث عن المباني الشاهقة التي تضم أحد عناصر حماس. في بعض الأحيان، يكون مكتبًا للمتحدث الرسمي باسم جماعة مسلحة، أو نقطة يجتمع فيها النشطاء. وإذا أخبروا العالم بأسره أن مكاتب الجهاد الإسلامي في الطابق العاشر ليست مهمة كهدف، ولكن وجودها مبرر لإسقاط المباني الشاهقة بأكملها بهدف الضغط على الأسر المدنية التي تعيش فيها من أجل الضغط على المنظمات الإرهابية، فهذا في حد ذاته يعتبر إرهابا. لذلك لا يقولون ذلك".
قالت مصادر مختلفة ممن خدموا في وحدات استخبارات القوات الإسرائيلية إنه حتى في الحرب الحالية على الأقل، سمحت بروتوكولات الجيش بمهاجمة أهداف القوة فقط عندما تكون المباني خالية من السكان وقت الغارة. مع ذلك، تشير الشهادات ومقاطع الفيديو من غزة إلى أنه منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، تعرضت بعض هذه الأهداف إلى هجوم دون إشعار مسبق لشاغليها، مما أدى إلى مقتل عائلات بأكملها نتيجة لذلك.
وفقًا للمكتب الإعلامي الحكومي في غزة - الذي ظل يعلن عن أعداد القتلى منذ أن توقفت وزارة الصحة في غزة عن ذلك في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر بسبب انهيار الخدمات الصحية في القطاع - بحلول الوقت الذي بدأ فيه وقف إطلاق النار المؤقت في 23 تشرين الثاني/ نوفمبر، قتلت إسرائيل 14800 فلسطيني في غزة حوالي 6 آلاف منهم من الأطفال و4 آلاف من النساء، ويشكلون معًا أكثر من 67 بالمائة من مجموع الضحايا. ولا تختلف الأرقام التي قدمتها وزارة الصحة والمكتب الإعلامي الحكومي بشكل كبير عن التقديرات الإسرائيلية.
علاوة على ذلك، لم تحدد وزارة الصحة في غزة عدد القتلى الذين ينتمون إلى الأجنحة العسكرية لحماس. ويقدر الجيش الإسرائيلي أنه قتل ما بين ألف إلى 3 آلاف من المسلحين الفلسطينيين المسلحين. ووفقاً لتقارير إعلامية في إسرائيل، فإن بعض المسلحين القتلى مدفونون تحت الأنقاض أو داخل شبكة الأنفاق التابعة لحماس، وبالتالي لم يُسجلوا في الإحصائيات الرسمية.
وتشير بيانات الأمم المتحدة للفترة حتى 11 تشرين الثاني/ نوفمبر، وهو الوقت الذي قتلت فيه إسرائيل 11078 فلسطينيا في غزة، إلى أن 312 أسرة على الأقل فقدت 10 أشخاص أو أكثر في الهجوم الإسرائيلي الحالي. وعلى سبيل المقارنة، خلال "عملية الجرف الصامد" سنة 2014، فقدت 20 عائلة في غزة 10 أشخاص أو أكثر. ولم تقدم حتى اللحظة الراهنة تفاصيل محدثة لأرقام الضحايا المنشورة منذ 11 تشرين الثاني/نوفمبر.
وذكرت المجلة أن الهجمات واسعة النطاق على أهداف القوة والمساكن الخاصة جاءت في الوقت الذي دعت فيه القوات الإسرائيلية، في 13 تشرين الأول/ أكتوبر، سكان شمال قطاع غزة البالغ عددهم 1.1 مليون نسمة إلى مغادرة منازلهم والانتقال إلى جنوب القطاع. وبحلول ذلك التاريخ، كان قد تم بالفعل قصف عدد قياسي من أهداف القوة، وكان أكثر من 1000 فلسطيني قد قُتلوا بالفعل.
"لقد هدموا مبنى شاهقًا من أجله"
حسب تقديرات القوات الإسرائيلية، أسقِطت خلال الأيام الخمسة الأولى من القتال 6 آلاف قنبلة على القطاع. وذكرت وسائل إعلام أن الجيش دمّر أحياء بأكملها، ووفقًا لمركز الميزان لحقوق الإنسان ومقره غزة، أدت هذه الهجمات إلى "التدمير الكامل للأحياء السكنية وتدمير البنية التحتية والقتل الجماعي للسكان".
وثّق مركز الميزان والعديد من الصور القادمة من غزة، قصفت إسرائيل الجامعة الإسلامية في غزة، ونقابة المحامين الفلسطينيين، ومبنى للأمم المتحدة لبرنامج تعليمي للطلاب المتفوقين، ومبنى تابعا لشركة الاتصالات الفلسطينية، ووزارة الاقتصاد الوطني، ووزارة الثقافة، والطرق، وعشرات المباني الشاهقة والمنازل – لا سيما في الأحياء الشمالية من غزة.
وعلى الرغم من القصف الإسرائيلي الجامح، فإن الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية العسكرية لحماس في شمال غزة خلال الأيام الأولى من الحرب تبدو ضئيلة للغاية. وفي الواقع، قالت مصادر استخباراتية لمجلة 972 ولوكال كول إن الأهداف العسكرية التي كانت جزءًا من أهداف القوة قد تم استخدامها في السابق عدة مرات كذريعة لإيذاء السكان المدنيين. وحسب مسؤول استخباراتي سابق فإن "حماس موجودة في كل مكان في غزة "لا يوجد مبنى لا يحتوي على شيء من حماس، لذا إذا كنت تريد إيجاد طريقة لتحويل مبنى شاهق إلى هدف، ستتمكن من القيام بذلك".
وفقًا لمصادر شاركت في تجميع أهداف القوة في الحروب السابقة، على الرغم من أن ملف الهدف عادةً ما يحتوي على نوع من الارتباط المزعوم بحماس أو الجماعات المسلحة الأخرى، فإن ضرب الهدف يعمل في المقام الأول باعتباره "وسيلة تسمح بإلحاق الضرر بالمجتمع المدني". لذلك أدركت المصادر، بعضها بشكل واضح وبعضها بشكل ضمني، أن إلحاق الضرر بالمدنيين هو الهدف الحقيقي لهذه الهجمات.
في أيار/ مايو 2021، على سبيل المثال، تعرّضت إسرائيل لانتقادات شديدة بسبب قصفها برج الجلاء الذي يضم وسائل إعلام دولية بارزة مثل قناة الجزيرة وأسوشيتد برس ووكالة فرانس برس. وزعم الجيش أن المبنى كان هدفا عسكريا لحماس بينما كان في الواقع هدفًا للقوة حسب المصادر. وقال أحد المصادر إن "هدم المباني الشاهقة يؤذي حماس حقاً، لأنه يخلق رد فعل شعبيا في قطاع غزة ويخيف السكان. لقد أرادوا إعطاء مواطني غزة الشعور بأن حماس فقدت السيطرة على الوضع. في بعض الأحيان هدموا المباني وأحيانا مباني الخدمات البريدية والحكومية".
وفقا للمبدأ - الذي وضعه رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق غادي أيزنكوت، وهو الآن عضو في الكنيست وجزء من حكومة الحرب الحالية - في حرب ضد الجماعات المسلحة مثل حماس أو حزب الله، يجب على إسرائيل استخدام القوة المفرطة والساحقة أثناء استهداف البنية التحتية المدنية والحكومية وإجبار السكان المدنيين على الضغط على الجماعات لإنهاء هجماتها. ويبدو أن مفهوم "أهداف القوة" قد انبثق من هذا المنطق نفسه.
أظهرت العمليات السابقة أيضًا كيف أن ضرب هذه الأهداف لا يهدف فقط إلى الإضرار بالمعنويات الفلسطينية فقط، بل إلى رفع الروح المعنوية داخل إسرائيل. وكشفت صحيفة هاآرتس أنه خلال عملية حارس الجدران في سنة 2021، أجرت وحدة المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي عملية ضد المواطنين الإسرائيليين من أجل تعزيز الوعي بعمليات الجيش الإسرائيلي في غزة والأضرار التي ألحقتها بالفلسطينيين. وحمّل الجنود، الذين استخدموا حسابات مزيفة على وسائل التواصل الاجتماعي لإخفاء أصل الحملة، صورا ومقاطع من ضربات الجيش في غزة على تويتر وفيسبوك وإنستغرام وتيك توك من أجل إظهار براعة القوات الإسرائيلية للإسرائيليين.
"كان الجميع يبحثون عن أطفالهم بين هذه الأكوام"
لم تقتصر الحرب الحالية على استهداف إسرائيل عددا غير مسبوق من أهداف القوة فحسب، بل شهدت أيضا تخلي الجيش عن سياساته السابقة لتجنب إلحاق الأذى بالمدنيين. وبينما كان الإجراء الرسمي للجيش في السابق عدم مهاجمة أهداف القوة إلا بعد إجلاء جميع المدنيين منها، تشير شهادات السكان الفلسطينيين في غزة إلى أنه منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، تهاجم إسرائيل المباني الشاهقة بينما سكانها لا يزالون داخلها أو دون اتخاذ خطوات مهمة لإجلائهم، مما أدى إلى مقتل العديد من المدنيين.
تؤدي مثل هذه الهجمات في كثير من الأحيان إلى مقتل عائلات بأكملها، وحسب تحقيق أجرته وكالة "أسوشيتد برس" بعد حرب 2014، فإن حوالي 89 بالمئة من القتلى في القصف الجوي لمنازل العائلات كانوا من السكان العزل، وكان معظمهم من الأطفال والنساء.
أكد تيشلر، رئيس أركان القوات الجوية، حدوث تحول في السياسة، وأخبر المراسلين أن الجيش انتهج سياسة "طرق السطح" - حيث يطلق ضربة أولية صغيرة على سطح المبنى لتحذير السكان من أنه على وشك الهجوم. وقالت المصادر التي عملت سابقًا على أهداف الطاقة إن الإستراتيجية الوقحة للحرب الحالية يمكن أن تكون تطورًا خطيرًا، وأن مهاجمة أهداف الطاقة كانت تهدف في الأصل إلى "صدمة" غزة وليس بالضرورة قتل أعداد كبيرة من المدنيين.
قال أحد المصادر إنه تم تصميم الأهداف على افتراض أنه سيتم إخلاء المباني الشاهقة من الناس، لذلك عندما كنا نعمل على تجميع الأهداف، لم يكن هناك أي قلق على الإطلاق بشأن عدد المدنيين الذين سيتضررون. ومع ذلك، تشير الأدلة الواردة من غزة إلى أن بعض المباني الشاهقة - التي نفترض أنها كانت أهدافًا للسلطة - قد أسقطت دون سابق إنذار..
في 25 تشرين الأول/ أكتوبر، تم قصف مبنى التاج السكني المكون من 12 طابقًا في مدينة غزة، مما أدى إلى مقتل العائلات التي تعيش بداخله دون سابق إنذار. ودُفن نحو 120 شخصا تحت أنقاض شققهم، بحسب شهادات الأهالي. وبعد ستة أيام، في 31 تشرين الأول/ أكتوبر، تم قصف مبنى المهندسين السكني المكون من ثمانية طوابق دون سابق إنذار. وحسب ما ورد تم انتشال ما بين 30 و45 جثة من تحت الأنقاض في اليوم الأول. كان المبنى يقع في مخيم النصيرات للاجئين، جنوب وادي غزة – في"المنطقة الآمنة" المفترضة التي وجهت إسرائيل إليها الفلسطينيين الذين فروا من منازلهم في شمال ووسط غزة – وبالتالي كان بمثابة مأوى مؤقت للنازحين.
ووفقا لتحقيق أجرته منظمة العفو الدولية، قصفت إسرائيل في التاسع من شهر تشرين الأول/ أكتوبر ثلاثة مبانٍ متعددة الطوابق على الأقل، فضلاً عن سوق مفتوح للسلع الرخيصة والمستعملة في شارع مزدحم في مخيم جباليا للاجئين، مما أسفر عن مقتل 69 شخصا على الأقل. ووفقا لتحقيق منظمة العفو الدولية، قال الجيش إن الهجوم على منطقة السوق كان يستهدف مسجدا "حيث كان هناك مقاتلون من حماس". ومع ذلك، حسب التحقيق نفسه، فإن صور الأقمار الصناعية لا تظهر وجود مسجد في المنطقة المجاورة.
"الآلة أنتجت 100 هدف في يوم واحد"
وفقا للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، بحلول 10 تشرين الثاني/ نوفمبر، خلال الأيام الـ 35 الأولى من القتال، هاجمت إسرائيل ما مجموعه 15 ألف هدف في غزة. واستنادا إلى مصادر متعددة، فهذا رقم مرتفع للغاية مقارنة بالعمليات الأربع الكبرى السابقة في القطاع. وخلال عملية حراسة الجدران سنة 2021، هاجمت إسرائيل 1500 هدف في 11 يومًا. وفي عملية الجرف الصامد سنة 2014، والتي استمرت 51 يومًا، ضربت إسرائيل ما بين 5266 إلى 6231 هدفًا. خلال عملية عمود الدفاع في سنة 2012، تمت مهاجمة حوالي 1500 هدف على مدار ثمانية أيام.
وقالت مصادر استخباراتية خدمت في العمليات السابقة أيضًا إنه لمدة 10 أيام في سنة 2021 وثلاثة أسابيع في سنة 2014، أدى معدل الهجوم على 100 إلى 200 هدف يوميًا إلى وضع لم يتبق فيه للقوات الجوية الإسرائيلية أي أهداف ذات قيمة عسكرية. لماذا إذن، وبعد حوالي شهرين، لم تنته قائمة أهداف الجيش الإسرائيلي في الحرب الحالية؟
تكمن الإجابة في بيان صادر عن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي في الثاني من تشرين الثاني/ نوفمبر، الذي بموجبه يستخدم نظام الذكاء الاصطناعي "حبسورة"، الذي يقول المتحدث باسمه إنه "يتيح استخدام الأدوات الآلية لإنتاج الأهداف بسرعة كبيرة". ويعمل من خلال تحسين المواد الاستخباراتية الدقيقة وعالية الجودة وفقًا للاحتياجات العملياتية".
حسب مصادر استخباراتية، فإن نظام "حبسورة" يولد توصيات تلقائية لمهاجمة المساكن الخاصة التي يعيش فيها أشخاص يشتبه في أنهم نشطاء في حماس أو منظمة الجهاد الإسلامي. وتقوم إسرائيل بعد ذلك بتنفيذ عمليات اغتيال واسعة النطاق من خلال القصف العنيف لهذه المنازل السكنية.
وأوضح أحد المصادر أن نظام "حبسورة" يعالج كميات هائلة من البيانات "لم يتمكن عشرات الآلاف من ضباط المخابرات من معالجتها"، ويوصي بقصف المواقع في الوقت الفعلي. وبما أن معظم كبار مسؤولي حماس يتوجهون إلى الأنفاق تحت الأرض مع بداية أي عملية عسكرية، فإن استخدام نظام مثل "حبسورة" يجعل من الممكن تحديد مواقع ومهاجمة منازل النشطاء المبتدئين نسبيًا.
وأوضح أحد ضباط المخابرات السابقين أن نظام "حبسورة" يمكّن الجيش من إدارة "مصنع اغتيالات جماعية"، حيث "يتم التركيز على الكمية وليس على الجودة". فالعين البشرية "ستقوم بفحص الأهداف قبل كل هجوم، لكنها لا تحتاج إلى قضاء الكثير من الوقت عليها". وبما أن إسرائيل تقدر أن هناك ما يقارب 30 ألفاً من أعضاء حماس في غزة، وجميعهم مستهدفون بالتصفية، فإن عدد الأهداف المحتملة هائل.
في سنة 2019، أنشأ الجيش الإسرائيلي مركزًا جديدًا يهدف إلى استخدام الذكاء الاصطناعي لتسريع عملية توليد الأهداف. وقال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق، أفيف كوخافي، في مقابلة متعمقة مع موقع "نت" في وقت سابق من السنة الجارية إن "القسم الإداري للأهداف هو وحدة تضم مئات الضباط والجنود، وتعتمد على قدرات الذكاء الاصطناعي". وتابع كوخافي أن "هذه آلة يمكنها، بمساعدة الذكاء الاصطناعي، معالجة الكثير من البيانات بشكل أفضل وأسرع من أي إنسان، وترجمتها إلى أهداف للهجوم".
وقال أحد المصادر التي عملت في القسم الإداري الجديد للأهداف: "نحن نجهز الأهداف تلقائيًا ونعمل وفقًا لقائمة مرجعيّة. إنه حقًا مثل المصنع. نحن نعمل بسرعة وليس هناك وقت للتعمق في الهدف. يتم تقييمنا وفقًا لعدد الأهداف التي نتمكن من استهدافها".
قال مسؤول عسكري بارز مسؤول عن بنك الأهداف لصحيفة "جيروزاليم بوست" في وقت سابق من هذه السنة، إنه بفضل أنظمة الذكاء الاصطناعي التابعة للجيش، يستطيع الجيش لأول مرة إنشاء أهداف جديدة بمعدل أسرع من هجماته. وهكذا فإن الأنظمة الآلية مثل "حبسورة" سهلت إلى حد كبير عمل ضباط المخابرات الإسرائيلية في اتخاذ القرارات أثناء العمليات العسكرية، بما في ذلك حساب الخسائر المحتملة. وأكدت خمسة مصادر مختلفة أن عدد المدنيين الذين قد يقتلون في الهجمات على المساكن الخاصة معروف مسبقاً لدى المخابرات الإسرائيلية، ويظهر بوضوح في ملف الأهداف تحت فئة "الأضرار الجانبية".
سياسة منسقة لقصف منازل العائلات
في 22 تشرين الأول/ أكتوبر، قصفت طائرات
الاحتلال الإسرائيلي منزل الصحافي الفلسطيني أحمد الناعوق في مدينة دير البلح. وقد أدت هذه الغارة إلى انهيار كتل من الخرسانة على عائلة أحمد بأكملها، مما أسفر عن مقتل والده وإخوته وجميع أطفالهم، بما في ذلك الأطفال الرضع. ولم تنج سوى ابنة أخيه ملاك البالغة من العمر 12 سنة، وبقيت في حالة حرجة، وجسدها مغطى بالحروق. وبعد أيام قليلة توفيت.
قُتل حوالي 21 فردًا من عائلة أحمد، ودُفنوا تحت منزلهم. ولم يكن أي منهم من المسلحين. كان أصغرهم يبلغ من العمر سنتين، وكان أكبرهم، والده البالغ من العمر 75 سنة. وأصبح أحمد، الذي يعيش حاليًا في المملكة المتحدة، وحيدًا من بين جميع أفراد عائلته. تعتبر حالة أحمد شائعة في غزة هذه الأيام. وفي مقابلات صحفية، ردّد رؤساء مستشفيات غزة نفس الوصف: العائلات تدخل المستشفيات كسلسلة من الجثث، الطفل يتبعه والده ثم جده. الجثث كلها مغطاة بالتراب والدماء.
وفقا لضباط استخبارات إسرائيليين سابقين، في العديد من الحالات التي يتم فيها قصف مسكن خاص، يكون الهدف هو "اغتيال نشطاء حماس أو منظمة الجهاد الإسلامي"، ويتم مهاجمة مثل هذه الأهداف عندما يدخل العميل المنزل. ويعرف باحثو الاستخبارات ما إذا كان أفراد عائلة العميل أو جيرانه قد يموتون أيضًا في هجوم، ويعرفون كيفية حساب عدد الأشخاص الذين قد يموتون منهم. وقال كل من المصادر إن هذه منازل خاصة، وفي معظم الحالات لا يتم القيام بأي نشاط عسكري.
في 10 تشرين الأول/ أكتوبر، قصفت القوات الجوية الإسرائيلية مبنى سكنيا في حي الشيخ رضوان بغزة، مما أسفر عن مقتل 40 شخصا، معظمهم من النساء والأطفال. وفي أحد مقاطع الفيديو الصادمة التي تم التقاطها عقب الهجوم، يظهر الناس وهم يصرخون ويحملون ما يبدو أنه دمية تم سحبها من أنقاض المنزل، ويمررونها من يد إلى أخرى. عندما تقوم الكاميرا بتكبير الصورة، يتبين أنه جسد طفل.
قال أحد السكان إن 19 من أفراد عائلته قتلوا في الغارة. وكتب ناج آخر على فيسبوك أنه لم يجد سوى كتف ابنه تحت الأنقاض. وحققت منظمة العفو الدولية في الهجوم واكتشفت أن أحد أعضاء حماس كان يعيش في أحد الطوابق العليا من المبنى، لكنه لم يكن موجودا وقت الهجوم.
من المرجح أن قصف منازل العائلات التي من المفترض أن يعيش فيها نشطاء حماس أو الجهاد الإسلامي أصبح سياسة أكثر تنسيقًا للجيش الإسرائيلي خلال عملية الجرف الصامد في سنة 2014. في ذلك الوقت، كان 606 فلسطينيين أعضاء في العائلات التي قصفت منازلها. وقد عرّفها تقرير للأمم المتحدة في سنة 2015 بأنها جريمة حرب محتملة و"نمط جديد" من العمل "أدى إلى وفاة عائلات بأكملها".
في سنة 2014، استُشهد 93 طفلا نتيجة القصف الإسرائيلي لمنازل عائلاتهم، منهم 13 طفلا لم يبلغوا من العمر سنة واحدة. وقبل شهر، تم بالفعل التعرف على 286 طفلًا يبلغ عمرهم سنة أو أقل على أنهم قُتلوا في غزة، وفقًا لقائمة هوية مفصلة مع أعمار الضحايا التي نشرتها وزارة الصحة في غزة في 26 تشرين الأول/ أكتوبر. ومن المرجح أن العدد قد تضاعف منذ ذلك الحين أو تضاعف ثلاث مرات.
شنّ الجيش الإسرائيلي في كثير من الحالات هجمات استهدفت مساكن خاصة حتى عندما لا يكون هناك هدف عسكري معروف أو واضح. ووفقًا للجنة حماية الصحفيين، بحلول 29 تشرين الثاني/ نوفمبر، قتلت إسرائيل 50 صحفيًا فلسطينيًا في غزة، بعضهم في منازلهم مع أسرهم. واعترف محللون إسرائيليون بأن الفعالية العسكرية لهذا النوع من الهجمات الجوية غير المتناسبة محدودة.
"محاربة الحيوانات البشرية"
يعمل مقاتلو حماس بشكل منتظم من خلال شبكة معقدة من الأنفاق المقامة تحت مساحات واسعة من قطاع غزة. وهذه الأنفاق، كما أكد ضباط المخابرات الإسرائيلية السابقون الذين تحدثنا إليهم، تمر أيضًا تحت المنازل والطرق. لذلك من المرجّح أن تؤدي المحاولات الإسرائيلية لتدميرها بغارات جوية إلى مقتل مدنيين. وقد يكون هذا سببًا آخر وراء العدد الكبير من العائلات الفلسطينية التي تم القضاء عليها في الهجوم الحالي.
وقال ضباط المخابرات الذين تمت مقابلتهم إن الطريقة التي صممت بها حماس شبكة الأنفاق في غزة تستغل عن عمد السكان المدنيين والبنية التحتية فوق الأرض. كما شكلت هذه الادعاءات أساس الحملة الإعلامية التي شنتها إسرائيل بشأن الاعتداءات والمداهمات على مستشفى الشفاء والأنفاق التي تم اكتشافها تحته.
هاجمت إسرائيل عددًا كبيرًا من الأهداف العسكرية: نشطاء حماس المسلحين، ومواقع إطلاق الصواريخ، والقناصين، ووحدات مكافحة الدبابات، والمقرات العسكرية، والقواعد، ونقاط المراقبة، وغيرها. منذ بداية الغزو البري، تم استخدام القصف الجوي ونيران المدفعية الثقيلة لتوفير الدعم للقوات الإسرائيلية على الأرض. ويقول خبراء في القانون الدولي إن هذه الأهداف مشروعة، طالما أن الضربات تلتزم بمبدأ التناسب.
صرح المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي بما يلي: "إن جيش الدفاع الإسرائيلي ملتزم بالقانون الدولي ويتصرف وفقًا له، وهو بذلك يهاجم أهدافًا عسكرية ولا يهاجم المدنيين. وتقوم منظمة حماس الإرهابية بوضع عناصرها وعتادها العسكري في قلب السكان المدنيين. وتستخدم حماس بشكل منهجي السكان المدنيين كدرع بشري، وتشن القتال من المباني المدنية، بما في ذلك المواقع الحساسة مثل المستشفيات والمساجد والمدارس ومنشآت الأمم المتحدة".
وعلى نحو مماثل، زعمت مصادر استخباراتية تحدثت إلى مجلة "+972" أنه في كثير من الحالات، تقوم حماس "بتعريض السكان المدنيين في غزة للخطر عمدًا وتحاول منع المدنيين بالقوة من الإخلاء". وقال مصدران إن قادة حماس "يفهمون أن الضرر الإسرائيلي للمدنيين يمنحهم الشرعية في القتال".
على الرغم من أنه من الصعب أن نتصور الآن، إلا أن فكرة إسقاط قنبلة تزن طنا واحدا بهدف قتل أحد نشطاء حماس لينتهي بها الأمر بقتل عائلة بأكملها باعتبارها "أضرارا جانبية" لم تكن دائما مقبولة بهذه السهولة من قبل قطاعات كبيرة في المجتمع الإسرائيلي.
في كانون الأول/ ديسمبر 2008، في أول حرب كبرى شنتها إسرائيل ضد حماس بعد استيلائها على السلطة في غزة، قال يوآف غالانت، الذي كان يرأس آنذاك القيادة الجنوبية للجيش الإسرائيلي، إن إسرائيل "تقصف لأول مرة منازل عائلات" كبار القادة في حماس بهدف تدميرهم، ولكن دون الإضرار بأسرهم. وشدد غالانت على أن المنازل هوجمت بعد أن تم تحذير العائلات من خلال استراتيجية "الطرق على السطح"، وكذلك عبر مكالمة هاتفية، بعد أن تبين أن نشاطًا عسكريًا لحماس يجري داخل المنزل.
بعد عملية الجرف الصامد في سنة 2014، التي بدأت خلالها إسرائيل بقصف منازل العائلات بشكل منهجي من الجو، قامت جماعات حقوق الإنسان مثل "بتسيلم" بجمع شهادات من الفلسطينيين الذين نجوا من هذه الهجمات. وقال الناجون إن المنازل انهارت على نفسها، وقطّعت شظايا الزجاج جثث من بداخلها، و"تفوح من الحطام رائحة الدم"، ودُفن الناس أحياء.
تستمر هذه السياسة القاتلة حتى اليوم – ويرجع ذلك جزئيًا إلى استخدام الأسلحة المدمرة والتكنولوجيا المتطورة مثل حبسورة، ولكن أيضًا إلى المؤسسة السياسية والأمنية التي خففت القيود على الآلة العسكرية الإسرائيلية. وبعد 15 سنة من الإصرار على أن الجيش يبذل قصارى جهده لتقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين، من الواضح أن غالانت، الذي يشغل حاليا منصب وزير الدفاع، غيّر لهجته. وقال بعد السابع من شهر تشرين الأول/ أكتوبر: "نحن نحارب الحيوانات البشرية ونتصرف على هذا الأساس".