نشرت صحيفة "
فاينانشال تايمز" البريطانية تقريرًا تحدثت فيه عن الأسباب التي تقف وراء تباطؤ المنافسة في استضافة الأحداث الرياضية العالمية.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن معركة استضافة الحدث الرياضي الأكثر مشاهدة في العالم انتهت قبل أن تبدأ؛ حيث فازت الرياض باستضافة بطولة
كأس العالم لكرة القدم سنة 2034، دون منافسة.
وستستضيف إسبانيا والبرتغال والمغرب بطولة 2030 بشكل مشترك بعد أن كان لا منافس لهما.
وذكرت الصحيفة أن اتجاه الاستضافة عن طريق التعيين - الذي تبنته اللجنة الأولمبية الدولية كسياسة في سنة 2019 - أصبح سائدًا بشكل متزايد في
الرياضة العالمية، فقد حقق العرض البريطاني الإيرلندي المشترك لاستضافة بطولة أمم أوروبا 2028 الفوز في سباق الحصان الواحد، ما ترك العرض لتركيا وإيطاليا للمشاركة في نسخة 2032. واختارت منظمة عالم الرغبي الولايات المتحدة لاستضافة بطولة كأس العالم لاتحاد الرغبي للرجال والسيدات، المقرر عقدها في سنتي 2031 و2033 على التوالي.
وأوضح الموقع أنه لم يكن الأمر دائمًا على هذا النحو، كانت المسابقات لاستضافة الأحداث الرياضية الكبرى تشهد تنافسًا شرسًا في السابق. وكان أفراد العائلة المالكة البريطانية والرؤساء الأمريكيون ونجوم كرة القدم الفرنسيون يتنقلون عبر الكرة الأرضية، ليهنئوا المسؤولين ويتحدثوا عن المعابد الفخمة الرياضية التي سيتم بناؤها - بتكلفة كبيرة على حساب دافعي الضرائب - إذا حصلت بلادهم على الموافقة.
وأوضحت الصحيفة أنه مع ارتفاع تكاليف الفوز، فقد تحول احتفال جماعات الضغط الذي كان صاخبًا في السابق إلى ما يشبه الاجتماع البابوي السري؛ حيث يعقد المسؤولون الصفقات خلف أبواب مغلقة ويقدمون النتيجة بشكل غامض، فقد جاء عرض المملكة العربية
السعودية لاستضافة كأس العالم 2034 في أعقاب سلسلة من التغييرات المفاجئة في عملية تقديم العطاءات من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، والتي أطاحت بأي منافسين جديين قبل أن تتاح لهم فرصة للتفكير.
ويعتقد أندرو زيمباليست، مؤلف كتاب "سيرك مكسيموس" أن "المقامرة الاقتصادية هي وراء استضافة الألعاب الأولمبية وكأس العالم"، وأن التحرك لتحويل عملية تقديم العطاءات المفتوحة إلى تعيين داخلي هو بمثابة تمرين لحفظ ماء الوجه للمنظمين الذين يتطلعون إلى التغلب على تضاؤل الاهتمام بالاستضافة. وأضاف: "لقد تراجعت ظروف السوق وباتوا لا يحصلون على نوع العطاءات التي اعتادوا عليها".
ونوهت الصحيفة إلى أن مستقبل ألعاب الكومنولث أصبح موضع شك جدي بعد أن ألغت ولاية فيكتوريا الأسترالية خطتها لاستضافة النسخة التالية ورفضت الدول المضيفة المحتملة الأخرى التدخل، كما أن بطولة كأس العالم والألعاب الأولمبية الصيفية مكلفة للغاية، ولا سيما عندما تكون هناك حاجة إلى إصلاحات البنية التحتية، فقد أنفقت ريو دي جانيرو أكثر من 13 مليار دولار لاستضافة دورة الألعاب الأولمبية سنة 2016 واحتاجت إلى خطة إنقاذ حكومية بقيمة 895 مليون دولار لإنهائها. وفي سنة 2006، احتفل دافعو الضرائب في مونتريال أخيرًا بسداد الديون المتكبدة نتيجة لاستضافة الألعاب قبل ثلاثة عقود.
وأفادت الصحيفة بأن بطولات كرة القدم تعرضت لارتفاع التكاليف حيث يسعى المنظمون لإضافة المزيد من الفرق حتى يتمكنوا من بيع مباريات إضافية لمحطات البث، فستتكون بطولة كأس العالم 2026 من 104 مباريات في المجموع، مقارنة بحوالي 64 مباراة في قطر، مع قفز عدد المشاركين من 32 إلى 48. ويدرس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، الهيئة الحاكمة لكرة القدم الأوروبية، اتخاذ خطوة مماثلة مع بطولة اليورو. ببساطة، لا تمتلك معظم البلدان المرافق اللازمة لإيواء هذا العدد الكبير من الفرق وجماهيرها لأسابيع متواصلة، ناهيك عن تنظيم المباريات.
وتابعت الصحيفة بأنه مع تراجع استعداد الديمقراطيات الليبرالية لتحمل هذه التكاليف المجحفة، وتطلعت الهيئات الحاكمة الرياضية في السنوات الأخيرة إلى الأنظمة الاستبدادية مثل روسيا والصين ودول الخليج - قطر والمملكة العربية السعودية. لكن زيمباليست يقول إن هذه القرارات خلقت حلقة من ردود الفعل التي أدت إلى تقليص مجموعة مقدمي العروض المحتملين.
وتمثل الحل الجذري الذي قدمه زيمباليست هو اختيار مضيفين دائمين لديهم جميع المرافق، وإنهاء مشاريع بناء الفيل الأبيض. وتمكنت لوس أنجلوس، التي ستستضيف دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في عام 2028، من تنظيم الألعاب بفائض مالي يعود إلى عام 1984، وتأمل أن تفعل ذلك مرة أخرى من خلال كبح الإنفاق.
وخلصت الصحيفة إلى أن اختيار المضيف أكبر قرار تواجهه معظم الهيئات الرياضية، لذا فإن تشديد الرقابة أمر منطقي من الناحية التجارية. لكن التحول إلى عقد هذه الصفقات خلف الأبواب المغلقة لن يساهم في تحسين سمعة صناعة غير مشهورة بالتزامها بالشفافية والمساءلة.