وصفت أستاذة متخصصة بتغير معاني حرية التعبير في الولايات المتحدة، تنتمي لجامعة شيكاغو، جينيف لاكير، الوضع الذي ظهر عقب الحرب على
غزة، بأنه "مثير للخوف"، مبرزة أنه "يبدو كأننا أمام كارثة جديدة".
وأوضحت المتخصصة، في تصريح لها، ضمن تقرير أعده نائب المحرر المسائي، كالدر ماكهيو، أنه "وسط مظاهر من قمع حرية التعبير، وطرد موظفين من أعمالهم أو توجيه تحذيرات لهم"، أن "النشاط على الإنترنت حول النزاع أدى لسلسلة من الطرد من مراكز العمل بسبب مخاوف المدراء من الطريقة التي تعامل فيها الموظفون مع النزاع".
ووفق المقال نفسه الذي ترجمته "عربي21"، فإنه تم طرد المحرر الرئيس، ديفيد فيلاسكو، بمجلة "أرت فورام" من قبل الدار الناشرة، بينسك ميديا، بعد منشور ورسالة مفتوحة على الموقع، دعا فيها إلى "وقف إطلاق النار، وأن إسرائيل مسؤولة عن بداية إبادة"؛ وكذلك، تم طرد مايكل إيزين، محرر في مجلة العلوم "إي لايف"، لأنه أعادة نشر مقال ساخر وناقد لإسرائيل على حسابه في "إكس" (تويتر سابقا)،.
وتابع المقال بأن مها دخيل، أقدمت على الاستقالة من منصبها التنفيذي في شركة المواهب الهوليوودية "كريتف أرتيست إيجنسي"، لأنها أعادت نشر قصة على منصة "إنستغرام" لمّحت فيها إلى "مسؤولية إسرائيل عن الإبادة"؛ هذا إلى جانب عدد من طلاب القانون الذين سحبت منهم عروض عمل بعد نقدهم العام لأفعال إسرائيل، وتراوحت تصريحاتهم من التعاطف مع
الفلسطينيين إلى النقد الشديد لإسرائيل.
وتقول المجلة إن "هذا الوضع يجعل جينيف لاكير، حيث إن معظم الطرد من العمل جاء بسبب تعبير المطرودين عن مواقف متعاطفة مع الفلسطينيين. فيما تقول منظمة المناصرة الأمريكية "بالستاين ليغال"، إنها "ردت على 260 حالة تم فيها استهداف المعيشة والمسيرة العملية لأشخاص".
وتابعت بأن "حقيقة حدوث الطرد بسبب منشورات على منصات التواصل الاجتماعي والإعلام بشكل عام والمواقف تتصل بالمعتقد السياسي تعني أن الظاهرة قد لا تنحصر في موضوع معين"؛ حيث تقول لاكير: "إننا نشاهد العلاقة بين حرية التعبير والعمل تتغير أمام أعيننا، وفي الوقت الحالي، فإن التنظيمات المتعلقة بحرية التعبير والتوظيف الخاص تختلف من ولاية إلى أخرى، فنصف الولايات ليس لديها حمايات للموظفين في شركات خاصة والذين يعبرون عن مواقف سياسية".
وأردفت: "لدى الولايات الأخرى، قوانين تتراوح من ناحية الشروط والتركيز، ومعظم قوانين العمل الموجودة متجذرة في القرن التاسع عشر ولا يمكن استخدامها للإبحار في محل العمل بالقرن الحادي والعشرين. كما أن معظم الأفكار حول حماة حرية التعبير تتغير في الثقافة، وبعد هجمات 9/11 مثلا جلبت "الحرب على الإرهاب" تمحيصا جديدا لطبيعة الخطاب الذي ينشر الإرهاب".
وأكدت المتحدثة نفسها أن "النقاش في حرم الجامعات وأماكن العمل، الدائر منذ فترة بشأن ثقافة الإلغاء، جلب معه نفس الأسئلة حول ما هو مسموح به ومحظور. وطالما كان قد اشتمل التعديل الأول على استثناءات، لكن يمكن توسيعها تحت الضغط" مشيرة إلى أنه "منذ بداية حرب إسرائيل- حماس، يفسر الناس بند خطاب الكراهية أو الخطاب المحرض على العنف بطريقة واسعة جدا جدا وشمل، حسب نظرتي، الخطاب المشروع والداعي للسلام عادة".
وأضافت "المعركة دائرة اليوم، فبعد طرد فيلاسكو من أرت فورام، قرر عدد من المحررين والمساهمين التوقف عن التعاون مع المجلة وأكدوا أنهم سوف يقاطعونها. وقال مصور معروف وهو نان غولدين لصحيفة "نيويورك تايمز" "لم أعش فترة مثيرة للرعب كهذه"، مبرزة أنها "شعرت بالمفاجأة من حجم عمليات الطرد بسبب التعبير عن مواقف مؤيدة للفلسطينيين؛ وفوجئت بالحجم والكثافة، وبدى لي أن الظروف المحفزة على الطرد أو المعاقبة كانت متواضعة".
وأكدت: "يبدو أنها كارثة جديدة، وسنرى ماذا يحدث، لكن رابطة مكافحة التشهير تكتب رسائل إلى رؤساء الجامعات، تقترح فيها ضرورة متابعة الناشطين الطلاب المنخرطين بدعم الإرهاب، وعدد من الرسائل الرسمية وشبه الرسمية تعبر عن قلق من الخطاب ومن ثم الطرد، وهو ما يبدو قمعا للخطاب لم نر مثله منذ مدة".
وتضيف أن "الناس الذين يدعون للعقاب والقيود يرون أن موقفهم مبرر على أرضية أن ما يقال هو خطاب كراهية أو حرية تعبير تدعو للعنف. ولكن السبب الذي يدعوني للقول أننا أمام مكارثية ثانية هو أن هذا ليس صحيحا؛ فالرسالة في أرت فورام والتي قادت لطرد فيلاسكو لم تكن تحرض على العنف بقدر ما تدعو إلى وقف إطلاق النار مع أنها كانت ناقدة لإسرائيل وتقول إننا أمام إبادة تتكشف أمامنا".
وقالت لاكير: إن "هناك أمثلة عن استخدام التهديد بالطرد تعود إلى قرون، ولكن المقاربة بين الاحتجاج ضد الحرب في أفغانستان والعراق يظل مختلفا، فلم يكن هناك خلط بين نقد الحكومة ومعاداة السامية أو التعصب الديني. حيث أن الإطار القانوني الذي تستند عليه رابطة مكافحة التشهير هو ملاحقة الطلاب الذين يعبرون عن مواقف مؤيدة لفلسطين وأن ما يعبرون عنه هو "دعم مادي للإرهاب "وكله نابع من خطاب الحرب على الإرهاب ومرحلة ما بعد 9/11".
وتضيف لاكير أنها "تشعر بالعصبية والقلق بشأن المستقبل، ونعرف أن البلد فيما بعد 9/11 لم يدخل حربا ولكن مرحلة قمع ولا تزال بنى القمع قائمة لليوم. ولهذا أشعر بالخوف ليس لهذه الأسباب التاريخية ولكنها تحدث في وقت تتعرض فيه المؤسسات التي تضمن وتساعد حرية التعبير، لتهديدات كبيرة".
وختمت المتحدثة بالقول: "الجامعات هي عرضة للضغط منذ وقت طويل، ورأينا قوانين تفرض عقوبات على من يشاركون في حملات مقاطعة ضد إسرائيل، بعضها استخدم وبعضها لم يستخدم، وتأتي على رأس ما ينظر إليه التعبئة والتنظيم وإصدار التشريعات في جهد لمنع الناس من التعبير، وفي حالات متعددة المواقف المؤيدة للفلسطينيين".