نشر موقع "
الإنترسبت" الأمريكي تقريرا تحدث فيه عن ممارسات القمع التي تنتهجها كل من شركة "تيك توك" و"إنستغرام"، خلال فترات العدوان والاعتداءات الإسرائيلية على الشعب
الفلسطيني.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"؛ إنه في الوقت الذي تصعد فيه إسرائيل قصفها لقطاع
غزة ردا على هجوم مفاجئ من
حماس، تلاحق شركتا تيك توك وإنستغرام موقعا إخباريا مخصصا لتقديم تغطية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وفي يوم الثلاثاء، عُلّق حساب إنستغرام لمراسل صحيفة "موندويس" في الضفة الغربية، في حين أغلق حساب تيك توك الخاص بالمنفذ الإخباري مؤقتا يوم الاثنين. أبلغ مستخدمون آخرون على إنستغرام عن فرض قيود على حساباتهم بعد النشر عن فلسطين، بما في ذلك عدم القدرة على البث المباشر، أو التعليق على منشورات الآخرين.
وذكر الموقع أنه على إنستغرام وفيسبوك (المملوكان كلاهما لشركة ميتا)، تحجب من البحث الوسوم المتعلقة بحماس و"طوفان الأقصى"، وهو الاسم الذي أطلقته الجماعة على هجومها على إسرائيل. ويستمر عدد القتلى جراء الهجوم في الارتفاع؛ حيث أبلغ المسؤولون الإسرائيليون عن مقتل 1200 شخص حتى بعد ظهر الأربعاء.
وأضاف أن استهداف هذه المنصات للحسابات التي تقدم تغطية على أحداث فلسطين، يأتي في الوقت الذي يصعب فيه الحصول على معلومات من الناس في غزة، وسط الحصار الإسرائيلي الشامل على سكانها البالغ عددهم مليوني نسمة، وتمنع فيه إسرائيل وسائل الإعلام الأجنبية من دخول القطاع الساحلي. وقالت وزارة الصحة في غزة يوم الأربعاء؛ إن "حملة القصف العشوائي الإسرائيلية أدت إلى مقتل أكثر من 1100 شخص وإصابة آلاف آخرين".
ونوه الموقع إلى أن فترات العنف الإسرائيلي الفلسطيني أدت بانتظام إلى قمع الشركات لمستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي الفلسطينيين. ففي عام 2021، على سبيل المثال، فرض موقع إنستغرام رقابة مؤقتة على المنشورات التي ذكرت المسجد الأقصى في القدس، وهو من المواقع المقدسة في الإسلام.
وانتقد مراقبو سياسة وسائل التواصل الاجتماعي سياسات الرقابة التي تتبعها شركة "ميتا"، على أساس أنها تؤثر بشكل غير مبرر على المستخدمين الفلسطينيين، بينما تمنح مساحة للسكان المدنيين في مناطق الصراع الأخرى.
وفي هذا السياق، قالت يمنى باتيل، مديرة الأخبار الفلسطينية في "موندويس"؛ "إن الرقابة المفروضة على الأصوات الفلسطينية، وأولئك الذين يدعمون فلسطين، ووسائل الإعلام الإخبارية البديلة التي تنشر تقارير عن جرائم الاحتلال الإسرائيلي، من قبل شبكات التواصل الاجتماعي وعمالقة مثل ميتا وتيك توك، موثقة جيدا". مع الإشارة إلى أنه يتضمن حظر الحساب وإزالة المحتوى وحتى الحد من وصول المنشورات.
وأضافت باتيل في حديثها للموقع: "كثيرا ما نرى أن هذه الانتهاكات تصبح أكثر تكرارا خلال أوقات كهذه، حيث يتزايد العنف والاهتمام الدولي بفلسطين. لقد رأينا ذلك مع الرقابة المفروضة على الحسابات الفلسطينية على إنستغرام خلال احتجاجات الشيخ جراح لعام 2021، والغارات القاتلة التي شنها الجيش الإسرائيلي على جنين في الضفة الغربية في عام 2023، والآن مرة أخرى مع إعلان إسرائيل الحرب على غزة".
وتجدر الإشارة إلى أن إنستغرام وتيك توك لم يستجيبا على طلبات التعليق. وذكرت مراسلة "موندويس" ليلى وارة، المقيمة في الضفة الغربية، يوم الثلاثاء، أن موقع إنستغرام أوقف حسابها ومنحها 180 يوما للاستئناف، مع إمكانية إيقافه بشكل دائم. وبعد أن أعلنت موندويس عن قرار التعليق، تمكنت من استعادة حسابها بسرعة. ومع ذلك، في وقت لاحق من اليوم، ذكرت صحيفة "موندويس" أنه تم تعليق حساب وارة مرة أخرى، ليتم استعادته يوم الأربعاء.
وشاركت الوكالة الإخبارية منشورا على منصة "إكس" (تويتر سابقا) يفيد بأن التعليق الأول للحساب جاء "بعد أن شارك العديد من الجنود الإسرائيليين حساب ليلى على صفحات الفيسبوك، وطلبوا من الآخرين تقديم تقارير مزيفة عن انتهاكها بعض المبادئ التوجيهية". وفي اليوم السابق، شارك موقع "موندويس" منشورا أعلن فيه حظر حساب تيك توك بشكل دائم، في ظل "تغطيتها المستمرة للأحداث في فلسطين".
ومنذ اندلاع الحرب يوم السبت، نشر الموقع مقطع فيديو حول هجوم حماس على إسرائيل، وآخر حول اختطاف وأسر حماس لإسرائيليين. ومرة أخرى، في غضون بضع ساعات، وبعد أن أعلنت شركة "موندويسط عن الحظر، عاد الحساب إلى العمل مرة أخرى، بحسب الموقع.
ونقل الموقع عن "موندويس": "لقد قمنا بمراجعة جميع البيانات من تيك توك باستمرار فيما يتعلق بالمحتوى الذي ننشره هناك، وقمنا بإجراء التعديلات اللازمة".
ولا يعتقد موظفو الموقع أنهم انتهكوا أي إرشادات لشركة تيك توك في تغطيتهم في الأيام الأخيرة. لكن لا يمكن النظر إلى هذا إلا على أنه رقابة على التغطية الإخبارية، التي تنتقد الروايات السائدة حول الأحداث التي تتكشف في فلسطين.
ووفقا لموقع موندويس، وعلى الرغم من إعادة الحساب، لا يمكن مشاهدة أول مقطع فيديو مشهور للموقع على تيك توك حول اندلاع أعمال العنف في الضفة الغربية وبعض أجزاء أوروبا. وأكد سكان آخرون في الضفة الغربية بشكل مستقل لموقع "الإنترسبت"، أنهم لم يتمكنوا من الوصول إلى الفيديو، الذي تصف فيه وارة هجوم حماس والقصف الإسرائيلي على غزة.
والجدير بالذكر، أن تيك توك لم يرد على أسئلة "الإنترسبت" حول الوصول إلى الفيديو.
وأورد الموقع عن المبدع الفلسطيني عدنان برق، الذي أوضح أن منصة إنستغرام منعته من البث المباشر، وأزالت المحتوى الخاص به، بل ومنعت ظهور حسابه للمستخدمين الذين لا يتابعونه. على موقع إنستغرام، يتم حجب الهاشتاغات بما في ذلك، وسما "طوفان الأقصى" و "حماس"؛ علاوة على ذلك، يحجب فيسبوك الهاشتاغات باللغة العربية التي تحمل اسم العملية.
وأضاف الموقع: "على الورق، تحظر قواعد ميتا تمجيد عنف حماس، لكنها لا تمنع المستخدمين من مناقشة عمليات الجماعة في سياق الأخبار".
وتابع: في أعقاب سلسلة من الغارات الجوية الإسرائيلية ضد قطاع غزة التي جدت في السنة الماضية، اشتكى المستخدمون الفلسطينيون الذين صوروا الدمار على إنستغرام من أنه تمت إزالة منشوراتهم لانتهاكها "معايير المجتمع" لميتا، في حين حصل المستخدمون الأوكرانيون على تصريح خاص لنشر مماثل للصور على أساس أنها "جديرة بالنشر".
ووجدت مراجعة خارجية أجريت بتكليف من شركة ميتا في أيلول/ سبتمبر 2022، أن توجيهات الشركة "كان لها تأثير سلبي على حقوق الإنسان وعلى حقوق المستخدمين الفلسطينيين في حرية التعبير، وحرية التجمع، والمشاركة السياسية، وعدم التمييز، ومن ثم على قدرة الفلسطينيين لتبادل المعلومات والأفكار حول تجاربهم عند حدوثها. وبالمثل، فإن سياسة ميتا الخاصة بالمنظمات والأفراد الخطرين، التي تملك قائمة سوداء سرية للمنظمات والأشخاص المحظورين، تتكون من كيانات مسلمة وشرق أوسطية وجنوب آسيوية، وهو عامل ساهم في الإفراط في إنفاذ القانون ضد الفلسطينيين".
وتتزايد أهمية الإشراف على محتوى شركات التكنولوجيا الكبرى في أثناء الصراع، حيث تتفشى المعلومات غير المؤكدة على منصة "إكس"، التي كانت ذات يوم مصدرا حاسما في تقديم الأحداث الإخبارية العاجلة.
إلى ذلك، ذكر الموقع أن ماسك نفسه قاد متابعيه البالغ عددهم 160 مليونا إلى متاهة، وشجع المستخدمين يوم الأحد على متابعة موقع "وور مونيتور" و"سانت ديفندر" لمشاهدة الحرب "في الوقت الفعلي". وكان الحساب الثاني قد سخر من المدنيين الفلسطينيين المحاصرين بسبب الحصار الإسرائيلي، وكتب: "من الأفضل أن تجد قاربا أو تسبح".
واختتم الموقع التقرير بالقول؛ إن ماسك حذف لاحقا منشوره الذي يؤيد الحسابات. وفي الوقت الحالي، تترك عملية ماسك المبتكرة للتحقق من الحقائق في "كوميونيتي نوتس" الأكاذيب دون تحقق لعدة أيام. في هذا الشأن، أوضحت باتيل أنه "في الأيام القليلة الماضية، شهدنا دعوات مفتوحة للإبادة الجماعية والعنف الجماعي ضد الفلسطينيين والعرب، من خلال حسابات وسائل التواصل الاجتماعي الإسرائيلية الرسمية، وترددها الحسابات الصهيونية والروبوتات المؤيدة لإسرائيل على منصات مثل "إكس"، دون أي عواقب على الإطلاق".
وأضافت قائلة: "وفي الوقت نفسه، تم تعليق حسابات الصحفيين ووسائل الإعلام الفلسطينية على إنستغرام وتيك توك، لمجرد نقل الأخبار".