سياسة عربية

وائل الدحدوح لـ"عربي21": سلاحي الصورة والكلمة.. وتعمد الاحتلال قتل أسرتي غير مستبعد

الدحدوح: ما رأيناه في هذه الحرب هو تجاوز لكل الخطوط الحمر- الأناضول
على أصوات الطائرات الحربية وأزيز طائرات الاستطلاع "الزنانة" الإسرائيلية  تحدث وائل الدحدوح مدير مكتب قناة الجزيرة في قطاع غزة لـ"عربي21"، حول ما دفعه للعودة السريعة إلى الشاشة عقب استشهاد زوجته وابنه وابنته واستشهاد وإصابة عدد آخر من أفراد أسرته نتيجة قصف جيش الاحتلال للمنزل الذي نزحوا إليه.

وقال الدحدوح لـ"عربي21: "صحيح أن الحدث جلل والمُصاب عظيم والجرح نازف والوجع ليس بالبسيط، ولكن بالتأكيد أن اللحظة في نهاية المطاف هي لحظة تاريخية واستثنائية ولا يمكن لأي إنسان أن يتقاعس خلالها مهما كان السبب ومهما كانت المعاناة والوجع، لذلك أردنا أن نعض على الجرح وأن نترك هذا الجرح النازف ونتعالى على الوجع وأن نكون على رأس عملنا في لحظة وفاء لزوجتي وابني وابنتي وحفيدي وأقاربي وكل الشهداء".

وأكد أن "هذه لحظة تاريخية ونحن لدينا التزام أخلاقي كبير من خلال الانحياز لهذا الشعب ولهذه القضية ولهذه المنطقة الجغرافية غزة وفلسطين، كذلك لدينا التزام أخلاقي كبير تجاه هذه المهنة -مهنة المتاعب- وهذه الرسالة الإنسانية النبيلة التي لا يمكن أن نتخلى عنها، ولذلك عدنا سريعا".


وأضاف: "وأما الخيار الآخر فكان الجلوس مع النساء والأطفال والمسنين والعجزة في المنزل منتظرا قذيفة هنا أو قذيفة هناك تداهمك وتفعل بك كما فعلت بأسرتك، وهذا خيار لن يكون أبدا، فلا وقت للراحة والقيلولة ولا وقت للعويل والبكاء، بل إن الوقت هو للعمل وحماية الناس، وهذا هو ما نقدر عليه ونستطيعه، وهو أن نقدم الكلمة والمعلومة والصورة بطريقة مهنية وشفافة لعلنا نقدم شيئا لهؤلاء المظلومين".


وحول ما إذا كان هذا الاستهداف المباشر لعائلته متعمدا أم لا، قال  الدحدوح: "مجرد العودة السريعة رغم الوجع والألم والجرح النازف ومواصلة عملنا، هذا يعتبر ردا على الاحتلال وعلى هذا الاستهداف وما جرى من جريمة بشعة بحق الأطفال، وما حصل في نهاية المطاف جزء مما يتعرض له الشعب الفلسطيني من مجازر كثيرة ارتكبت، ونحن بالنسبة لنا هذا ما نملكه، أن نقوم بواجبنا على أكمل وجه وبأعلى درجات المهنية ونقدم ما نستطيع تقديمه انحيازا للحق".

وتابع: "للأسف أن بعض الصحفيين الإسرائيليين تحدثوا عن أن هناك استهدافا واضحا لأسرة مراسل قناة الجزيرة وائل الدحدوح في مكان تواجدها، وهو المكان الذي نزحوا إليه ظنا منهم أنه مكان آمن بحسب ما قال جيش الاحتلال الإسرائيلي، والذي للحظة واحدة ظن الناس أن لديه بقايا أخلاق وبالتالي فقد ذهبوا إلى ذلك المكان".



وأكد أنه "سواء أكان استهدافا مباشرا أم غير مباشر، فإن ما رأيناه في هذه الحرب من تجاوز لكل الخطوط الحمر عبر استهداف مستشفيات ومدارس وجامعات وغيرها، كل ذلك يجعل المرء لا يستبعد أي استهداف من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، وهذا شيء مرجّح".

وأوضح الدحدوح أن "استهداف الاحتلال للصحفيين وأسرهم هو رسالة واضحة، مفادها عرقلة التغطية الصحفية والضغط عليك كصحفي من خلال دماء الأطفال والنساء ومن خلال دماء أسرتك وفلذات الأكباد حتى تكف عن التغطية الصحفية".

وأضاف: "نحن كصحفيين في نهاية المطاف لا نقوم بالقتال وليس لدينا سلاح، لكن سلاحنا الصورة والكلمة والمعلومة، وننقل فقط ربما جزءا من ما يقع على الأرض، وربما لا نستطيع لا نحن ولا كل إمكانيات الصحفيين تغطية ما يجري بالكامل، ولكننا نسلط الضوء والكاميرا والكلمة على بعض ما يجري علَ كل الناس يكونون على علم واضح بما يجري بحق أهلنا وشعبنا وربعنا هنا في قطاع غزة".

وتابع: "هذا بالتأكيد هو صميم عملنا نقوم به بكامل المهنية والموضوعية، ونحن تحدثنا في كثير من الأوقات بأننا حتى ونحن نصور ونعمل وسط الجثث والأشلاء والدمار والنار، كل العالم شاهد أننا في قمة المهنية وكنا نختار الصور التي لا تتعارض مع المواثيق الصحفية والدولية".

وحول الوضع الصحي للمصابين من أسرته، قال مراسل الجزيرة وائل الدحدوح لـ"عربي21": "عندي ولد مصاب بالرأس لكن الحمد لله حالته جيدة ومستقرة، وأيضا لدي ابنتان مصابتان بحروق وشظايا وكدمات لكن أيضا الحمد لله وضعهن جيد ومستقر، ولا حول ولا قوة إلا بالله".


وكان الاحتلال قد قام بقصف منزل في مخيم النصيرات جنوب قطاع غزة نزحت إليه واحتمت به أسرة الصحفي وائل الدحدوح قبل أيام، وذلك في أعقاب مزاعم الاحتلال بأن جنوب القطاع آمن ويجب النزوح إليه.

ونتج عن هذا القصف استشهاد عدد من أفراد أسرة مراسل قناة الجزيرة في قطاع غزة وائل الدحدوح بمن فيهم زوجته وابنه وابنته، وفي اليوم التالي فإنه على الرغم من أنه قام بدفن شهداء أسرته ظهرا إلا أنه عاد مساء إلى عمله الصحفي ونقل ما يجري في قطاع غزة من تدمير وقتل للشعب الفلسطيني بآلة الاحتلال الإسرائيلي الحربية.