نشرت صحيفة "
وول ستريت جورنال" تقريرا زعمت فيه أن الأسلحة تتدفق على الضفة الغربية، حيث تدير إيران وحلفاؤها شبكة تمتد على آلاف الأميال وتمر عبر أربعة حدود على الأقل، وكجزء من توسيع قدرات
الفلسطينيين العسكرية وأبعد من حماس.
وفي التقرير الذي أعده من العاصمة الأردنية،
عمان، كل من سون إنيغل راسموسين، وبينوا فوكون، قالا فيه إن "إيران والجماعات المتحالفة معها وقبل دخول حماس إسرائيل بداية الشهر الحالي، سرعوا من جهود تهريب الأسلحة إلى جزء مختلف من الأراضي الفلسطينية، والضفة الغربية".
وأوضح التقرير، أنه "من خلال استخدام الطائرات المسيرة والرحلات الجوية وجسر جوي يمتد على مئات الأميال وأربعة حدود وطنية على الأقل، فإن عملية التهريب تثير منظور توسع الحرب بين إسرائيل والفلسطينيين. وتمثل تهديدا على الأردن، وهو البلد الذي يعتبر حليفا مهما للولايات المتحدة، ويكافح من أجل احتواء تهريب المخدرات والأسلحة".
ونقلت
الصحيفة عن مؤسس مركز أبحاث مكافحة الإرهاب في عمان "سيكورتي لانكويجيز"، عامر السبايلة، أن إيران "تريد تحويل الأردن إلى نقطة عبور للأسلحة التي تدخل إسرائيل" مردفا بالقول: "خوفي هو إمكانية استخدام الأسلحة أيضا في الأردن، وأي مكان أسهل لمعاقبة الولايات المتحدة والغرب في الشرق الأوسط؟ الأردن"، مشيرا إلى أن إيران تعتبر راعية لحماس، من الناحية العسكرية والمالية، ولأن مصر دمرت الأنفاق بين غزة وأراضيها ولاحقت شبكات التهريب في سيناء باتت حماس معتمدة ذاتيا على الأسلحة التي بنتها محليا، وبخاصة الصواريخ.
وتقول الصحيفة بحسب مسؤول استخباراتي أردني، إن "معظم الأسلحة الإيرانية للفلسطينيين تذهب إلى الضفة الغربية وبخاصة حركة الجهاد الإسلامي المتحالفة مع حماس؛ إن شبكات المهربين في تزايد وتحظى بمساعدة الحكومة السورية، وحزب الله اللبناني، حليف إيران".
وفي هذا السياق، قال مدير شركة استشارات المخاطر "ليوبك انترناشونال"، مايكل هوروفيتز: "ازداد تدفق السلاح وبخاصة في العام الماضي، وذلك لأن إيران ركزت في الفترة الأخيرة على الضفة الغربية، وتحاول تسليح الجماعات هناك، وبخاصة حركة الجهاد الإسلامي التي تعتبر شريكة إيران المباشرة"، مضيفا: "هذا يوضح بشكل محتمل جزءا من الفشل الأمني خلال هجوم حماس، لأن إسرائيل كانت تركز على الضفة الغربية وليس غزة".
وأضاف المتحدث نفسه، أن "إيران استغلت الاضطرابات وتآكل السلطة في الشرق الأوسط لتقوية حضورها وترك بصماتها. وأقامت طهران ممرا بريا عبر العراق وسوريا إلى لبنان عبر الأردن إلى الضفة الغربية، مما سمح لها بنقل الجنود والمعدات والأسلحة لمنطقة الشرق" مردفا أن "لدى الأردن حدودا طويلة مع سوريا التي يسيطر عليها حليف إيران بشار الأسد، ولديه أيضا حدودا مع الضفة الغربية وهو غاضب من مرور الأسلحة والمخدرات عبر أراضيه".
وتابع بأنه حسب مسؤولين أوروبيين وشرق أوسطيين، فإن الأردنيين اشتكوا سوريا وعبروا عن قلقهم إلى حلفائهم الأوروبيين، وأن تدفق السلاح إلى الضفة الغربية قد يوتر علاقاتهم مع إسرائيل؛ فيما تشمل الأسلحة المهربة عبر الأردن، نسخا طبق الأصل لأسلحة من "ألغام كليمور" أمريكية الصنع وبنادق قتالية من نوع أم4 وتي أن تي ومتفجرات أخرى وأسلحة يدوية، حسب قول مسؤول أردني بارز.
وقالت شبكة "تيرورجينس" التي تضم مستشارين للشرطة الإسرائيلية، في تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، إن حرس الحدود الإسرائيليين صادروا ألغاما صنعت في إيران وروسيا؛ ويتم نقل الأسلحة إلى الأردن في شاحنات تمر عبر نقاط المرور الرسمية أو في الصحراء الواسعة التي تغطيها الغيوم والغبار في الشتاء. أيضا تستخدم الجماعات المسلحة المسيرات التي تحمل بالقنابل.
وفي شباط/ فبراير صادر عناصر المخابرات الأردنية، أول مسيرة من سوريا تحمل قنابل يدوية، ويمكن للمسيرات التجارية التي تشترى بثمن رخيص أن تحمل بندقيتين قتاليتين، ومن الصعب التعرف عليها. بينما قال مسؤول أمني أردني آخر إننا "نرى المسيرات بالصدفة".
تجدر الإشارة إلى أن إيران استخدمت وسائل أخرى لتهريب الأسلحة، ففي شباط/ فبراير وبعد الهزات الأرضية لتركيا وسوريا، سافر قائد فيلق القدس، إسماعيل قاأني، إلى حلب، للإشراف على توزيع المساعدات الإنسانية. ووصل على متن طائرة تابعة لشرطة طيران ماهان التي فرضت الولايات المتحدة عقوبات عليها لنقلها الأسلحة من إيران إلى سوريا.
وبحسب عميل بارز للاستخبارات الأمريكية بالمنطقة، فبعد زيارة قاأني، بدأت الطائرات تصل إلى مطار حلب حاملة معها كميات من الأسلحة. ولا يعرف حجم الأسلحة الإيرانية التي وصلت إلى الضفة الغربية وإن كان جزء منها قد وصل إلى غزة عبر إسرائيل، مع أن مسؤولين جهويين قالوا إن معظم الأسلحة التي هربت عبر الأردن وصلت إلى الضفة. وقال الجيش الإسرائيلي، في العام الماضي، إنه لاحظ زيادة في محاولات تهريب المخدرات والأسلحة عبر الأردن ومصر إلى إسرائيل؛ وأحبطت الشرطة الإسرائيلية 35 محاولة تهريب من الأردن وفي الفترة ما بين آذار/ مارس، إلى نيسان/ أبريل هذا العام.
وقال تاجر سلاح في عمان، إن "المهربين يستفيدون من السوق السوداء للسلاح، حيث تباع البندقية بربع سعرها في المناطق الفلسطينية. وتباع بندقية إي كي-47 بمبلغ 20.000 دولار بالمناطق الفلسطينية، وتباع بندقية أم16 بمبلغ 30.000 دولار، حسب تاجر سلاح بالضفة الغربية". وقال صاحب محل في وسط عمان "تنتشر الأسلحة في البلد"، وتباع الأسلحة في السوق السوداء مثل محله، 700 دولار لبندقية تشيكية من 7 مليميترات و4.200 دولار لبندقية غلوك النمساوية.
وفي أيار/ مايو ألقي القبض على النائب، عماد العدوان، وهو يحاول تهريب 200 قطعة سلاح بما فيها 12 بندقية قتالية عبر جسر اللنبي إلى الضفة الغربية. ورحلته إسرائيل إلى الأردن حيث يواجه حكما بالسجن لمدة 15 عاما، وسيرد هو 13 متهما معه على التهم الموجهة إليهم هذا الأسبوع. فيما بنى المسلحون في الضفة الغربية ترسانة من الأسلحة، حيث شنت إسرائيل في تموز/ يوليو أكبر عملية في مخيم جنين منذ أكثر من عقد وقالت إنها صادرت آلافا من البنادق والمتفجرات.
وقالت إنها فككت ستة أماكن لصناعة المتفجرات، وقتل في العملية 12 فلسطينيا معظمهم من المدنيين. ومنذ هجوم حماس على إسرائيل، كثفت إسرائيل من عملياتها في الضفة الغربية. وقتل في يوم الجمعة 13 فلسطينيا في عملية إسرائيلية استمرت 30 ساعة بمخيم نور شمس، قرب طولكرم، وجاء هذا العدد بعد مقتل 55 فلسطينيا في الأسبوع الأول بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر؛ ويمثل الغضب المتصاعد بسبب الحرب في غزة، تحديا للسلطة الوطنية التي فقدت السيطرة على الأرض.
بدوره، قال تاجر سلاح في الرام، إنه يبيع مئات من قطع السلاح كل شهر، لأناس يريدون تنظيم أنفسهم دفاعا عن قراهم وسط غياب التنسيق الأمني الفلسطيني؛ وأوضح: "هناك طلب كبير هذه الأيام، ولكن دعني أخبرك أن كلهم من الشباب". لتظل مهمة الأردن لوقف تدفق الأسلحة صعبة، لأن المملكة هي ضحية الجغرافيا، حيث إن حدودها الشمالية غير محروسة من الجانب السوري، نظرا لغياب التعاون من حكومة الأسد، أما حدودها مع إسرائيل فهي ليست محروسة بسياج مما يجعل التهريب منها ممكنا.
وفي هذا العام اكتشف الأردن تسع عمليات تهريب أسلحة على الحدود مقارنة بسبع في 2022 و21 في 2021، حسب مسؤول أمني بارز. وفي ذروة تنظيم الدولة الإسلامية، كانت الأسلحة المهربة ترسل للجماعات الجهادية، لكنها تباع للربح المادي، حسب محمد عفيف، الرئيس السابق لمحكمة أمن الدولة في الأردن. وحذر من استفادة خلايا الإرهابيين لو استمر الوضع الأمني بالتدهور: "يلعب الأردن دورا محوريا لمنع تهريب المخدرات والأسلحة" و"عبء كبير علينا".