استعرض
تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية تطور العلاقات بين "إسرائيل" والسعودية في
الشرق الأوسط الجديد، حيث ظهرت تحالفات غير تقليدية ومتغيرات في السياسات الإقليمية تؤثر في العلاقات "الإسرائيلية"
السعودية وتشكل تحديات وفرصا للطرفين.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21”، إن "نتنياهو تحدث، في أواخر أيلول/ سبتمبر الماضي، على منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة؛ حيث عرض صورة مختلفة (خريطة بعنوان الشرق الأوسط الجديد)، تصور قسما من المنطقة مخططا باللون الأخضر، وشمل ذلك إسرائيل بأكملها من نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط، دون أي ترسيم يوضح الأراضي الفلسطينية المحتلة، بالإضافة إلى دول مثل مصر والسعودية والبحرين والإمارات".
وأضافت الصحيفة، أن "نتنياهو أخرج قلمه الأحمر ورسم خطًا قطريا من دبي على طول الخليج العربي، مرورا بإسرائيل وباتجاه موانئ جنوب أوروبا، وأشاد (بممر الرخاء) الذي من المفترض أن يربط بين هذه الدول العربية وإسرائيل في قلب محور جديد للتجارة العالمية يربط آسيا بأوروبا".
وأوضحت الصحيفة، أن "نتنياهو لم يكن الوحيد الذي عبر عن هذه الرؤية لشرق أوسط جديد، فقبل اندلاع الحرب الأسبوع الماضي في
غزة، لاحظ العديد من المحللين كيف تعمل جميع العوامل في المنطقة على دعم هذا الأمر".
وذكرت الصحيفة، أن "اتفاقيات إبراهيم للتطبيع أشارت إلى رغبة سياسية في الخروج من النماذج القديمة التي حددت الوضع الراهن المحموم في الشرق الأوسط، حيث أشار التقارب المبدئي بين السعودية وإيران إلى هدوء التنافس الأكثر سخونة في المنطقة".
وسلط توسط الصين في الاتفاق بين السعودية وإيران جزئيا الضوء على أن الولايات المتحدة تحاول صراحة أن تنأى بنفسها عن المستنقعات والصراعات في المنطقة، بينما كانت قوى أخرى في عالم "متعدد الأقطاب" على نحو متزايد تشق طريقها، وفق الصحيفة.
وتحدثت الصحيفة، عن عوامل إعادة تنظيم الشرق الأوسط الجديد ومنها تراجع الربيع العربي، مع تلاشي الحركات السياسية الإسلامية والمؤيدة للديمقراطية بعد عقد من الصراع وعدم الاستقرار والثورات المضادة.
وتابعت: "كانت الدول العربية الرجعية التي عملت على تقويضها وخاصة الإمارات والسعودية، تبتعد عن المعارك الأيديولوجية وتتجه نحو أجندة أكثر واقعية".
وكان الدافع وراء ذلك هو الحاجة المتزايدة للدول النفطية في المنطقة إلى تنويع اقتصاداتها بينما يحاول العالم بشكل متقطع إلى إزالة الكربون؛ حيث بدا ولي العهد السعودي مذهولاً بديناميكية قطاع التكنولوجيا في إسرائيل؛ وأصبحت دبي نقطة جذب للسياح الإسرائيليين، بحسب الصحيفة.
وأشارت الصحيفة، إلى أن إدارة بايدن كانت تسعى بجد، في الأشهر السابقة، لإتمام
التطبيع السعودي الإسرائيلي، ورغم أن الصفقة لم تكن قريبة، لكن البيت الأبيض كان مقتنعا بضخامة هذه الصفقة الاستراتيجية؛ فإذا كانت إسرائيل تمتلك علاقات جيدة مع أقوى دولة في العالم العربي من الناحية الجيوسياسية، بضمانات أمنية أمريكية كبيرة، فإن ذلك سيمثل تحولًا في المشهد في الشرق الأوسط.
وأوضحت أنه "يمكن للعلاقات الإسرائيلية الوثيقة مع السعوديين أن تخلق محور ردع ضد إيران من شأنه أن يسمح لواشنطن بالتركيز بشكل أفضل على منافستها مع الصين والتحدي التاريخي للحرب في أوكرانيا".
واستدركت قائلة: "لكن تبين أن الشرق الأوسط القديم كان من المستحيل دفنه؛ فلقد أعقب الهجوم الذي شنته حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر في غلاف غزة هجوم إسرائيلي مستمر لا هوادة فيه".
وأضافت: "قد شهدت تدفقا من الدعم للقضية الفلسطينية في جميع أنحاء العالم العربي، وكذلك في البلدان ذات الأغلبية المسلمة في أماكن أبعد، كما أنها جمدت أي حديث عن تقارب سعودي-إسرائيلي وشيك".
واعتبرت الصحيفة، أن "أمل نتنياهو الواضح في إمكانية تهميش الفلسطينيين في مشهد إقليمي أوسع يبدو أكثر سذاجة من أي وقت مضى، خاصة أن جيران إسرائيل يرون في تصاعد العنف دليلا على السبب الجذري، وهو غياب عملية تمنح الفلسطينيين دولتهم الخاصة أو حقوقهم السياسية المتساوية".
وبينت الصحيفة، أنه "يتم الآن سحب الولايات المتحدة مرة أخرى إلى الشرق الأوسط، والذي يشهد تصاعد التوترات مع طهران مرة أخرى، واحتمال دخول حزب الله، وكيل إيران في لبنان، إلى المعركة بشكل كامل".
ونقلت الصحيفة عن ماثيو بوروز وروبرت مانينغ من مركز ستيمسون، قولهما في مذكرة سلطت الضوء على "شرق أوسط جديد "، إنه "إذا انخرطت الولايات المتحدة بشكل مباشر في القتال، فيمكنها عكس ما كان ينظر إليه على أنه رغبة إدارات ترامب وبايدن في الانسحاب من المنطقة لصالح التركيز بشكل أكبر على الصين،وروسيا، مع حرب أوكرانيا".
وزعمت الصحيفة، أن المنطقة بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر لن يتم تحديدها فقط من خلال المنافسة والمصالحة بين الدول التي بدا أنها تعيد تشكيل الشرق الأوسط في الأشهر الأخيرة، ولكن من خلال شبكة من الجهات الفاعلة والمارقة.
وذكرت الصحيفة أن الأمر الأكثر إلحاحا هو أن اللحظة الحالية التي تسلط الضوء على التفاوتات الهائلة التي تجتاح منطقة الشرق الأوسط، فإذا كانت الثروة الهائلة التي لا نهاية لها للعائلة المالكة السعودية أو الإماراتية، فهناك الفقر المدقع في اليمن والبؤس المستمر للاجئين السوريين، ومهما كانت ثقة القطاع الخاص الإسرائيلي وبراعته، فهناك الخلل الذي يعاني منه لبنان المجاور، ويأس الملايين من الفلسطينيين الذين يعيشون تحت أكثر من نصف قرن من الاحتلال.
واختتمت الصحيفة تقريرها، بالإشارة إلى أن "الشرق الأوسط الجديد، سيكون بالنسبة لنتنياهو مكانا لا يرحم؛ حيث تظهر استطلاعات الرأي العام الإسرائيلي أن الأغلبية تلقي باللوم على حكومته لفشلها في حماية الإسرائيليين من اليوم الأكثر دموية في تاريخهم، وقد يكون من الصعب إحياء مسيرته السياسية بمجرد توقف هذه الجولة من الأعمال العدائية".