نشرت صحيفة
"فايننشال تايمز" تقريرا لمراسلتها في نيويورك حنا ميرفي، قالت فيه إن
الحرب بين
حماس وإسرائيل أدت لطوفان من الأكاذيب والمعلومات المضللة على منصات
التواصل الاجتماعي.
فقد انتشر فيديو
مروع على منصات التواصل الاجتماعي في الأسبوع الماضي أظهر حرق فتاة على يد مجموعة
من الغوغاء، وزعم المشاركون فيه أن حماس هي التي فعلت ذلك، مع أن اللقطات تعود إلى
عام 2015 وحدثت في غواتيمالا وقبل فترة طويلة من هجوم الحركة
الفلسطينية على
إسرائيل. وكان هذا واحدا من الأكاذيب التي أغرقت الإنترنت بمعلومات وصور مضللة
وعنيفة، ما أثار التشوش وزاد التحريض في ظل تكشف العنف.
وأثارت منصات مثل
إكس وتيلغرام وتيك توك غضب المنظمين، لفشل المسؤولين فيها في وقف فيضان
التضليل
المعلوماتي، الذي خرج سريعا إلى الإعلام السائد والسياسة الحقيقية في العالم.
ومن المنشورات
التي تم تداولها بشكل واسع، منشور يزعم أن قطر هددت بقطع تصدير الغاز، والذي ثبت
أنه كاذب، وكذلك الادعاءات المروّعة من أن حماس "قطعت رؤوس الأطفال"
مثلا، وظهرت على الصفحات الأولى للصحف الشعبية، وتبناها الرئيس جو بايدن في خطابه.
واعترف البيت الأبيض أن الرئيس لم يتحقق من التقرير.
وقال المدير
التنفيذي لمجموعة "كريو بوينت"، التي تركز على عمليات التضليل، جان-
كلود غولدستين، إن 100% من المزاعم منذ نهاية الأسبوع الماضي حول النزاع بين
إسرائيل وحماس تم فحص حقيقتها، وتبين أنها غير صحيحة، مقارنة مع بقية الادعاءات على
مدى 2023. وقال إن "الأكاذيب على الإنترنت ازدادت بشكل كبير، بشكل قاد لمشاعر
متوترة على أكثر من محور زمني، ما أدى إلى تداعيات اجتماعية وعالمية ضخمة"،
وأضاف أن "الحجم والانتشار لا مثيل له".
واستشهد أحد
المسؤولين في حركة حماس الذين تحدثت إليهم صحيفة "فايننشال تايمز" بتقرير للقناة الإسرائيلية العاشرة، والذي تحدث عن هروب جماعي في القوات
الإسرائيلية. والتقرير ليس كاذبا فحسب، ولكن القناة لم تبث منذ عام 2019.
وتواجه منصة إكس،
المعروفة سابقا بتويتر، تحقيقات في الاتحاد الأوروبي بشأن الطريقة التي تتعامل
فيها مع المحتويات غير القانونية. وتلقت منصة تيك توك المملوكة من الصين، وفيسبوك
الذي يديره مارك زوكربيرغ، تحذيرات من بروكسل. وإلى جانب هذا، أثار المسؤولون مظاهر
القلق حول استخدام المنصات للدعوة إلى العنف وإصدار التهديدات.
والجمعة، أرسلت
المدعية العامة في نيويورك، ليتيتيا جيمس، رسائل إلى غوغل وميتا وإكس وتيك توك
وريدت ومنصة الفيديو رامبل، وسألت عن الخطوات التي اتخذتها "لوقف انتشار
المحتوى المشجع على العنف ضد اليهود والمسلمين والمؤسسات".
وقالت تيك توك
يوم الأحد إنها تقوم بحذف المحتوى الذي يسخر من ضحايا الهجمات وتحرض على العنف،
وأنها أضافت قيودا على بثها الحي. وظلت وسائل التواصل الاجتماعي ولسنوات تناقش
الكيفية التي يمكن من خلالها التعامل مع الأخبار المزيفة والمعلومات المضللة، والتي
تنتشر بعد النزاعات مثل الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا. إلا أن الباحثين يتحدثون
عن مشهد استثنائي تم خلقه لحرب المعلومات، يتم من خلال انتشار صور خارجة عن السياق
أو تم تحويرها بشكل واسع.
وقد تفاقم هذا من
خلال تعطش المستخدمين للمعلومات المحدثة والطبيعة المحفوفة بالمخاطر للنزاع
الإسرائيلي- الفلسطيني. وعادة ما تقوم الخوارزميات بنشر المحتوى الأكثر تحريضا،
وفي غياب حواجز معدلة على المنصات مثل إكس وتيلغرام وغيرهما، فهذا ما جعل من مهمة
المحللين والأكاديميين لملاحقة البيانات وتدفق المعلومات صعبة.
ويقول غوردون
بينيكوك، أستاذ علم النفس في جامعة كورنيل والذي درس التضليل المعلوماتي:
"إنها عاصفة تامة"، وأشار إلى "حجم القضية والمصالح
المتضاربة" كعوامل مساهمة. ووسط زيادة عدم الثقة بالإعلام السائد، فإن الضغوط
الاجتماعية لتحديد مواقف أو التضامن أدت ببعض المستخدمين وبدون قصد لمشاركة
معلومات مضللة. فنجم البوب، جاستين بيبر وضع صورة على إنستغرام، حذفها لاحقا وتظهر
مدينة مدمرة وبتعليق "أصلي لإسرائيل"، لكن الصورة من غزة. وفي حالات
أخرى تم أخذ صور المواجهات العسكرية من نزاعات أخرى وحتى من ألعاب فيديو.
وتحولت منصة
"تيلغرام" كمركز معلوماتي ومفتاح اتصالي للجماعات التي تدعمها إيران مثل
حزب الله. وبحسب المحلل السياسي الإسرائيلي أرييه كوفلر، فإن الكثير من
الإسرائيليين يتبعون قنوات رسمية على تيلغرام، وعادة ما يتشاركون بسرعة في
فيديوهات بدون سياق أو شائعات لم يتم التأكد منها.
وبحسب تقرير
لمخبر أبحاث الطب الشرعي الرقمي في المجلس الأطلنطي، فإن حركة حماس اعتمدت على
منصة تيلغرام "كوسيلة تواصل رئيسية" لنشر بياناتها لأنصارها. وزاد عدد
المشتركين في قناة كتائب القسام عن مستويات ما قبل الحرب وتجاوز 619 ألف مشارك.
ولدى المتحدث باسم الكتائب، أبو عبيدة، أكثر من 400 ألف متابع لقناته.
ونشرت الحسابات
المؤيدة لحماس معلومات مضللة لنشر الخوف. وبعد بداية الهجمات بفترة قصيرة نشروا
لقطات فيديو عن إخلاء الجيش الإسرائيلي القواعد العسكرية قرب غزة، وكذا أسر
جنرالات إسرائيليين.
وقالت كاثلين
كيرلي، الباحث في معهد الخصوصية ومخبر الأمن في جامعة كارنيغي ميلون: "إنه
تضليل في كل طرف"، و"هناك أجندات طرف ثالث، وفي بعض الطرق يتم استخدامها
من أطراف شرق أوسطية لدعم بلدها أو انتقاد أعدائها".
وقال أندرو
بورين، المدير التنفيذي لفلاش بوينت ناشونال سيكورتي سوليوشنز، إنه يتوقع "تصعيدا
حقيقيا" في حملة التضليل. وأضاف أنه والباحثين معه تابعوا ثرثرات في منابر
المواقع المظلمة وسط الجماعات والقراصنة، وأنهم يخططون للانضمام إلى المعمعة. وقال
إن إيران، التي تعد من أكبر اللاعبين في الهجمات السيبرانية ولم تُربط مباشرة
بالهجمات، إلا أنها ستواصل دعمها لحماس.
وقالت ميتا، التي
تعرضت لانتقاد لفشلها في مراقبة المحتوى عليها وبطريقة مناسبة، إن حماس لا تزال
ممنوعة من المنصة بناء على سياسة "المنظمات الخطيرة والأفراد"، ويمنع
كذلك "الدعم أو المدح الجوهري" لها. وقالت إنها أنشأت مركز عمليات وحذفت
مئات الآلاف من المواد التي خرقت القواعد.
وتواجه منصات
تدعم حرية التعبير مثل إكس وتيلغرام تحديا لقيمها من المنظمين، وهناك إجراءات
عقابية تلوح بالأفق. وبعد إعلان الاتحاد الأوروبي أنها تقوم بالتحقيق في إكس، قامت
بحذف محتويات وعلقت حسابات لاعبين سيئين وحذفت "حسابات جديدة مرتبطة
بحماس".
وتساءل كوفلر إن
كانت منصة تيلغرام ستقوم بالتحرك، مشيرا إلى أن مقر المجموعة في دبي قام بإغلاق
حسابات تنظيم الدولة والمتطرفين الأمريكيين بعد هجمات 6 كانون الثاني/ يناير.
وقالت المنصة في بيان إنها تقوم بتقييم أحسن الطرق، وإنها تحاول الحصول على نصائح
من طيف واسع من الأطراف الثالثة، مضيفة أنها لا تريد مفاقمة وضع خطير بالتسرع
واتخاذ قرارات متعجلة".
ويقول الخبراء إن
الذكاء الاصطناعي يسهّل ويسرّع من عمليات التضليل، وعليه فمنصات التواصل بحاجة للاستثمار
في مصادر التعديل، بما في ذلك تعلم المواد والتأكد من المعلومات، وكذا القدرات
اللغوية.