حذر البروفسور
رشيد الخالدي، أستاذ الدراسات العربية بجامعة كولومبيا ومؤلف كتاب "حرب المئة
عام على فلسطين" الولايات من المتحدة من خطط "إسرائيل" في غزة وأن
عليها التفكير مرتين، قبل دعمها.
وأضاف الخالدي
في مقال بصحيفة "
نيويورك تايمز" أن "إسرائيل" أمرت أكثر من
مليون شخص في شمال غزة للجلاء، على ما يبدو تحضيرا للهجوم البري. ويبدو أن
الإستراتيجيين العسكريين يخططون إلى تهجير وإعادة احتلال جزء من المنطقة التي يعيش فيها 2.3 مليون شخص،
نصفهم من الأطفال ومعظمهم هم أحفاد الذين شردوا من بيوتهم أثناء الحرب العربية-
الإسرائيلية في 1948.
و"علينا
معرفة أن هؤلاء هم بشر عرضة للخطر الشديد وليسوا مجرد أرقام".
وأشار الخالدي
لتصريحات قادة الاحتلال حول غزة، مثل الجنرال المتقاعد غويرا إيلاند الذي قال في
صحيفة "يديعوت أحرونوت": "ليس أمام دولة إسرائيل أي خيار إلا تحويل
غزة لمكان لا يمكن العيش فيه لفترة مؤقتة أو دائمة"، مضيفا أن "خلق أزمة
إنسانية في غزة هي وسيلة ضرورية لتحقيق الهدف.. ستصبح غزة مكانا لن يوجد فيه أي
إنسان". وإلى قول وزير الحرب الإسرائيلي يواف غالانت: "نحن
نقاتل حيوانات بشرية ونتصرف بناء على ذلك". وإلى تصريحات الجنرال غسان عليان الذي
قال إنه "لن يكون في غزة لا ماء أو كهرباء، بل دمار طلبتم الجحيم وحصلتم
عليها".
ويشير الخالدي
إلى أن إفراغ غزة من سكانها سيكون عملا غير إنساني وخرقا للقانون الدولي، وعلى
الرئيس جو بايدن ومستشاريه أن يسألوا أنفسهم حول الكيفية التي سيخدم فيها تهجير
جماعي آخر للفلسطينيين الأمن القومي الأمريكي.
وكارثة كهذه
ستكون بمثابة
نكبة ثانية، كتلك التي حدثت في 1948. وستكون الولايات المتحدة
والحالة هذه شريكا لـ"إسرائيل" في خلق مستقبل
للفلسطينيين لا يمنح إلا الموت المستمر
والدمار والتهجير والاستعباد الدائم والطرد.
ويقول الخالدي
إن إدارة بايدن عرضت مساعدة غير مشروطة لـ"إسرائيل" في هجومها على غزة،
معتمدة على مقتل حوالي 900 إسرائيلي مدني ومئات من الجنود وعناصر الشرطة خلال هجوم
حماس وأسر 150 شخصا تقريبا. وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية في غزة فقد وصلت حصيلة
القتل في غزة والضفة الغربية حتى يوم السبت إلى 2.228 قتيلا، ومعظم القتلى على
الجانبين هم من المدنيين، منهم 724 طفلا في غزة، حسب المنظمة الدولية للدفاع عن
الأطفال.
ويجب علينا الملاحظة أنه وقبل هجوم حماس في 7
تشرين الأول/ أكتوبر قتل منذ بداية العام 200 فلسطيني على الأقل في الضفة الغربية
و30 إسرائيليا. وبشكل ملحوظ، فخسارة حياة الفلسطينيين لم تترك أثرا كبيرا على
السياسة الأمريكية، وبالنسبة للبعض فحياة المدنيين الأبرياء ليست متساوية. وفي نفس
الوقت، فإن الدبلوماسيين الأمريكيين أظهروا رغبة لأن تقوم مصر باستقبال
الفلسطينيين الذين ستطردهم "إسرائيل" من غزة.
ويقول الخالدي:
"هذه الأصداء من 1948 ربما كانت البداية. فلو شجعت واشنطن "إسرائيل"
على هذا الطريق، فإنها ستشعل حربا إقليمية أوسع، فخروج وطرد ربع فلسطيني من حيفا
ويافا وطبرية وبيسان والمناطق الأخرى وقبل إعلان دولة "إسرائيل" في
أيار/مايو أشعلت أول حرب بين الدول العربية و"إسرائيل". وأدت الحرب إلى
طرد وهروب الفلسطينيين في 1948 وإلى تشريد ما مجموعه 750.000 شخص وساعد على حرب مستمرة
منذ عقود. وكانت المرة الأخيرة التي سمح فيها رئيس ومستشاروه بغضب لكي يكون محركا للسياسة وبخسارة قاعدة
لا يمكن تخيلها هي في مرحلة ما بعد هجمات 11 أيلول/سبتمبر، وعندما أطلقوا العنان
لحربين كارثيتين في التاريخ الأمريكي والتي دمرت بلدين وأدت لوفاة نصف مليون أو
أكثر وجعلت الكثير من الناس حول العالم يمقتون أمريكا.
ويقول
الخالدي: "نحن على حافة قرار مصيري في واشنطن وبشأن دعم أفعال إسرائيل في
غزة، قد يورط الولايات المتحدة بشكل كامل بما سيحصل لاحقا، سواء علم بهذا بايدن
وفريقه بها أم لم يعلموا".
و"قد حان الوقت لكي تتوقف الولايات
المتحدة عن ترديد الكلمات الفارغة حول حل الدولتينن، في وقت توفر فيه المال
والأسلحة والدعم الدبلوماسي للأعمال الإسرائيلية المنظمة والمحسوبة والتي جعلت
الحل غير قابل للتصور، وهي تقوم بهذا منذ نصف قرن".
و"قد حان
الوقت لكي تتوقف الولايات المتحدة عن الإذعان والقبول باستخدام إسرائيل العنف
والمزيد من العنف في ردها على الفلسطينيين الذين يعيشون تحت احتلال خانق منذ 56
عاما". و"قد حان الوقت لكي تقبل الولايات المتحدة بالاعتراف أن احتكار واشنطن الجهود
التي أطلق عليها وبشكل مأساوي وبغير اسمها، العملية السلمية، قد ساعد إسرائيل على
ترسيخ ما أطلقت عليه عدة منظمات دولية لحقوق الإنسان بنظام الفصل العنصري الذي أدى
لمزيد من الحروب والمعاناة". و"الحل الوحيد، هو ذلك الذي ينهي اضطهاد
شعب لشعب آخر ويضمن حقوقا متساوية وأمنا للجميع".