بالتزامن مع استمرار العدوان الدموي على الشعب الفلسطيني في قطاع
غزة، تتزايد التقديرات الإسرائيلية بأن معركة "السيوف الحديدية" لحظة حاسمة، وفرصة لمرة واحدة لإعادة تشكيل بنية الشرق الأوسط، ومن المتوقع أن تؤثر على علاقات القوة في العالم بأسره، على اعتبار أن هذه الحرب حدث كبير في تاريخ الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وليست عملية أو جولة تصعيد كتلك المعروفة منذ عقود.
وذكر مايكل ميلشتاين المستشرق الإسرائيلي، أن "هجوم السبت هو اليوم الأكثر دموية على الإطلاق في تاريخ الصراع مع الفلسطينيين، ما تسبب في تغيير عميق وسريع في رأي الإسرائيليين، ويزيد من حدة التصور بأننا أمام صراع وجودي بين مجتمعين، وليس بين إسرائيل وحماس".
وتابع، بأن "مصادر العداء ليست الأسباب الروتينية، بل هو العداء الثقافي المشتعل بينهما، ومن المشكوك استئصالها، ويبدو أن دول الغرب، وعلى رأسها الإدارة الأمريكية، تبدي فهما عميقا لهذه الرؤى، وبالتالي تبرز اختلافا ثقافيا وقيميا أساسيا عن العالم العربي".
وأضاف في
مقال نشرته القناة 12، وترجمته "عربي21": "بعيدا عن صدمة السبت، فإن الفهم يتطور في الغرب بأنها لحظة حاسمة تتعلق بتصميم الشرق الأوسط، ما قد يستدعي من إسرائيل تعزيز الاعتراف بأنها جبهة أمامية ضد التهديد الذي يواجه الغرب بأكمله، ما يقوي القناعة بأن الحرب في غزة سيكون لها تأثير حاسم على صورة إسرائيل لدى نفسها وأعدائها وأصدقائها، وسيحدد كيف يتم تصوير معسكر إيران، وينظر لاعبو المنطقة إلى الولايات المتحدة".
وأوضح أنه "من المناسب بحث دروس الحرب الحالية للحفاظ على التصور الغربي لإسرائيل، وتعزيزه، خاصة الشرعية الممنوحة لها عندما تخوض صراعا وجوديا غير مسبوق، وفي الوقت نفسه مواصلة الحزم ضد
حماس، بالتركيز على تحييد قدراتها العسكرية والحكومية، وهذا يعزز صورة ردع
الاحتلال في الفضاء الإقليمي، وربما يؤدي تدريجيا لتغيير أعمق".
من جانبه ذكر الجنرال تامير هايمان الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية- أمان، أنه "من الصعب تحمّل ثمن مفاجأة حماس، لكن قواعد اللعبة في غزة تغيرت، لأنه بعد التعافي من الضربة، فإنه من المتوقع أن تحدد التغيرات في عملية الجيش الخطوات التالية، فقد بات في حالة حرب".
وأضاف أن "الضربة الأولى كانت من حماس، وثمن هذه المفاجأة الاستراتيجية لا يحتمل، ومن الضروري إجراء تحقيقات شاملة وعميقة لا هوادة فيها بسلسلة الإخفاقات، لأنها تسببت في أزمة خطيرة حلت بنا".
وأشار في
مقال نشرته القناة 12، وترجمته "عربي21" أن "الهجوم يجب أن يتركز في الجنوب في غزة، على أن يكون شكله وأهدافه سرا، ويتضمن مناورة برية أو إطلاق نار أو مزيجا منهما، وهو عمل ذو كثافة ونطاق غير عاديين لم يشهدهما قطاع غزة من قبل، مثل أساليب العمل الدقيقة، والمناورات المطلوبة، والمفاجآت التكتيكية".
وتابع، بأن "ما يمكن ملاحظته بالفعل في هذه المرحلة أن الجيش يعمل بطريقة مختلفة عن ما كان عليه في الماضي في ما يتعلق بموضوع إطلاق النار، وكميات الذخيرة التي تسقط على غزة هائلة، وهناك جهود كبيرة في كل مرة ضد خلايا ميدانية صغيرة".
وأوضح أن "الأيام والأسابيع المقبلة لن تكون سهلة، بجانب الأثمان الباهظة للغاية التي ستدفعها غزة، كما أننا سنعاني من المزيد من الخسائر، ولذلك فقد جاء تشكيل حكومة الطوارئ ومجلس الحرب ضرورة أمنية استراتيجية، وليست مسألة سياسية، بهدف تعزيز التماسك الداخلي الإسرائيلي، عقب التصور الذي حرّك أعداءنا بأن الاستقطاب الداخلي يجعل من الممكن تحدي إسرائيل".