مع تصاعد العدوان على قطاع
غزة، أعلن البيت الأبيض، أن واشنطن تجري "محادثات نشطة" مع الاحتلال ومصر لإنشاء "ممر آمن للمدنيين في قطاع غزة لتمكينهم من الفرار من الغارات الجوية الإسرائيلية المستمرة".
في غضون ذلك، قال مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، إن بلاده "تجري محادثات مع إسرائيل ومصر، بشأن توفير ممر آمن للمدنيين في غزة"، دون الإعلان عن التفاصيل في الوقت الراهن، موضحا أن "هناك مشاورات جارية، لكن تفاصيلها محل نقاش".
ولم يصدر أي تعليق
مصري رسمي بشأن تصريحات المسؤولين الأمريكيين حول طبيعة تلك المحادثات المتعلقة بالممر الآمن وطبيعة ذلك الممر وأين ينتهي.
وكانت مصادر مصرية رفيعة المستوى حذرت الاثنين، من دفع الفلسطينيين العزل باتجاه الحدود المصرية وتغذية بعض الأطراف لدعوات النزوح الجماعي.
وأشارت المصادر إلى خطورة الموقف وتداعياته على ثوابت القضية الفلسطينية، معتبرة أن دعوات النزوح كفيلة بتفريغ قطاع غزة من سكانه وتصفية القضية الفلسطينية ذاتها، مشددة على أن السيادة المصرية ليست مستباحة وسلطة الاحتلال مسؤولة عن إيجاد ممرات إنسانية لنجدة شعب غزة.
وتحظر اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 والبروتوكول الإضافي الأول 1977 النقل الجماعي أو الفردي للمدنيين من أراضيهم أثناء الحروب، كما أن نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية يعتبر التهجير القسري للسكان جريمة حرب.
منع المساعدات ينذر بكارثة إنسانية
وينذر منع المساعدات الإنسانية من التوجه إلى قطاع غزة عبر
معبر رفح الحدودي، المنفذ الوحيد لسكان القطاع للعالم الخارجي، بالتزامن مع قطع إمدادات الوقود والكهرباء من جانب دولة الاحتلال، بحدوث كارثة إنسانية لسكان مدن ومخيمات القطاع البالغ عددهم نحو 2.2 مليون نسمة.
وفي أعقاب تهديد سلطات الاحتلال السلطات المصرية بقصف إمدادات المساعدات الإغاثية إذا دخلت قطاع غزة عادت قوافل المساعدات الإنسانية التي كانت متجهة من مصر إلى القطاع أدراجها وسط تساؤلات عن رضوخ السلطات المصرية للتهديدات الإسرائيلية.
ونشرت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان (مستقلة) مقطعا مصورا، لانسحاب شاحنات الوقود والمواد الإغاثية المصرية من محيط معبر رفح البري، حيث نقلت قناة 12 العبرية، الثلاثاء، تهديدات الاحتلال بقصف أي شاحنات تحمل مساعدات وبضائع تحاول الوصول إلى قطاع غزة، ولم يصدر أي تعليق مصري رسمي على تلك التهديدات حتى الآن.
يذكر أن السلطات المصرية علقت العمل بمعبر رفح لأجل غير مسمى، عقب استهداف الجزء الفلسطيني للمعبر ثلاث مرات خلال أقل من 24 ساعة، فيما لم تعلق السلطات على قصف المعبر حتى كتابة هذه السطور.
وكان جيش الاحتلال طالب سكان قطاع غزة بالفرار باتجاه مصر، قبل أن ينفي ذلك لاحقا، مع استمرار الحشد العسكري على تخوم القطاع المحاصر تمهيدا لاجتياح بري محتمل مع استمرار القصف الإسرائيلي دون توقف على الأحياء والمدن بشكل مكثف وقطع جميع الخدمات.
مخطط صهيوني ورضوخ مصري
واستنكر السياسي والحقوقي المصري، الدكتور عز الدين الكومي، إذعان النظام المصري لتهديدات الكيان الصهيوني قائلا إن "الموقف المصري واضح، وكأن ما جرى بقصف المعبر الحدودي ثلاث مرات ليس على حدوده، فلم يحرك ساكنا والتزم الصمت المطبق وسحب المساعدات المصرية المتجهة إلى قطاع غزة والتي كانت عبارة عن شاحنات محملة بالوقود بعد تهديد الاحتلال بقصفها".
وأكد في حديثه لـ"عربي21" أن "مصر منوط بها القيام بدورها التاريخي في فتح المعبر والسماح بمرور المساعدات واستقبال الجرحى كما ينص على ذلك المواثيق والقوانين الدولية، حيث يجرم القانون الدولي قطع المساعدات ومنعها، والنظام المصري عليه أن يقوم بواجباته تجاه سكان قطاع غزة وإلا أصبح شريكا في خنق وحصار وموت المدنيين".
وأضاف الكومي، وهو وكيل لجنة حقوق الإنسان في البرلمان المصري سابقا، أن "صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية نشرت مقالا خطيرا في 2 يونيو 2023 بعنوان (إسرائيل تحيي مخطط ضم سيناء إلى غزة) حيث قالت الصحيفة إنه يجب على مصر أن تتولى إدارة قطاع غزة مقابل ضم أراض من سيناء إلى القطاع، وتهدف الخطة إلى تحويل قطاع غزة لمنتجع سياحي ضخم تستفيد منه مصر اقتصاديا بالإضافة إلى ضم مساحة من سيناء تبلغ 600 كم مربع".
ولا يعد المخطط الصهيوني وليد اليوم، بحسب الكومي، وكان يثار في كل فترة بحثا عن رئيس يساعدهم على تحقيق أهدافه، مشيرا إلى أن الخطة سبق وعرضها المبعوث الأمريكي دينيس روس على الرئيس الأسبق حسني مبارك مقابل 12 مليار دولار وأراض في النقب.
واعتبر أن "طرح أفكار من قبيل الممر الآمن يهدف إلى إخلاء غزة من السكان بهدف مسحها من الوجود، ولم يتضح إذا كان هذا الممر داخل القطاع أم إلى شمال سيناء، وفي كلا الحالتين هذا مخطط صهيوني أمريكي لإيجاد وطن بديل وتصدير القضية إلى المصريين".
نظام السيسي ينكص عن دور مصر التاريخي
ويقول رئيس المكتب السياسي للمجلس الثوري المصري، الدكتور عمرو عادل: "عند محاولة الحكم على رد فعل سياسي من الضروري إدراك أن توازن القوى بكل عناصرها هي من تفرض القرار والحرب إحدى أدوات الفعل السياسي وهذا ما تدركه فصائل المقاومة الفلسطينية وكذلك الصهاينة وهي إحدى أدوات الصراع التي لا يمكن إهمالها، أما من يخرجها من حساباته كما يؤكد دائما النظام المصري فهو بالتأكيد خاسر في كل شيء".
وعن استمرار صمت النظام المصري إزاء الأفعال والتهديدات سلطات الاحتلال، فقد أوضح في حديثه لـ"عربي21"، أن "الصراع يحتاج إلى قدرات نفسية بالمقام الأول ويحتاج لإرادة لا يمتلكها النظام المصري، فلذلك لا نسمع له حسا ولاهمسا في الصراع الحالي رغم أن المتضرر الأكبر كالعادة هو مصر، هو نكوص عن دور تاريخي غير مبرر".
ورأى عادل ، الضابط السابق بالجيش المصري، أن النظام المصري تخلى عن قوته الخشنة منذ السبعينيات وتخلى عن قوته الناعمة منذ عقود أمام الجميع سواء كانوا صهاينة عربا متصهينين، ولذلك فلم يعد أحد يراه. فقط هو كتل كبيرة صماء صامتة وصلت لمرحلة الانسحاب الصامت أمام صيحات الغضب من عدونا الوجودي".
وختم حديثه بالقول: "نحن نأمل أن تكون الجمعة القادمة ليست فقط دعما لفلسطين ولكن صرخة غضب وألم في وجه الصامتين الخانعين من منتسبي الزي العسكري الذين لم يعودوا يخيفون أحدا إلا شعوبهم".
حصار وتحذير أممي
وتقدر الأمم المتحدة أن حوالي 2.1 مليون شخص في الأراضي الفلسطينية يحتاجون لمساعدات إنسانية، من بينهم مليون طفل.
وأعلن الاحتلال، الاثنين فرض حصار شامل على قطاع غزة يتضمن إغلاق المعابر كافة وقطع الإمدادات الكهربائية والمياه والغذاء والطاقة عن القطاع.