تتواصل الاعترافات الإسرائيلية بحجم الهزيمة المدوية التي لحقت بالاحتلال بسبب هجوم
حماس في مستوطنات غلاف
غزة، وكيف تم الدوس على التفوق العسكري والأمني والأخلاقي تحت أحذية مقاتلي حماس الذين جابوا شوارع مستوطنات الجنوب، ولذلك فإن الصدمة سترافق الإسرائيليين لفترة طويلة، وستكون عملية الترميم باهظة الثمن، وسيتعين عليهم دفع الثمن، ليس فقط بالمال، بل بأشياء أخرى.
أتيلا شوملبيه الكاتب بصحيفة "
يديعوت أحرونوت"، أكد أن "الهجوم المفاجئ الذي شنته حماس على إسرائيل تسبب في صدمة للجمهور الإسرائيلي. علم الجميع أن شيئا ما يمكن أن يحدث، فكروا في 1973، والفشل الذريع ليوم الغفران، وتحدثوا عن السهو والأخطاء ومواطن الخلل، لكن لم يفكر أحد في ما حدث في الأيام الأخيرة في مستوطنات غلاف غزة، حين تجول مسلحو حماس بحرية في مدن الجنوب، ونفذوا عمليات خطف، وإطلاق نار في الشوارع، وطائرات شراعية وآلاف الصواريخ دفعة واحدة على كل أنحاء الدولة، ومن الناحية التاريخية، سيتم تصنيف هذا الصباح بأنه فاشل".
وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" أن "الأثمان الباهظة التي سيدفعها الإسرائيليون مقابل سوء سلوك أصحاب القرار لا يمكن تصورها، ولا تطاق، فقد فشل المستوى السياسي، وفي الأشهر العشرة الأخيرة، كان اهتمام الحكومة تفكيك المجتمع، ومحاولة السيطرة على مراكز السلطة، وتعزيز انقلاب فاشل أثار جدار الغضب بين مختلف شرائح الإسرائيليين، وبدلا من بناء الدولة، فقد انشغل نتنياهو وشركاؤه بتدمير المشروع الصهيوني، وبدلاً من تعزيز الردع، قاموا بالتشهير بالمقاتلين والطيارين وكل من لم يوافق على الانحياز لأجندتها اليمينية".
وأشار إلى أن "هناك أسئلة لا حصر لها في ضوء نجاح المسلحين في اختراق إسرائيل عبر السياج الذي من المفترض أن يقطع قطاع غزة، والتجول لفترة طويلة في شوارع مدن الجنوب، والعودة إلى القطاع فوق سيارات الجيب التابعة للجيش، هذه ليست مجرد صورة، إنها صورة مدوّية للنصر، وضربة أخلاقية لا مثيل لها، إنها كارثة للسردية التي رواها الإسرائيليون لأنفسهم لسنوات، وضربة للسياسة الفاشلة التي انتهجتها الحكومة، وأصبح هذا الصباح كابوسا سيكون من الصعب الهروب منه".
في المقابل، أكد رون بن يشاي الخبير العسكري لصحيفة "
يديعوت أحرونوت"، أنه "في الوقت الذي تتزايد فيه الدعوات لإسقاط حماس في غزة، فإن الأسرى لدى الحركة، والرغبة بمنع التصعيد في الجبهة الشمالية يزيد الأمر تعقيداً، رغم أنه ليس أمام الاحتلال من خيار سوى إحداث تغيير جذري في الواقع في غزة، رغم أن التحرك البري يحمل في طياته خطرين: يعرض الإسرائيليين الأسرى للخطر، ويزيد من احتمالات نشوب حرب متعددة الساحات، ومع ذلك فيبدو أنه الاحتمال الأقوى هو زعم أن حماس أصبحت تشكل تهديدا وجوديا".
وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" أن "الخسائر والأضرار الفظيعة التي تكبّدناها خلال هجوم السبت، سنستمر في تكبدها في الأيام المقبلة، لكن الضرر الاستراتيجي طويل المدى أكثر خطورة، فقد فقدت إسرائيل جزءًا كبيرًا من قوة ردعها، وإذا لم تستعد ردعها الاستراتيجي، وأصبحت حماس صاحبة اليد العليا عسكرياً، وفي حرب الوعي، فسيحاول حزب الله والمليشيات في سوريا والعراق من وكلاء إيران، عاجلاً أم آجلاً، تقليد الحركة، أو الانضمام للهجوم".
وزعم أنه "من أجل استعادة الردع الإسرائيلي، فيجب إسقاط حكم حماس في غزة، ليتم بشكل حاسم، وبأسرع ما يمكن، حتى لو اضطر الجيش لتغيير قواعد الاشتباك، بحيث تلعب الاعتبارات الإنسانية دوراً أقل أهمية من ذي قبل، ودون الأخذ في الاعتبار القانون الدولي والشرعية الدولية عندما يعمل لتحقيق أهدافه العسكرية داخل غزة، لأن إضعاف حماس يتطلب تدخلاً برياً بقوات كبيرة، ولفترة طويلة، ربما لأشهر، لاسيما أن الشرعية الدولية لإسقاط حكم الحركة هي حاليا في ذروتها، وعلى الجيش الاستفادة من هذه النافذة طالما كانت مفتوحة، دون التخلي عن جمع المعلومات الاستخبارية، والتخطيط الدقيق".
من السابق لأوانه استخلاص استنتاجات من ذلك الصباح الصعب على الإسرائيليين، لكن من الواضح بالفعل أن الضربة الثقيلة التي وجهها المقاتلون للاحتلال هي نفسية ومعنوية، فقد انهار الردع، والصور المروعة التي تلقوها تغمر شبكات التواصل، من حيث جثث القتلى والأسرى والمعارك في شوارع المدن والدبابات المحترقة للجيش، وهذه الصور ليست أقل من كارثة، بعد أن تمكن الاحتلال على مدى سنوات، من خلق شعور بالتفوق العسكري والأمني والأخلاقي.