نشر موقع "نيوز ري" الروسي تقريرًا تحدّث فيه عن مصادقة
أرمينيا على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، التي أصدرت مذكّرة اعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير
بوتين في آذار/ مارس الماضي.
وقال الموقع، في
تقريره الذي ترجمته "
عربي21"، إن الجانب الأرمني برّر انضمامه إلى
المحكمة الجنائية الدولية برغبته في بدء الإجراءات القانونية ضد أذربيجان.
كيف صدقت أرمينيا على نظام روما الأساسي
في 3 تشرين الأول/ أكتوبر، صادق البرلمان الأرمني على نظام روما الأساسي. وقد قاطعت فصائل المعارضة الجلسة وامتنعت عن التصويت ولم تضم قاعة اجتماعات البرلمان غير حزب العقد المدني الذي يتزعمه رئيس الوزراء نيكول باشينيان.
ونقل الموقع عن إدوارد أغادجانيان، النائب عن الحزب الحاكم، أن "أرمينيا تعرف موقف
روسيا من نظام روما الأساسي، لكنها تسترشد فقط بمصالحها الخاصة كونها دولة ذات سيادة".
ويُعهد التوقيع على الوثيقة في المستقبل القريب إلى رئيس البلاد فاهاغن خاتشاتوريان، وستدخل حيز التنفيذ بعد 60 يومًا من استكمال إجراءات الدولة الداخلية.
كيف ردت روسيا؟
وقال رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الاتحاد الروسي، غريغوري كاراسين، إن روسيا ستنظر في قرار أرمينيا وتستخلص استنتاجات للمستقبل معربًا عن أمله في عدم تغير العلاقات بين الشعبين الأرمني والروسي.
ويأمل كاراسين في "ألا تتغيّر العلاقات بين شعبينا. إنها مبنيّة على صداقة وأخوة ممتدة منذ قرون. مع ذلك، فقد تكون هناك حاجة لاستخلاص بعض الاستنتاجات في ما يتعلّق بالسياسيين الذين اتخذوا هذا القرار".
ونقل الموقع عن السيناتور وعضو لجنة الشؤون الدولية في مجلس الاتحاد الروسي، أوليغ موروزوف، أن الدافع الأرمني للتصديق على نظام روما الأساسي أمر سخيف.
وأشار موروزوف إلى أن قرارات المحكمة الجنائية الدولية ليس لها قوة قانونية ولا يعترف بها عدد كبير من الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة.. مشددا على أن قرار يريفان الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية من شأنه أن يحدث شرخًا في العلاقات مع موسكو، باعتبار أن المحكمة تحاكم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ويعتقد موروزوف أن أرمينيا اليوم يحكمها متعاونون يتاجرون بسيادتها، وتدمير علاقاتها مع روسيا يهدد بفقدان ضمانات الدولة الأرمنية.
أشار نائب رئيس لجنة مجلس الفيدرالية الروسي للشؤون الدولية، أندريه كليموف، إلى أن التصديق على النظام الأساسي لن يحسّن العلاقات بين روسيا وأرمينيا، مشيرًا إلى أن توقيت هذا القرار رمزي. ووفقًا له، فقد أكّدت القيادة الأرمنية على دور المحكمة الجنائية الدولية وأهميتها، التي تحوّلت منذ فترة طويلة إلى سلاح للأعداء الغربيين.
وأضاف كليموف: "حسب رأيي، فإن أصحاب السلطة هناك لا يسترشدون بالمصالح الأساسية للشعب الأرمني بل بشيء آخر، ويتّبعون خطى الأطراف التي تعتبر روسيا عدوا لها. بالنظر إلى خريطة العالم وموقع يريفان وواشنطن وبروكسل فإن هذه ليست النقاط التي ينبغي ليريفان أن تعتمد عليها في استراتيجية جادة وطويلة الأمد".
ونقل الموقع عن النائب بمجلس الدوما الروسي كونستانتين زاتولين، أن قرار أرمينيا المصادقة على انضمامها إلى المحكمة خطوة غير ودية، مضيفا أن يريفان تتبع هذا المسار باستمرار. ووفقا له، فإنه بهذه الخطوة منع الجانب الأرمني الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من دخول البلاد.
هل ستعتقل أرمينيا بوتين بعد الاعتراف بنظام روما الأساسي؟
قال المحلل الروسي ديمتري لابين إن اعتقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أرمينيا أمر مستحيل عمليا، حتى مع تصديق يريفان على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، التي أصدرت مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي. ووفقا له، فإن قرار أرمينيا لا يلغي قاعدة القانون الدولي التي بموجبها يتمتع رؤساء الدول بالحصانة.
وأضاف لابين أن "تصديق أرمينيا على النظام الأساسي لا يؤدّي إلى تحييد قواعد القانون التي صيغت خارج هذا الاتفاق، حيث يتمتع زعماء الدول بالحصانة المطلقة في الدول الأخرى والمؤسسات الدولية". وبحسب لابين فإنها لا تمتثل بعض الدول للالتزامات الدولية وترتكب انتهاكات، لذلك فإن من الصعب التنبؤ بدقة بكيفية تصرف سلطات بعض البلدان في المستقبل.
وأشار لابين إلى أن أرمينيا تعرض على روسيا اتفاقاً إضافياً، وهو ما يضمن في رأي يريفان، تهدئة مخاوف موسكو، موضحًا أنه في ممارسة القانون الدولي هناك معاهدات خاصة توضح موقف الدولة المشاركة في معاهدة دولية تجاه دولة أخرى.
واقترح لابين على روسيا مراجعة الاتفاقية، ومقارنتها بمصالحها الوطنية، وأخذ قرار سوي بالتوقيع عليها أو بالتخلي عنها. وإذا كان الاتفاق الذي اقترحه الجانب الأرمني يتوافق بالفعل مع مصالح روسيا، فيمكن النظر فيه. وإذا لم يناسب الجانب الروسي، فإن موسكو ليست ملزمة بالتوقيع عليه. وفي مثل هذه الحالة، يمكن النظر في حلّ بديل.
وأورد الموقع أن اقتراح أرمينيا توقيع اتفاقية ثنائية ظهر في الثامن والعشرين من أيلول/ سبتمبر. وقد كشف عن ذلك يغيشي كيراكوسيان الناطق باسم حكومة أرمينيا للشؤون القانونية الدولية، مشيرًا إلى أنه حتى في حال رفض الجانب الروسي التوقيع على هذا الاتفاق، فإن الحديث عن احتمال اعتقال رئيس روسيا في حال زيارته لأرمينيا أمر غير معقول باعتبار تمتع رؤساء الدول بالحصانة.
لماذا صدقت أرمينيا على نظام روما الأساسي؟
في 3 تشرين الأول/ أكتوبر، قال كيراكوسيان إن التصديق سيسمح ليريفان بالانطلاق في تنفيذ إجراءات ضد باكو في المحكمة الجنائية الدولية. ووفقا له، فقد وافقت الحكومة على التوقيع بسبب العدوان واسع النطاق الذي نفذته أذربيجان على أرمينيا منذ أيلول/ سبتمبر 2022، فضلا عن جرائم الحرب على الأراضي الأرمنية.
وأوضح رئيس الوزراء الأرمني باشينيان في 11 أيلول/ سبتمبر أن القانون ضروري للتحقيق في الحوادث التي وقعت في أيار/ مايو 2021 وأيلول/ سبتمبر 2022 على الحدود مع أذربيجان، مشيرًا إلى أن يريفان تسعى جاهدة للحصول على أدوات أمنيّة دولية إضافية في الظروف التي لا تفي منظمة معاهدة الأمن الجماعي بالتزاماتها.
وأكد باشينيان أن هذا القرار لا علاقة له على الإطلاق بالعلاقات الأرمنية الروسية بل يرتبط بالتوترات الحدودية. ومن جانبه، شكك كليموف في فاعلية هذا القرار في مساعدة يريفان في الدفاع عن حقوق الأرمن في
قره باغ، لأن المحكمة الجنائية الدولية لا تبحث في مثل هذه القضايا اليوم، وتركز فقط في سبل اضطهاد القيادة الروسية.
لماذا قاطعت المعارضة الأرمنية التصديق؟
تعتقد المعارضة الأرمنية أن المصادقة على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية يتعارض مع دستور أرمينيا ولا يخدم مصالح السياسة الخارجية للبلاد، مشيرةً إلى أن المحكمة الجنائية الدولية أصبحت في الوقت الراهن هيئة مسيّسة وقرار السلطات بالتصديق عليها محفوف بعواقب لا يمكن التنبؤ بها. ويخشى ممثلو المعارضة تأثير هذا القرار سلباً على العلاقات مع روسيا.
كيف انضمت أرمينيا إلى المحكمة الجنائية الدولية؟
كانت أرمينيا وقّعت على مشروع التصديق على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في 17 تموز/ يوليو 1998.
ووفقا لكيراكوسيان، فقد بدأت أرمينيا عملية الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية منذ حوالي 20 سنة. وفي آب/ أغسطس 2004، أعلنت المحكمة الدستورية تضارب نظام روما الأساسي مع الدستور المعمول به في ذلك الوقت. وبناء على ذلك، فإنه تم تعديل القانون الأساسي في كانون الأول/ ديسمبر في 2005 و2015 و2020 بعد حرب قره باغ.