استدارت
الحكومة
المصرية إلى مشروعات ما تسمى الجمهورية الجديدة التي أطلقها النظام
الجديد مع بداية توليه مقاليد السلطة في مصر منتصف عام 2014، من أجل بيعها في إطار
سعيها لجمع أكبر حصيلة من الدولار لمواجهة الأزمة الاقتصادية.
تعتزم
السلطات المصرية بيع ما بين 5 إلى 10 بالمئة من الشركة من خلال طرح أسهم الشركة في
البورصة خلال النصف الأول من العام القادم 2024، وفقا لرئيس مجلس الإدارة والعضو
المنتدب لشركة العاصمة الإدارية، خالد عباس.
ويهمين
الجيش على الحصة الحاكمة بالشركة وهي شركة مساهمة مصرية تتولى تنمية وإنشاء وتخطيط
العاصمة الإدارية الجديدة، وتأسست في 21 نيسان/ أبريل 2016.
من
يملك العاصمة الجديدة
يستحوذ
الجيش على 51 بالمئة من الشركة، موزعة بين جهاز مشروعات الخدمة الوطنية بنسبة 29.4
بالمئة وجهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة بنسبة 21.6 بالمئة، في حين تبلغ حصة
هيئة المجتمعات العمرانية (حكومية) بنسبة 49 بالمئة.
وحققت
الشركة إجمالي أرباح قبل الضرائب بقيمة 19.8 مليار جنيه مصري (الدولار يعادل 30.9
جنيه)، بحسب بيان الجمعية العمومية للشركة في آب/ أغسطس الماضي.
وكان
رئيس النظام المصري، عبد الفتاح
السيسي، قال في آب/ أغسطس 2021 إنه سوف يتم طرح
شركة "العاصمة الإدارية" في البورصة المصرية في اكتتاب عام قياسي خلال
عامين.
وتبلغ
تكلفة المرحلة الأولى من العاصمة الإدارية نحو 45 مليار دولار على أقل تقدير،
وتبلغ المساحة الإجمالية للعاصمة 170 ألف فدان، ومن المتوقع أن يبلغ عدد السكان
عند اكتمال نمو المدينة 6.5 مليون نسمة، على أن توفر حوالي مليوني فرصة عمل.
العاصمة
الجديدة هي مقر الحكم في مصر بعد الانتقال إليها خلال العامين المقبلين، إذ إنها تضم: قصر الرئاسة، والبرلمان، والحكومة، وحياً دبلوماسياً، ومطاراً دولياً، و25 حياً
سكنياً، ونحو 1.1 مليون وحدة سكنية، و40 ألف غرفة فندقية.
ماذا
باعت مصر حتى الآن؟
باعت الحكومة المصرية أصول إلى مستثمرين بحصيلة بلغت نحو 2.5 مليار دولار، بحسب وزيرة التخطيط المصرية هالة، التي أكدت أن حكومة بلادها تستهدف جمع 4 إلى 5
مليارات دولار من برنامج الطروحات الحكومية حتى حزيران/ يونيو المقبل.
كان
آخر الوافدين من مشروعات الجمهورية الجديدة التي تبناها السيسي هو بيع محطة كهرباء
بني سويف (110 كيلومترات جنوبي
القاهرة) وتعمل المحطة بتكنولوجيا الدورة المركبة،
إذ تعتمد على الغاز الطبيعي في تشغيلها بقدرة تبلغ 4800 ميغاوات، وبتكلفة بلغت
2.05 مليار يورو على مساحة 500 ألف متر مربع.
وتعد
واحدة من 3 محطات شاركت في بنائها شركة "سيمنز" الألمانية بسعة إجمالية
14.4 غيغاواتا، وقد تم توقيع عقدها في تموز/ يوليو عام 2015 في صفقة بلغت قيمتها
ثمانية مليارات يورو (تسعة مليارات دولار) بهدف زيادة طاقة توليد الكهرباء في
البلاد بنحو 50 في المئة، وصفتها الحكومة بأنها ستكون الأكبر في العالم عند
اكتمالها.
توقعت
وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني أن تعتمد الحكومة المصرية على بيع
الأصول لتمويل طلبات الاستيراد المُعلقة، والبالغة 5.5 مليار دولار، ولكنها
أشارت إلى أن بيع أصول الدولة يواجه تحديات، إذ جمعت الحكومة 1.6 مليار دولار
بنهاية يوليو، فيما يتعين عليها جمع 4.6 مليار دولار أخرى بنهاية 2024.
تحول
في بيع الأصول
يعد
اعتزام النظام المصري طرح حصصا في مشروعات وشركات التي جاءت ضمن مخطط الجمهورية
الجديدة تحولا جديدا ضمن مساعي مصر طرح حصص في حوالي 35 شركة مملوكة للحكومة
وللقوات المسلحة، سواء في البورصة أو لمستثمرين استراتيجيين، حتى حزيران/ يونيو
2024.
أعرب
رئيس شركة الاستشارات الاستثمارية "بويز إنفستمنت"، مقرها واشنطن، شريف
عثمان، عن اعتقاده أن اللجوء إلى بيع أصول الجمهورية الجديدة "يعكس حجم
الاحتياج الحكومي للسيولة في الوقت الحاضر، خاصة بالعملة الأجنبية".
وقال لـ"عربي21": "علينا التزامات كبيرة، ومصادر التمويل جفت إلى حد ما،
وبالتالي فلم يعد أمام الحكومة إلا البيع".
ولكنه
استدرك بالقول: "شخصياً أرفض البيع ولا أعتبره دليل نجاح لأي شيء. فالبيع حالياً هو
بيع المضطر، وهو ما يعني تضاؤل احتمالات حصولك على الثمن الحقيقي. والمشكلة أن هذا
الاندفاع نحو البيع يتم بعيداً عن أي رقابة أو شفافية، ما قد ينتج عنه خسائر
اقتصادية ومعنوية جمة".
وأعرب
عن تخوفه من طريقة البيع قائلا: "نحن حتى لا نعرف ما إذا كانت هناك طرق صحيحة
لتقييم الشركات، من أجل الوصول إلى قرار بخصوص الربح أو الخسارة في عمليات
البيع".
مشروعات
الجمهورية الجديدة على المحك
اللجوء
إلى بيع الأصول الجديدة كان متوقعا، بحسب خبير الاقتصاد السياسي، مصطفى يوسف،
وقال: "هذه النسبة غير كافية وعلى النظام أن يطرحها جميعا (شركة العاصمة
الإدارية) للبيع، إلى جانب العلمين الجديدة وغيرها من المشروعات التي تمت دون
دراسات جدوى، ولا تحقق أي مردود مالي مستدام لسداد الالتزامات والاحتياجات
اللازمة".
وأكد
في حديثه لـ"عربي21": "المشروعات الجديدة الجارية الآن على الأرض
تعاني من أزمة تمويلات ضخمة بما فيها مشروعات العاصمة الإدارية وتراكم الديون
للمطور الصيني الذي يبني أبراجا بمليارات الدولارات دون عائد حقيقي، وحصيلة البيع
للعاصمة كلها ستكون مرة واحدة بالتالي فهي ليست مشروعا ذا جدوى اقتصادية على أي مدى
أو في أي دراسة".
ورأى
يوسف أن "أزمة نظام السيسي أنه لم يضع أي خطط للتنمية عندما أعلن الشروع في
بناء الجمهورية الجديدة بمشروعاتها الأسمنتية على الرغم من أن حكومته أنفقت أكثر من 400
مليار دولار كقروض خارجية وداخلية طوال السنوات العشر الماضية، وكانت النتيجة بيع
أجزاء منها على مراحل وزادت معدلات الفقر وغابت التنمية الشاملة التي ترتكز على
خلق قاعدة صناعية تتماشى مع التركيبة الديمغرافية للمجتمع المصري والمزايا النسبية
التي تتمتع بها الدولة المصرية من موقع جغرافي وثروات طبيعية".