يكشف كتاب "إيلون
ماسك بقلم والتر آيزاكسن" الذي يتناول
السيرة الذاتية للملياردير الأمريكي المثير للجدل، الكثير من الأسرار عن حياته
وطبيعة شخصيته.
وصدر الكتاب الذي استبق بدعاية واسعة، الثلاثاء، عن دار "سايمون
أند شوستر للنشر".
وبرغم أن الكتاب ليس الأول الذي يتحدث عن سيرة ماسك، لكن أهميته تكمن
من المكانة التي احتلها رجل الأعمال في السنوات القليلة الماضية وإثارته الجدل في محطات
عدة، لا سيما بعد شرائه شركة "
تويتر" عام 2022، وفق تقرير لـ"بي بي
سي".
وتقدّر قيمة شركات ماسك حالياً بأكثر من تريليون دولار، ويبني المهندسون
العاملون فيها، من بين أمور أخرى، سفن فضاء قابلة لإعادة الاستخدام، وروبوتاً بشرياً،
وهايبرلوب للنقل السريع، وشرائح إلكترونية تُزرع في أدمغة البشر.
كما تعمل إحدى شركاته، نيورالينك، في صناعة ناشئة تُعرف بـ"الواجهة
الحاسوبية للدماغ"، وهي عبارة عن نظام يفك شفرة إشارات الدماغ ويترجمها إلى أوامر
للأجهزة الخارجية، فيما تسعى شركته الأخرى، سبيس إكس، إلى جعل المجتمع البشري
"متعدد الكواكب".
يسرد كاتب الكتاب في مقابلة مع صحيفة "الفايننشال تايمز"، أنه
طلب من ماسك أن يظل بجانبه لمدة عامين والتحدث إليه كل يوم تقريباً، الأمر الذي وافق
عليه ماسك سامحاً له بحضور اجتماعات العمل، غير آبه بسرّية تلك اللقاءات، كما يؤكد الصحفي
الأمريكي الذي ذكر أيضاً أنه حضر المناسبات العائلية، مثل عشاء ماسك مع أطفاله.
وكان الأمر الأكثر إثارة للجدل خلال الإعداد للكتاب، هو حضور آيزاكسون
مفاوضات ماسك مع الحكومة الأوكرانية في أواخر عام 2022، عندما كان جيشها يستخدم نظام
اتصالات ستارلينك الخاص بشركة "سبيس إكس".
ويقول إن مشروع كتابة سيرة ماسك الذاتية أثار لديه أسئلة كبيرة مثل: هل
يجب أن تكون "نصف مجنون" لتكون مبتكراً أو عبقرياً؟ وكيف يمكنك منع عقل لامع
من الخروج عن السيطرة؟
وعن تقلبات ماسك، قال آيزاكسون إن ذلك يعود بشكل أساسي إلى "ألم
طفولته إذ نشأ وسط العنف في جنوب أفريقيا، وكانت علاقته صعبة مع والده. هذه العلاقة
جعلته يشعر وكأنه غريب وتطارده الحاجة إلى إثبات نفسه" بشكل دائم.
يصوّر آيزاكسون إيلون ماسك على أنه شخصية معقّدة ومعذبة، تفتقد للقدرة
على التواصل على المستوى الإنساني مع الأشخاص من حوله، لا سيما زوجاته وأطفاله، ومن
يعملون في شركاته.
ويقول إن ماسك "لم يكن لديه المستقبِلات العاطفية التي تنتج اللطف
والدفء اليومي والرغبة في أن تكون محبوباً".
ويبيّن كيف أن علاقته بوالده، إيرول، مثّلت مصدر صدمة لا تزال ترافقه،
إذ يصف الأب بأنه شخص استغلالي، عاطفياً وجسدياً.
وأشار إلى أن ماسك تعرض للضرب في كثير من الأحيان، ووبخه والده كثيراً،
ولكن عندما كان في العاشرة من عمره، بعد سنوات قليلة من طلاق والديه، اختار العيش معه.
لماذا اشترى "تويتر"؟
اشترى ماسك تويتر في تشرين الأول/ أكتوبر 2022 مقابل 44 مليار دولار،
بعد عرض مفاجئ للشركة، ثم تردد واضح في متابعة الصفقة.
ويوضح كتاب آيزاكسون خلفيةً جديدة لهذه الصفقة الشهيرة.
ففي العام 2022، بلغت إحدى بنات ماسك التوأم من زوجته جوستين ويلسون،
18 عاماً.
وبحسب الكتاب، قالت الفتاة المولودة كذكر اسمه كزافييه والتي أصبحت ماركسية
على ما يبدو: "أنا أكرهك وأكره كل ما تمثله".
وفي العام نفسه، قدمت ابنته التماساً إلى محكمة كاليفورنيا لتغيير اسمها،
إلى فيفيان جينا ويلسون، مستشهدة، كسبب للالتماس، بتغيير "الهوية الجنسية وحقيقة
أنني لم أعد أعيش مع والدي البيولوجي أو أرغب في أن أكون مرتبطة به بأي طريقة أو شكل".
وهي ترفض حالياً رؤيته.
في هذا السياق، أخبر ماسك آيزاكسون أنه يضع بعض اللوم في ذلك على مدرستها
الثانوية التقدمية في لوس أنجلوس. وفيما عبّر ماسك عن أسفه بشأن "فيروس العقل
اليقظ" (Woke mind virus)
في إشارةٍ إلى الأشخاص الصارمين في دفاعهم عن العدالة الاجتماعية، قرر شراء "تويتر"،
قائلاً: "كل ما في الأمر أنني لا أستطيع الجلوس من دون فعل شيء".
وأعطى ماسك آيزاكسون تفسيراً مختلفاً لشراء الشركة: "ما لم يوضع
حدّ لفيروس العقل اليقظ الذي هو في الأساس مناهض للعلم، ومضاد للجدارة، ومعادٍ للإنسان
بشكل عام، فلن تصبح الحضارة أبداً متعددة الكواكب".
وعن تويتر أضاف ماسك: "في البداية، اعتقدت أنه لا يتناسب مع مهامي
الكبيرة الأساسية، لكنني توصلت إلى الاعتقاد بأنه يمكن أن يكون جزءاً من مهمة الحفاظ
على الحضارة، وشراء المزيد من الوقت حتى يصبح مجتمعنا متعدد الكواكب".
رأيه بدونالد ترامب
يظهر الكتاب أنه من الصعب تصنيف توجهات إيلون ماسك السياسية بوضوح.
فعلى الرغم من هجماته على النقاد الليبراليين وانتقاده الحاد للديمقراطيين
"اليقظين" وترويجه أحياناً لنظريات المؤامرة اليمينية المتطرفة، يوضح الكتاب
أنه يشعر بخيبة أمل من "الانجراف اليساري للحزب الديمقراطي"، أكثر من كونه
معجباً بالجمهوريين.
ويعترف ماسك مراراً وتكراراً بأنه ليس من المعجبين بالرئيس السابق دونالد
ترامب، وقال لكاتب سيرته الذاتية: "أنا لست من محبي ترامب. إنه مدمّر".
وكتب آيزاكسون أن ماسك يضمر "ازدراءً عميقاً" للرئيس السابق
"الذي اعتبره رجلاً محتالاً" وبدا، كما يقول ماسك، "مجنوناً نوعاً ما".
لكنه في الوقت نفسه ليس من مؤيدي بايدن.
التكاثر لمواجهة الذكاء الاصطناعي
أعلن ماسك أخيراً أنه ينشئ شركة للذكاء الاصطناعي باسم "إكس. إيه
آي" لتنافس شركة أوبن إيه آي التي كان مشاركاً فيها قبل قطع العلاقات معها في
عام 2018.
وقد أبدى ماسك مرات عدة قلقه بشأن الذكاء الاصطناعي الذي يعتبره
"تهديداً وجودياً محتملاً".
ويشير الكتاب إلى أن قرار ماسك إنشاء شركة للذكاء الاصطناعي "يعود
جزئياً إلى المخاوف بشأن نقص السكان".
ويرى ماسك وهو أب لعشرة أطفال أن "كمية الذكاء البشري كانت تتراجع
لأن الناس لم يكن لديهم ما يكفي من الأطفال. وفي الوقت نفسه، كان مقدار ذكاء الكمبيوتر
يرتفع بشكل كبير".
يعتقد ماسك، بحسب الكتاب، أنه "في مرحلة ما، ستتضاءل القوة العقلية
البيولوجية أمام القوة العقلية الرقمية".
ولذلك، هو يرى أن الحلّ الوحيد للوقوف في وجه القوة الرقمية التي يمثلها
الذكاء الاصطناعي تكمن في إنجاب المزيد من الأطفال ومحاربة مسألة تناقص عدد السكّان.
وفي هذا السياق أكد ماسك أنه وشريكته المغنية الكندية السابقة،
غرايمز لديهما طفل ثالث معا، وأن اسمه غير شائع مثل أشقائه.
وأُطلق
على الطفل اسم "Tau Techno Mechanicus"، حسب ما كتب
في منشور على موقع "إكس"، (تويتر سابقا)، الأحد.
وظل
وجود الطفل سرا حتى وقت قريب.