رغم ما أثارته مقابلة تامير باردو، رئيس جهاز
الموساد السابق، للكثير من الإسرائيليين بشأن ممارسة
الاحتلال لنظام الأبرتهايد في الأراضي
الفلسطينية المحتلة، فإن كلامه عن السيطرة الإسرائيلية عليها لا يمثل بالضرورة موقفا شخصيا، بل قراءة للواقع، وتفسيراً للقانون الدولي، لأن ما يحصل في المناطق الفلسطينية المقابلة هو نظام فصل عنصري إسرائيلي في
الضفة الغربية.
غيل نافيه المتحدث باسم منظمة العفو الدولية "أمنستي" في إسرائيل، أكد أن "تصريحات باردو التي أحدثت ضجة كبيرة، جاءت لأنها صادرة عن شخصية أمنية كبيرة، ورغم ذلك فإنها استخدمت هذا المصطلح، ما يؤكد أن هناك خطرا لا يستوعبه أغلب الإسرائيليين بشكل كامل، ما سيجعله ملموسا بتحوله لتهديد للدولة التي سيتم التعامل الدولي معها كأنها مصابة بالجذام، فضلا عن ما ستتلقاه من لوائح الاتهام المقدمة ضدها من محكمة العدل الدولية في لاهاي".
وأضاف في مقال نشرته صحيفة "
يديعوت أحرونوت"، وترجمته "عربي21" أن "العديد من الإسرائيليين الذين أعربوا عن ألم من كلمات باردو زعموا أننا لسنا جنوب أفريقيا رغم أننا نسيطر على الفلسطينيين، مع أنني متحدث باسم منظمة حقوقية، نشرت قبل عام ونصف استنتاجا كئيبا بأننا نرتكب جريمة الفصل العنصري، وتعرضنا للمضايقة والتنديد باعتبارنا مضطهدين لإسرائيل".
وتابع: "صحيح أنني لا أتفق مع رؤساء الموساد السابقين، لكن مسألة الفصل العنصري ليست مجرد موقف شخصي، بل قراءة للواقع، ومعناه وفقا للقانون الدولي".
وأشار إلى أن "الأبارتهايد الذي تحدث به باردو عن سيطرة الاحتلال على الفلسطينيين مصطلح تحدث به البيض الذين حكموا جنوب أفريقيا، ومعناها الحرفي الانفصال، لكنه لا يرقى لمستوى الفصل العنصري أو نوع النظام الموجود في الماضي، أي أن جريمة الفصل العنصري قد ترتكب بشكل مختلف في كل مكان، وجوهرها يصنع الفارق، مع أن الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، رغم ما كان عليه من عنف ووحشية وواسع النطاق، لا يشبه الفصل العنصري المستهدف الذي قررت منظمة العفو الدولية أنه موجود في ميانمار، وكلاهما يختلف عن الفصل العنصري في الضفة الغربية، الذي يتم بطريقة متطورة، مع إسكات ما تفعله الأنظمة الحاكمة".
وذكر الكاتب على سبيل المثال "سياسة توزيع المياه في الضفة الغربية، حيث يستهلك المستوطن الإسرائيلي العادي ضعف كمية المياه التي يستهلكها المواطن الفلسطيني العادي، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن إسرائيل تحظر بناء مرافق مياه جديدة للفلسطينيين في الضفة الغربية في المنطقة (ج)، الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية الكاملة، حيث توجد قرى فلسطينية غير معترف بها وبؤر استيطانية يهودية تتمتع بنفس الوضع القانوني، وكلاهما غير قانوني بموجب القانون الإسرائيلي، كما أن البؤر الاستيطانية غير قانونية بموجب القانون الدولي، لكنها متصلة فعليا بالبنية التحتية للمياه، وفي بعض الأحيان تحتوي على حمامات سباحة وجاكوزي".
وأوضح أن "القرى الفلسطينية غير المعترف بها جفّت، فهي ليست فقط غير متصلة بخط الأنابيب، بل إن إسرائيل تغلق الصهاريج لتجميع المياه، بتقسيم الضفة الغربية على أساس الهوية القومية والعرقية، وهذا مثال واحد من بين أمثلة كثيرة ذكرها باردو في تصريحاته من حيث تطبيق الأنظمة القانونية المنفصلة لليهود وغير اليهود الذين يعيشون في نفس الضفة الغربية".
وأضاف: "هكذا فقد قال ببساطة ما فشل العديد من الإسرائيليين في رؤيته، واعترف بحقيقة الفصل العنصري، والحقيقة أن أحد أهداف الانقلاب القانوني هو تعميق هذا الفصل العنصري، ليس خوفا من المحاكمة في لاهاي، بل لأننا فتحنا أعيننا وفهمنا ما هو الفصل العنصري، وكيف تم جرّنا إليه".
الخلاصة الإسرائيلية من تصريحات باردو عن الفصل العنصري بالضفة الغربية أن شروطا ثلاثة ينبغي أن تكون متوفرة فيها، حيث يتمتع المستوطنون اليهود الإسرائيليون بأغلبية ساحقة بحقوق أكبر بكثير من حقوق الفلسطينيين، كما أنه يتم ذلك بشكل متعمد، ويتفاقم، رغم تحذيرات الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان والدول الصديقة، فضلا عن مصاحبته لأعمال غير إنسانية، خاصة في منع الانتهاكات الأساسية بحق الفلسطينيين، مثل البنية التحتية للحياة، والقمع العنيف للاحتجاجات، والسجن غير القانوني، والقتل خارج نطاق القضاء.