كشف مقال للخبير في
الشؤون الروسية،
مارك غاليوتي، بعنوان "ما التالي بالنسبة لبوتين بعد موت
بريغوجين"؟، أن "انتقام
بوتين لم يكن مفاجئا بالفعل، لكن توقيته كان سريعا بعد الإعلان عن العفو عنه، الأمر الذي أعطى الانتقام طابعا متباهيا".
وأوضح غاليوتي، في مقاله الذي نشرته صحيفة "
التايمز" البريطانية، أنه "بالصدفة البحتة كان رفقة أحد المسؤولين العسكريين البارزين في الغرب، عندما جاءت الأخبار العاجلة بمصرع زعيم ومؤسس مجموعة فاغنر الروسية، وإنه لم ير الكثير من علامات المفاجأة على وجه هذا المسؤول" الذي علق قائلا: "من سيثق في الزعيم بعد الآن؟".
وأشار الخبير في الشؤون الروسية، أن "بوتين ربما يعتقد أن لحظة وفاة بريغوجين ستعزز من قوته، وتقلق معارضيه، لكنها لحظة مخادعة" مشيرا إلى قول معارض روسي في الداخل "لست متفاجئا بمقتل بريغوجين، لكنه كان صنيعة بوتين منذ البداية".
وتابع الكاتب بالقول إن "بوتين صنع بريغوجين، ثم انتقده، ثم اتهمه بالخيانة، قبل أن يلتقي به في الكرملين، ويوجه له دعوة لحضور قمة القادة الأفارقة في سان بطرسبيرغ الشهر الماضي، ثم أخيرا يوقع أمر اغتياله، ويطلق العنان لأجهزته الاستخباراتية بالبحث والاستقصاء، والتدقيق للعثور على الشخصيات الأخرى التي تورطت في العصيان".
وفي السياق نفسه، رجّح غاليوتي أن يكون قرار بوتين بالتخلص من بريغوجين "إما لأنه غير رأيه، ورأى أن رجل الأعمال بات يشكل خطورة أكثر، أو لأنه قرر أن يظهر للجميع قدرته على الحسم بسهولة ويسر".
وأكد الكاتب أن "المعضلة تكمن في أن ما فعله بوتين جاء بعد تعهده بعدم ملاحقة بريغوجين، لكن مقتله وعدد من قادة فاغنر في تحطم الطائرة، يلقي الشكوك في قلوب الجميع في وعود بوتين وتعهداته".
ونوه إلى أن "نظام بوتين لا يعتمد على القوانين الصريحة، قدر اعتماده على التفاهمات، والاتفاقات، حيث أن بريغوجين قد كسر قواعد اللعبة عبر تمرده، وزحفه إلى موسكو، لكن بوتين أيضا قد كسرها".
ولخص غاليوني مقاله، بالقول إن "بوتين نفسه يلعب على وتر الخوف، سواء في الداخل أو في الغرب، من أن قائد البلاد الذي سيليه ربما يكون أكثر سوءا، لكن كلما أخلف أو نقض بوتين عهوده واستمر في نشره للخوف، واستخدام الاعتقال التعسفي كلما زادت رغبة الدائرة المحيطة به في استغلال أي فرصة تسنح للتخلص منه".
تجدر الإشارة إلى أن مجموعة "فاغنر" شنّت عدد من المعارك في أوكرانيا، وشاركت في حروب في كل من سوريا وليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى ومالي؛ فيما كثّف قائدها الراحل من جهوده بعد التمرد الذي شنّه في حزيران/ يونيو الماضي، لتعزيز وجودها في قلب أفريقيا.
وقبل انتشار أخبار تشير إلى "مقتله"، قال بريغوجين في مقطع مرئي نُشر الاثنين الماضي من دولة أفريقية لم يُذكر اسمها، "شركة فاغنر العسكرية الخاصة تجعل
روسيا أعظم في كل القارات، وتجعل أفريقيا أكثر حرية".
وفي الوقت الذي وصف فيه الكرملين لـ"مزاعم الغرب بأنها محض كذب"، سرت عدد من التكهّنات بأن زعيم فاغنر قد يكون ضحية عملية اغتيال، دبّرها الكرملين لتحديه سلطة الرئيس الروسي.
وفي السياق نفسه، قالت لجنة التحقيق الروسية على منصة "تلغرام": "تم العثور على جثث القتلى العشرة في مكان الحادث، وجار الآن الفحوص الجينية لتحديد هويتهم".