قالت مواقع غربية، إن
ما جرى مع قائد مجموعة
فاغنر، يفغيني
بريغوجين، الذي
قتل في تحطم طائرته الخاصة،
أول أمس، قرب موسكو، كان رسالة إلى النخبة الروسية، بأن "الخيانة لا يمكن أن تغتفر،
والرد عليها سيكون سريعا".
وقالت
صحيفة فايننشال
تايمز، إن مسؤولا كبيرا سابقا في الكرملين، أشار إلى أن بوتين كان سيتخلص من بريغوجين،
بالتأكيد، لأن أشياء مثل التي فعلها، لا يمكن أن تغتفر، ويدرك الجميع أن الرد على
الخيانة سيكون سريعا ولا رجعة فيه، وهذه إشارة إلى النخبة الروسية كافة.
وأشارت الصحيفة في
تقرير ترجمته "عربي21" إلى أن الأسابيع الثمانية التي قضاها قائد فاغنر،
في شبه منفى بين بيلاروسيا، وأفريقيا، وعاد خلالها إلى
روسيا، في عدة مناسبات، والتقى
فيها ببوتين بالكرملين، "كانت مجرد مقدمة لعملية انتقامية متقنة نفذتها روسيا
ضد انقلاب زعيم فاغنر".
وقال أوليغ إغناتوف، كبير محللي الشؤون الروسية في
مجموعة الأزمات، "كانت تلك نهاية مباشرة لفيلم العراب".
ولفتت إلى أن أنصار بوتين، يرون في طريقة موت
بريغوجين، نوعا من العدالة، أمام الطائرات التي أسقطها مقاتلوه، خلال تمردهم،
والذي قتل فيه 13 جنديا روسيا.
ونقلت عن شخص مقرب من وزارة الدفاع الروسية
قوله: "إن رجال بريغوجين قتلوا الطيارين الروس، بعد كل شيء أنت تعيش بالسيف
وتموت بالسيف، ولم يكن من الواضح سفره حول العالم لمدة شهرين، لكن الآن قاموا بتصفيته
وأصبح الأمر منطقيا".
ولفتت الصحيفة إلى أن بوتين، اجتمع مع
بريغوجين وعشرات من مقاتلي فاغنر في الكرملين في تموز/يوليو، وعرض الرئيس الروسي،
على المرتزقة العاديين خيار مواصلة القتال في أوكرانيا، تحت قيادة عسكرية نظامية،
لكن بريغوجين رفض العرض.
وقالت تاتيانا ستانوفايا، وهي زميلة بارزة في مركز
كارنيغي روسيا أوراسيا، "كانت مفاجأة غير سارة للغاية لبوتين، بل وحتى صدمة".
وأضافت ستانوفايا أن بوتين "أراد الاحتفاظ بجوهر
فاغنر بسبب بطولاتهم في ساحة المعركة وقيمتهم الجيوسياسية"، مضيفة:
"لكنني لم أر أي علامات على أن بريغوجين احتفظ بأي قيمة بالنسبة لبوتين"، وكان
الهدف من الاجتماع "على الأرجح هو أن يتمكن بوتين من إبعاد فاغنر بهدوء عن بريغوجين".
وشددت الصحيفة على أن "هروب أمير الحرب
من العقاب، أمر غير مناسب، في ظل شن بوتين حملة قمع لكبار المسؤولين الأمنيين،
خاصة الجنرال سيرجي سوروفيكين، والمعروف بتعاطفه مع فاغنر، بالإضافة إلى النخبة
المتشددة التي ألقت باللوم على الرئيس الروسي بسبب إخفاقات الحرب في
أوكرانيا".
وقال غريغوري يودين، رئيس الفلسفة السياسية في كلية
موسكو للعلوم الاجتماعية والاقتصادية: "اكتمل التحقيق الداخلي في التمرد، لقد
تم إقالة سوروفيكين أمس، وتم إعدام الجناة".
وأضاف يودين: "لقد استغرق الأمر شهرين للتحقيق عليه،
وإصدار الحكم وتنفيذه، ولو أنهم خلصوا إلى أن سوروفيكين كان جزءا من المؤامرة،
لكان على متن الطائرة أيضا".
وقال أندريه سولداتوف، وهو زميل بارز في مركز تحليل
السياسات الأوروبية، والمختص في الأجهزة الأمنية الروسية: "لقد تم التعامل
مع الأزمة بسرعة وفعالية"، وتابع: "بوتين استغرق بعض الوقت للتعامل مع أصول
بريغوجين، ومعاقبة المتشددين قبل الانتقام النهائي".
انفلات القوميين
من جانبها قالت
إذاعة أوروبا الحرة، إن
الكثيرين من النخبة الروسية، كانوا يرون أن تساهل بوتين الظاهري مع بريغوجين، كان نقطة ضعف، في ظل أن منتقدي بوتين، عانوا من مصائر رهيبة بالرصاص والسموم الغريبة.
وأوضحت في تقرير ترجمته "عربي21"
أن "بوتين كان ينتظر وقته، وانتهاء التمرد في الصفحات الأولى، قبل أن ينتقم،
والمصالحة بين الرجلين كانت توفر غطاء للكرملين من إنكار الانهيار الجاري".
وقالت إنه على
مدار عدة أشهر، سمح بريغوجين لنفسه بانتقاد القيادة العسكرية الروسية بشدة، وكسب
عقول العديد من دعاة الحرب والمدونين والقوميين، والأشخاص الذين يدعمون الغزو، وحديثهم
أن موسكو تعيش الفساد، حتى أن قائد فاغنر أظهر طموحات سياسية.
وأضافت: "سمح بوتين في البداية للمدونين والقوميين
المؤيدين للحرب، بانتقاد قيادته العسكرية، حتى عندما قام بسجن الناشطين المناهضين
لها، لكن يبدو أن تمرد بريغوجين كان واضحا، أنه سمح له بالذهاب أبعد من ذلك".
وقال مارك كاتز، أستاذ
العلوم السياسية في جامعة جورج ماسون في فرجينيا "كان القوميون مفيدين في وقت ما،
والآن لم يعودوا مضحكين للغاية وعليه أن يتعامل معهم".
وأشارت الإذاعة إلى القبض على إيغور جيركين،
"القومي الشرس والمعلق المؤيد للحرب، والذي وصف بوتين بأنه جبان وعديم
الفائدة، في منشور على قناته بتليغرام أمام 800 ألف متابع، وكان الاعتقال تحذيرا لأمثاله".
ونقلت الإذاعة عن خبراء، أن ما جرى
"إعادة تأكيد للسيطرة، بحيث إذا كنت تجرؤ على تحدي بوتين، فهذا ما سيحصل لك،
وكأننا أمام مشهد في فيلم الأب الروحي، وهذه الطريقة التي يعمل فيها النظام".
ونقلت عن خبراء قولهم، إن وفاة بريغوجين، تفتح فرصة لبوتين
لتفكيك مجموعة فاغنر باعتبارها مجموعة المرتزقة الروسية وإخضاع أجزاء منها لسيطرة
الكرملين بشكل أكبر لمنعها من التهديد مرة أخرى.
وقالت
كاترينا دوكسسي، الخبيرة في مركز الدراسات الاستراتيجية الدولي:
"هذه هي الخطوة الكبيرة الأولى نحو إعادة تصور بوتين لكيفية استخدام البنية
التحتية التشغيلية، التي بنتها فاغنر، بطريقة تواصل تعزيز الأهداف الروسية، مع
كونها أكثر ولاء له بشكل موثوق".