نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، تقريرا تحدثت فيه عن تحدي
الإمارات للعقوبات الاقتصادية التي فرضها الغرب على
روسيا.
وقالت الصحيفة إن الإمارات تعد من أكبر المستفيدين من هذه العقوبات، إذ باتت من الدول القليلة التي لم تقطع علاقتها مع رجال الأعمال والشركات الروسية، ما جعلها واحدة من أكبر الرابحين اقتصاديا من تداعيات الغزو على أوكرانيا.
وأوضح التقرير أن الإمارات وبرغم إدانتها في العلن الغزو الروسي على أوكرانيا، إلا أن إبقاءها على العلاقات التجارية والاقتصادية قائمة مع موسكو، أعطت دفعة قوية للرئيس فلاديمير بوتين في تعزيز ترسانته العسكرية خلال الحرب.
ولفتت الصحيفة إلى أنه بعد حرب أوكرانيا، وفرض عقوبات على شخصيات ومؤسسات روسية، "يتم نقل النفط والذهب الروسي من وإلى دبي أكثر من أي وقت مضى الآن".
ما موقف واشنطن؟
بحسب الصحيفة، فإن هذه العلاقة بين أبو ظبي وموسكو، أزعجت واشنطن التي تعتبرها الإمارات أكبر شريك وحليف أمني لها.
ولفتت إلا أنه وبرغم الانزعاج الأمريكي، ترى أبو ظبي أن "الأموال الروسية أصبحت مهمة للغاية للاقتصاد الإماراتي بحيث يتعذر رفضها".
وجاء في التقرير أن الإماراتيين "ليس لديهم مخاوف أخلاقية خطيرة بشأن استبداد بوتين أو فساده، أو انتهاكاته للمعايير القانونية الدولية، وبالتالي هم على استعداد تام للاستفادة من الفرص التي أوجدتها العقوبات التي تفرضها الدول الغربية على موسكو".
بحسب التقرير، فإن القانون الأمريكي يمكن الحكومة من فرض عقوبات "ثانوية" على الإمارات بسبب خرقها قرار التعامل مع دولة معاقبة.
واستدرك بأن "واشنطن نادرا ما تلجأ إلى مثل هذه الخطوة".
تعامل بتنسيق
نقلت "وول ستريت جورنال"، عن مصدر إماراتي قال إن "الدولة لديها عملية قوية للتعامل مع الأشخاص والشركات الخاضعة للعقوبات، وهي على اتصال وثيق مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بشأن تداعيات الصراع في أوكرانيا على الاقتصاد العالمي.
وقال المسؤول إن البنوك الإماراتية تراقب الامتثال للعقوبات المفروضة على روسيا لمنع انتهاكات القانون الدولي.
وأضاف: "أدى المناخ العالمي الحالي إلى تدفقات مالية واستثمارية إلى الإمارات بالنظر إلى سمعة الدولة كمركز عالمي مستقر للاستثمار". متابعا "سنواصل تحمل هذه المسؤوليات على محمل الجد، لا سيما بالنظر إلى المشهد الجيوسياسي الحالي".
وذكر التقرير أن عشرات الآلاف من الروس انتقلوا العام الماضي إلى الإمارات، مما جعل المجتمع الناطق بالروسية واحدًا من أكثر المجتمعات وضوحًا في بلد يبلغ عدد سكانه حوالي تسعة ملايين نسمة.
وفي توصيفها لمدى انتشار الروس في الإمارات بعد غزو أوكرانيا، قالت "وول ستريت جورنال"، إن الروس بات لديهم مطاعم، وبارات، ومدارس ناطقة بالروسية.
وأدى التعامل غير المتوقف بين أبو ظبي وموسكو، ذلك إلى تحويل مركز ثقل صناعة تجارة النفط إلى دبي بدلا من موطنها السابق في جنيف.
وتضاعفت واردات الإمارات من النفط الخام الروسي ثلاث مرات في عام 2022 إلى مستوى قياسي بلغ 60 مليون برمي، وفقًا لمزود بيانات السلع الأساسية Kpler.
ترحيب كبير
قال الخبير الاقتصادي في كابيتال إيكونوميكس جيمس سوانستون، إن تدفق العملات الأجنبية إلى الإمارات قوي للغاية منذ آذار/ مارس من العام الماضي. مضيفا أنه "ليس من قبيل الصدفة ".
وتابع: "وجدت النخبة الروسية نفسها موضع ترحيب في دبي، إذ احتفل إيغور سيتشين، أحد المقربين من الرئيس بوتين بالعام الجديد في جزيرة "الجميرا" الاصطناعية في دبي.
وأوضحت الصحيفة أن سيتشين يتجول في الإمارات، ويخرج منها ويعود إليها بكل سهولة رغم فرض الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي عقوبات عليه.
وإضافة إلى ذلك، يدير المقرب من بوتين شركة روسنفت النفطية الحكومية، علما بأن العديد من الشركات الروسية الناشئة غير المعروفة بدأت منذ الحرب بنقل موظفيها إلى دبي.
عقارات قاديروف
رمضان قاديروف، رئيس الشيشان، وأحد أذرع بوتين التي استفاد منها في الحرب على أوكرانيا، يملك عقارات في جزيرة النخلة بدبي، ولا يتعرض إلى أي مضاقة إماراتية بحسب التقرير.
وأشارت الصحيفة إلى أن عدد من أبناء قاديروف يترددون إلى دبي، ويعيشون بحياة مرفهة في قصورهم.
وبحسب "وول ستريت جورنال"، يحاول
محمد بن زايد أن يظل صديقًا لكل من أوكرانيا وروسيا، منوهة إلى أن واشنطن ربما لا ترى مشكلة كبيرة في التعامل مع موسكو من باب أن "كل شيء سيبقى واضحا أمامها".
سماح بشروط
قال مسؤولون ومستشارون أمريكيون سرا إنهم لن يمنعوا تجارة النفط الروسية التي تمر عبر الإمارات طالما أنهم يحترمون سقف الأسعار الذي تفرضه مجموعة الدول السبع الثرية، والذي يحد من الإيرادات التي يتلقاها الكرملين.
وحظرت الولايات المتحدة وأوروبا واردات الذهب الروسي، لكنها لا تنطبق على الشركات الإماراتية طالما أنها لا تبيع إلى البلدان التي تفرض عقوبات.
حذرت الولايات المتحدة الإمارات من أي تسهيلات لعمليات التسلح أو المرتزقة الروسية أو أي انتهاكات علنية لبرنامج العقوبات، وفقًا لمسؤولين ومستشارين أمريكيين.
وبرغم ذلك، وفي حزيران/ يونيو الماضي، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على مؤسسة تجارية إماراتية صغيرة كانت تشتري المعادن من شركة المرتزقة الروسية فاغنر في جمهورية أفريقيا الوسطى.
وفرضت واشنطن عقوبات على شركة طيران روسية - مقرها إمارة الشارقة - كانت تنقل مرتزقة فاغنر ومعداتها في أفريقيا.
ظهور الثروات
بحسب "وول ستريت جورنال"، تندمج الثروة الروسية الآن في الإمارات بشكل دائم أكثر مما كانت عليه في الأشهر الأولى بعد بدء الحرب، عندما ظهرت يخوت وطائرات الأوليغارشية هنا بحثًا عن ملاذ من العقوبات.
لطالما كانت دبي مركزًا للذهب ، فهي تتداول الآن في الذهب الروسي بكميات أكبر. استوردت الإمارات ما قيمته 4 مليارات دولار من الذهب الروسي بين 24 شباط/ فبراير 2022 و 3 آذار/ مارس 2023، ارتفاعًا من 61 مليون دولار خلال عام 2021، وفقًا لبيانات الجمارك التي جمعتها شركة ImportGenius الأمريكية لتجميع بيانات التجارة.
وبحسب البيانات، فقد كان قسم من شركة طيران الإمارات للنقل المملوكة لحكومة دبي، أحد الشاحنين المنتظمين للذهب من روسيا العام الماضي.
وقال متحدث باسم طيران الإمارات إن الشركة تلتزم بالقوانين المعمول بها في البلدان التي تعمل فيها.
وأضاف المتحدث أنه لم يعد يقدم خدمات لوجستية من وإلى روسيا بسبب "التطورات التنظيمية الأخيرة"، دون الخوض في التفاصيل.
فتحت البنوك المحلية آلاف الحسابات للروس، على الرغم من أن الأمر قد يستغرق أسابيع لإدارة الأعمال الورقية التي توضح إثبات الأموال وأن مقدم الطلب ليس شخصًا معرضًا للانكشاف سياسيًا.
قال مسؤولون إماراتيون إن البنوك المحلية تتجنب الأفراد الخاضعين للعقوبات من أجل الحفاظ على علاقات المراسلة مع البنوك الأمريكية التي تقوم بتسوية الدولار.
وفي الربع الثاني من عام 2023 ، أصبح الروس ثالث أكبر مشتري عقارات في دبي، مقارنة بالرابع الأكبر في عام 2021 ، وفقًا لبيانات وكيل العقارات Betterhomes.
قال خبراء عقاريون إن الروس اقتنصوا الفلل والشقق المرتبطة بمشروع كازينو في إمارة رأس الخيمة هذا الربيع إلى حد كبير.
للاطلاع على النص الأصلي (هنا)