نشرت المبادرة
المصرية للحقوق والحريات، بالتزامن مع مرور عشر سنوات على مذبحة رابعة العدوية والنهضة، تقريرا تحت عنوان "
طمس الحقائق" من واقع الأوراق الرسمية لعملية فض الاعتصام، كشفت فيه بعبارة حاسمة، هي ما يلي: "لا تشك لجنة تقصي الحقائق في أنه كان من الممكن إنهاء تجمع رابعة دون أن تسال كل هذه الدماء".
وأورد التقرير الذي أعده المدير التنفيذي للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، حسام بهجت، ونشر بعد 10 سنوات من وقوع "المذبحة" على يدي نظام السيسي، 5 حقائق رئيسية خلصت إليها "اللجنة القومية المستقلة لجمع المعلومات والأدلة وتقصي الحقائق" حول مذبحة رابعة العدوية والنهضة، والتي توفي رئيسها فؤاد رياض في كانون الثاني / يناير 2020 عن عمر ناهز 92 عاما.
وفي يوم 23 تشرين الثاني/ نوفمبر 2014، استقبل رئيس
النظام المصري عبد الفتاح السيسي وفد "اللجنة القومية المستقلة لجمع المعلومات والأدلة وتقصي الحقائق في الأحداث التي واكبت أحداث 30 حزيران / يونيو وما أعقبها من أحداث"، والتي كانت فترة عملها قد انقضت قانونيا قبلها بيومين.
تسلم السيسي يومها التقرير النهائي للجنة من الوفد الذي ضم كلا من رئيسها فؤاد عبد المنعم رياض، أستاذ القانون والقاضي الدولي السابق بالمحكمة الجنائية الدولية بشأن يوغسلافيا السابقة، ونائب رئيس اللجنة المستشار إسكندر غطاس، مساعد وزير العدل السابق، والأمين العام للجنة القاضي عمر مروان، الذي يشغل حاليًا منصب وزير العدل.
"أطقلوا النار بشكل عشوائي"
وبحسب الاستخلاصات والأدلة التي جمعها قضاة مصريون وقدمتها لجنة قومية مشكلة بقرار جمهوري إلى رئيس النظام السيسي، يكشف الملخص التنفيذي بعد مرور 10 سنوات على وقوع المذبحة دون مساءلة مجند أو ضابط أو مسؤول حكومي واحد، أن إطلاق قوات فض
اعتصام رابعة للنار باستخدام الذخيرة الحية كان عشوائيا وغير متناسب، مشددة على أن قوات الشرطة "أخفقت في التركيز على مراكز إطلاق النار" وردت بشكل عشوائي أدى إلى سقوط أعداد كبيرة من المعتصمين.
كما أشارت اللجنة استنادا إلى وثائق رسمية لم تنشر أو يكشف عنها من قبل، أن المسؤولين عن وضع خطة الفض ناقشوا قبل العملية بدائل أخرى لفض الاعتصام دون اللجوء لاستخدام القوة، كان من شأنها تقليل عدد المعتصمين ومنع سقوط هذا العدد الهائل من القتلى، ولكنهم تراجعوا واختاروا فض التجمع في وقت قصير بكلفة بشرية أعلى وعلى أساس حجج واهية.
وأضافت: كان مسؤولو الدولة على علم مسبق بوجود بدائل من شأنها تحقيق هدف إنهاء الاعتصام مع حفظ الأرواح أو تقليل القتلى ولكنهم قرروا عمدا عدم استعمال تلك البدائل.
تكذيب للرواية الرسمية
إلى ذلك، يكذب تقرير اللجنة القومية المستقلة لتقصي الحقائق الرواية الرسمية سواء "حول كون أغلبية معتصمي رابعة من المسلحين أو حول كون أغلبية القتلى في رابعة من العناصر المسلحة التي بادرت بالاعتداء على قوات الفض" بحسب مزاعم النظام المصري. حيث انتهى التقرير إلى نتيجة حذفت من الملخص الذي جرت الموافقة على نشره: "كان العدد الأكبر من ضحايا رابعة من المدنيين الأبرياء".
وبحسب تقرير المبادرة المصرية المستقى من تقرير اللجنة القومية المستقلة، فإن الوثائق الرسمية أظهرت "بوضوح أن عملية تخصيص وتأمين ممر آمن لخروج المعتصمين الراغبين في المغادرة الطوعية قد فشلت سواء على مستوى التخطيط أو على مستوى التطبيق العملي". مؤكدة أن الممر المزعوم "لم يكن مفتوحا ولا آمنا لخروج المعتصمين"، لا سيما خلال الساعات التي شهدت سقوط الغالبية الساحقة من مئات المعتصمين شهداء على أيدي قوات النظام المصري.
وفي الختام، تشير المبادرة إلى أن اللجنة أوصت بتوصية رئيسية لم يتم إدراجها حينها بين توصيات التقرير، وهي "إعادة فتح هذا الملف بواسطة لجنة مشكلة من قضاة تحقيق تأمر باستدعاء الشهود ممن عاصروا هذه الأحداث ومن المسؤولين"، خصوصا أن لجنة تقصي الحقائق لم تمنح خلال عملها على إعداد التقرير سلطة استدعاء مسؤولين في الدولة.