تحدثت صحيفة عبرية عن الأهداف والأسباب
التي تقف خلف قيام المملكة العربية
السعودية ولأول مرة بتعيين
سفير لها لدى السلطة
الفلسطينية، وهي الخطوة التي تأتي بالتزامن مع تكثيف المحادثات حول التوصل إلى اتفاق تطبيع
بين الرياض وتل أبيب بواسطة الإدارة الأمريكية.
وقالت "معاريف" في تقرير لها
شارك في إعداده كل من آنا براسكي جدعون كوتز: "على خلفية الاتصالات المكثفة للترويج
لاتفاق التطبيع بين السعودية وإسرائيل، وعشية رحلة وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر
إلى واشنطن، فقد خطت الرياض خطوة سياسية غير مسبوقة؛ عندما ولأول مرة في التاريخ عينت سفيرا
للسعودية لدى السلطة الفلسطينية".
ولأول مرة، قدم سفير السعودية لدى الأردن
نايف بن بندر السديري السبت الماضي، أوراق اعتماده سفيرا فوق العادة مفوضا وغير مقيم
لدى دولة فلسطين، وقنصلا عاما بمدينة
القدس المحتلة، إلى مستشار رئيس السلطة الفلسطينية
للشؤون الدبلوماسية محمود عباس، الدكتور مجدي الخالدي.
وأشارت الصحيفة إلى أن "المسؤولين
في إسرائيل امتنعوا حتى الآن عن التعليق على التعيين"، لكن "معاريف"
بحسب ما وصل إليها من معلومات، أكدت أن "إسرائيل أبلغت مسبقا بالخطوة، وأن تعيين
السفير السعودي لدى السلطة لم يكن مفاجئا".
وأضافت: "مع ذلك وفي المحادثات غير
الرسمية، فقد تحدث بعض الدبلوماسيين في إسرائيل عن عدة نقاط وراء هذه الخطوة. وبحسبهم،
فإن سياق تعيين السفير السعودي، يأتي من بين أمور أخرى، كرد على تصريحات رئيس الوزراء
بنيامين نتنياهو بشأن المصلحة السعودية في اتفاق التطبيع المحتمل مع إسرائيل، وزعمه
أن القضية الفلسطينية ليست أولوية قصوى للسعودية، وأن ملف إيران هو ما يهم السعودية".
والأكثر من ذلك بحسب "معاريف"
فإن "تعيين سفير سعودي في رام الله، والذي سيكون أيضا قنصلًا في القدس، يشير إلى
أن القضية الفلسطينية لم تسقط من الأجندة السعودية وستظهر على الأرجح في قائمة مطالبهم
في أي اتفاق محتمل مع إسرائيل".
وبحسب المصادر الدبلوماسية الإسرائيلية،
فإن "خطوة التعيين، قد تحمل أيضا إشارة سعودية للفلسطينيين، مفادها أننا نسير
في اتجاه التطبيع مع إسرائيل".
ورأت الصحيفة، أن "تعيين السفير السعودي
لدى السلطة الفلسطينية، زاد من التعقيدات الناتجة عن الرسائل المتضاربة حول تقدم المفاوضات
عبر الولايات المتحدة لتطبيع العلاقات السعودية-الإسرائيلية".
وأشارت إلى أن "التعيين التاريخي لسفير
سعودي لدى السلطة، قد يكون رسالة إلى الأردن، الذي يتولى ملكه عبد الله مسؤولية الوصاية
على الأماكن في مدينة القدس".
وأكدت الصحيفة، أن "السعودية مهتمة
بإثبات وجودها في تلك الأماكن (القدس والمسجد الأقصى) بل وزيادة وجودها، مهما يكن الأمر،
فمن المقدر في إسرائيل أن تعيين السفير تم في توقيت مقصود، استعدادا للمحادثات التي
يتوقع أن يعقدها الوزير ديرمر في واشنطن في وقت لاحق من هذا الأسبوع".
من جهته وصف بسام الآغا، السفير الفلسطيني
لدى الرياض تعيين السديري بأنه شهادة من السعودية للدولة الفلسطينية، وقال: "هذا
الموقف رفضا لما أعلنه سابقا رئيس الولايات المتحدة السابق الرئيس ترامب"، في
إشارة إلى اعتراف الولايات المتحدة في عام 2017 بالقدس عاصمة لإسرائيل.
وقال في مقابلة مع إذاعة صوت فلسطين عن
تعيين قنصل سعودي عام في القدس، إن "هذا يعني استمرارا لمواقف المملكة".
من جهته قال وزير خارجية الاحتلال إيلي
كوهين لمحطة "103 إف.إم" الإذاعية في تل أبيب، الأحد: "ربما يكون (السديري)
موفدا سيلتقي بممثلين في السلطة الفلسطينية".
وأضاف: "هل سيكون هناك مسؤول متمركز
فعليا في القدس؟ هذا ما لن نسمح به".
وهوَّنت حكومة الاحتلال اليمينية المتشددة
من احتمال منح أي تنازلات كبيرة للفلسطينيين في إطار اتفاق للتطبيع مع السعودية.
وقال كوهين: "ما وراء هذا التطور (تعيين
السديري)، هو أنه على خلفية التقدم في المحادثات الأمريكية مع السعودية وإسرائيل، فإن
السعوديين يريدون إيصال رسالة إلى الفلسطينيين بأنهم لم ينسوهم".
"خطوة شاذة"
من جهتها رأت الصحفية الإسرائيلية الخبيرة بالشؤون العربية، سمدار بيري، في مقال نشر بصحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، في الخطوة السعودية بتعيين سفير لها لدى السلطة، أنها "خطوة شاذة، مفاجئة، مشوقة وتعبر أكثر عن سلوك ولي العهد محمد بن سلمان، فكل شيء مباح له، وهو يرى في إسرائيل أنها "حليف محتمل".
وأكدت أنه "طالما بقي الملك سلمان في القصر المركزي، سواء كان معافى ويؤدي مهامه أم يفعل ذلك في أحيان نادرة، فلن تجري خطوة سعودية مباشرة مع إسرائيل"، منوهة أن "التعيين الاستثنائي، بالذات في التوقيت الحالي للسفير بمناطق السلطة منذ قيامها في 1994، كشف النقاب عن جزء من المخططات الكبرى، فأولا وقبل كل شيء؛ يواصل ابن سلمان للسعي إلى احتلال مكانة مصر في قيادة العالم العربين فمن ناحيته مصر دولة فقيرة ويجب مساعدة السيسي".
وأوضحت الكاتبة أن "ابن سلمان اختار سفيرا قديما، نشطا هو أيضا ابن عمه، مع العلم أنه لا يمكن للسفير السديري أن يصل إلى القدس ـو رام الله دون أن يقف أمام مراقبي الحدود الإسرائيليين في معبر "اللنبي" مع الأردن، وحاليا هذا لن يحصل، ويعتزم السفير العمل من بعيد، فليس له أيضا خطط لأن تتخذ له صور في معبر الحدود بحضرة موظفين أو حراس إسرائيليين".
وأضافت: "حتى احتفال تقديم أوراق الاعتماد كما هو متبع في السلك الدبلوماسي، أجري في ظروف شاذة"، منوهة أن "ابن سلمان على أقل تقدير ليس راضيا عن القيادة الفلسطينية، السعودية تريد أن ترى زعيما فلسطينيا جديدا، شابا أكثر، ربما بعمر ولي العهد، في الرياض معنيون بأن يتحد شباب الضفة حوله، دم جديد بدلا من القيادة العجوز الضالعة بلا نهاية في قضايا الرشوة، بكلمات بسيطة؛ ابن سلمان سيعمل على خلق قيادة ترتبط بسكان الضفة الفلسطينية".
ورأت أن "ولي العهد يحلم بحكم جديد في تل أبيب، وهو يرى – بحسب مقربين من القصر في الرياض – أنه لا يمكن العمل مع حكومة المتطرفين المتدنيين الحالية في إسرائيل، لإسرائيل أيضا، يوجد تحفظ غير بسيط؛ السباق السعودي نحو برنامج نووي مدني، هذا الوضع من شأنه أن يدخل دولا أخرى في العالم العربي لـ"حملة صيف" لبرامج نووية عسكرية".
وفي السياق الأوسع بحسب بيري، "يأتي التعيين المفاجئ للسفير السعودي لفتح محور جديد نحو إسرائيل أيضا، مسموح بالتأكيد تخيل اللحظة التي يظهر فيها فجأة في القدس (المحتلة) كي يلتقي مسؤولين إسرائيليين، هذا يبدو أنه لن يحصل في الأشهر القريبة، لكن منذ الآن يمهدون التربة، توجد إمكانية في أن يدخل السفير بالفعل إلى سيارة في عمان، يصل إلى المعبر في جسر "اللنبي" مع الأردن، وبدلا من المواصلة إلى رام ا لله يسافر علنا أو بالخفاء إلى تل أبيب، ثقوا بابن سلمان، فهذه الفكرة توجد قوية في رأسه"، وفق تقديرها.