في ظل تصاعد التوتر على الحدود الشمالية مع
لبنان، سلطت كاتبة إسرائيلية الضوء على السيناريو الذي أعده جهاز الأمن الإسرائيلي استعدادا لاندلاع مواجهة عسكرية مع
حزب الله.
وأوضحت ليلاخ شوفال، وهي مراسلة الشؤون الأمنية والعسكرية في صحيفة "إسرائيل اليوم"، أنه "مع استمرار الأزمة الداخلية في إسرائيل، تشهد الأحداث الحدودية الشاذة بين إسرائيل وحزب الله في الأسابيع الأخيرة على ارتفاع بارز في احتمال اندلاع الحرب بين إسرائيل ولبنان".
وأشارت إلى أن التقديرات الإسرائيلية ترجح أن "الحرب لن تنحصر في ساحة واحدة فقط، بل ستكون متعددة الجبهات ومتداخلة، ومن غير المستبعد أن تنضم غزة للمعركة، وحينها ستكون إسرائيل مطالبة بأن تتصدى أيضا للعمليات في الضفة الغربية، والمظاهرات وإغلاق طرق داخل الخط الأخضر، وكذا تهديدات أبعد من إيران أو من دول أخرى في المنطقة".
ورأت أن "فهم السلوك الإسرائيلي تجاه استفزازات حزب الله، والتخوف من الحرب التالية، هناك حاجة للتعرف على السيناريو الذي يستعدون له في إسرائيل في المجال المدني، والذي تعرفه محافل الأمن بالسيناريو "الخطير- المعقول" للحرب، وفضلا عن الإصابات المحددة للبيوت وآلاف المصابين، التخوف الاستراتيجي في جهاز الأمن هو الضرر لتواصل أداء الدولة لمهامها، شبكة الكهرباء، الاتصالات، الانترنت، سلسلة توريد الغذاء والقدرة على توريد الخدمات للإسرائيليين عقب عدم الامتثال للعمل".
الساحة الداخلية
حسب السيناريو "الخطير- المعقول" للحرب، "في يوم واحد من القتال، ستضطر إسرائيل لمواجهة نار آلاف الصواريخ، وفي اليوم الأول من الحرب سيطلق على إسرائيل نحو 6 آلاف صاروخ، ولاحقا سيهبط العدد ويقل أثناء أيام الحرب حتى 1500 إلى 2000 صاروخ يوميا".
التقديرات في أوساط خبراء الأمن، أنه "في كل يوم ستكون نحو 1500 إصابة فاعلة في المناطق الإسرائيلية، علما أن هناك احتمالات طفيفة أن تنجح إسرائيل في تقديم معدلات اعتراض عالية كتلك التي اعتدنا عليها في جولات القتال الأخرى في الجنوب (غزة)".
وفي ضوء حجم النار المتوقعة، حسب آخر سيناريو لجهاز الأمن، "في المعركة التي سيقودها حزب الله، سيقتل نحو 500 إسرائيلي في الجبهة الداخلية (العدد لا يتضمن الجنود القتلى)، إضافة إلى إصابة الآلاف، لكن رغم الأعداد المذهلة، ما يقلق حقا جهاز الأمن أكثر من أي شيء آخر، هو القدرة الدقيقة المتعاظمة حولنا".
ونبهت محافل أمنية، أن "أحد الدروس الهامة من الحرب التي تدور رحاها في أوكرانيا، هو فاعلية المسيرات الإيرانية، وفي إطار السيناريو المذكور، جهاز الأمن لا يستبعد إمكانية أن ينجح حزب الله، إيران أو مبعوثوهم، في أن يضربوا منشآت استراتيجية معروفة وثابتة في إسرائيل، مثل محطات كهرباء، بشكل يجعل إسرائيل تعيش في الظلام لساعات طويلة، وربما حتى أيام، وحسب السيناريو، ستعلق إسرائيل في الظلام بين 24 إلى 72 ساعة".
ولفتت الكاتبة، أن "التخوف الشديد؛ هو من ضربة دقيقة لمحطات توليد الطاقة بشكل يضر جدا بالقدرة الإسرائيلية على إنتاج الكهرباء، وبدون كهرباء، ستتشوش جدا الاتصالات، شبكة الخلوي وحتى قدرة الإخطار من نار الصواريخ، والجواب على هذا التحدي، كما تقول محافل الأمن، ليس مكتملا بعد، والنية ضمن أمور أخرى، زيادة الحماية الفاعلة لتلك المواقع وإلصاق منظومة "قبة حديدية" ووسائل أخرى بها، مع سياسة اعتراض متشددة".
كما أن هناك "تحديا لا يقل أهمية، الساحة الداخلية ومن غير المستبعد، أن تتصدى إسرائيل لعشرات عديدة من أعمال الإخلال بالنظام في نفس الوقت، ولأجل إخلاء المحاور لحركة السير للقوات وللتصدي لأعمال الإخلال بالنظام في الجبهة الداخلية وعدم عرقلة القتال في الجبهة، أقام الجيش الإسرائيلي 16 كتيبة في الاحتياط".
منع التدهور
ومن ناحية المواصلات، جهاز الأمن يشير إلى "إمكانية ألا يكون هناك دخول إلى الموانئ والمطارات في إسرائيل، ستتوقف حركة الطيران الأجنبي وستكون المحاور مغلقة، تخوف آخر هو من عدم امتثال أبناء الأقليات لعملهم الحيوي كسائقي الشاحنات، هذه الوضعية ستقطع سلسلة التوريد في إسرائيل، والتقدير هو أن الضرر سيكون دراماتيكيا، وحسب التقديرات؛ نحو 50 في المئة من الإسرائيليين سيتغيبون عن عملهم، 60 - 70 في المئة سيتغيبون في مرافق تُعرف كـ "حيوية"، و"القطاع الحيوي" سيعاني من غياب نحو 20 في المئة".
ومن بين التحديات الداخلية، "محاولة بحث عشرات آلاف الإسرائيليين عن ملاجئ تحت أرضية (أنفاق الكرمل مثلا) أو ينتقلون جنوبا هربا من النار، كما لا تستبعد إمكانية آلاف بؤر الحرائق، عشرات آلاف من أحداث لمواد خطيرة، ولبضع موجات من هجمات السايبر، علما أن المسؤولية عن مواجهة التحدث العظيم في الجبهة الداخلية ترتبت منذ أكثر من سنة وهي تتوزع بين قيادة الجبهة الداخلية وبين سلطة الطوارئ الإسرائيلية".
ونوهت شوفال، أن "السيناريو موضع الحديث الذي يعرض هنا، هو سيناريو يتعلق بالمجال المدني ولهذا فهو لا يذكر بما يكفي من العمق خطة حزب الله للسيطرة على الجليل، وعمليا التسلل إلى المناطق في إسرائيل، الخطف، القتل والسيطرة على المناطق المجاورة للحدود".
وقالت: "على خلفية هذا السيناريو الكابوسي، يمكن أن نفهم انعدام الرغبة في الظاهرة للانجرار إلى الحرب، وسياسة الرد المعتدلة جدا في ضوء استفزازات حزب الله على طول الحدود"، منوهة أن "الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله يفهم جيدا صورة الوضع وكذا حقيقة أن "الشرعية الإسرائيلية" تلقى التحدي الشديد بسبب الشرخ والصدع الداخليين في إسرائيل، وبإذن إيراني يختار أن يرفع مستوى الرهان".
واعترفت أن "صورة الوضع المفزعة تردع إسرائيل، وفي القيادة يحاولون عمل كل شيء لأجل عدم التدهور لمواجهة وإن كان التقدير أن احتمال الحرب، أو على الأقل بضعة أيام قتالية ارتفع بشكل كبير، غير أنه عمليا التردد الإسرائيلي والوضع الداخلي المعقد يدفعان نصر الله لأن يزيد أكثر فأكثر الثقة بالنفس وإعداد التربة وأعمال أخرى من شأنها بسهولة أن تجر الطرفين للحرب".
وقدرت أن "إسرائيل في حال رغبت بالمبادرة بخطوة لتقلص التهديد على الجبهة الإسرائيلية الداخلية وتحسن شروط بدء الحرب التالية في صالحها، فهي لن تتمكن من عمل ذلك في المناخ السياسي الحالي، ولكن في ضوء الوضع الأمني المتحدي جدا، لا يمكن لإسرائيل أن تسمح لنفسها بأن تواصل المناكفة الداخلية، وفي جهاز الأمن قلقون جدا من آثار استمرار الشرخ الداخلي على الوضع الأمني".
للاطلاع إلى النص الأصلي (
هنا)