نشر
"
معهد واشنطن" تحليلا للباحثين هنري روم ولويس دوجيت-غروس، دعيا فيه الاتحاد
الأوروبي وبريطانيا إلى تمديد بعض قيودهما على
إيران من جانب واحد، مع اقتراب موعد
انتهاء صلاحية
عقوبات الأمم المتحدة بشأن النووي الإيراني، وعدم رغبتهما في إطلاق
عملية "إعادة فرض العقوبات".
وأشار
التحليل إلى أن انتهاء سلسلة من المهل الزمنية، في 18 تشرين الأول/ أكتوبر، سيؤدي إلى
تسليط الضوء على الضغوط في سياسات الغرب ضد إيران، فقد استمر العمل تلقائياً ببعض
عناصر الاتفاق النووي لعام 2015، بما في ذلك انتهاء الصلاحية المقرر لبعض
الإجراءات في غضون أقل من ثلاثة أشهر، على الرغم من توقف واشنطن وطهران عن
الالتزام بشروط الاتفاق.
وأضاف
التحليل: "بما أن إعادة فرض العقوبات بالكامل هي أمر مستبعد، فإنه يجب على الاتحاد
الأوروبي وبريطانيا اتخاذ خطوات أخرى لضمان عدم استفادة إيران من هذا التخفيف غير
المبرر للعقوبات".
مخاوف
"إعادة فرض العقوبات"
ورأى
الباحثان أن الحكومات الأوروبية بإمكانها إطلاق عملية تعرف باسم "سناب
باك"، أو "إعادة فرض العقوبات"، لمنع انتهاء صلاحية معظم القيود
التي فُرضت على إيران والتي حدد تاريخ انتهاء مدتها كل من "خطة العمل
الشاملة المشتركة" وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231 المرافق لها.
واعتبر
أن عملية "إعادة فرض العقوبات"، من شأنها أن تعيد تفعيل قرارات الأمم
المتحدة بشأن إيران التي انتهت صلاحيتها، وإلغاء "خطة العمل الشاملة
المشتركة"، وإعادة فرض جميع العقوبات التي رُفعت بموجب ذلك الاتفاق. ولكن من
غير المرجح أن تقدم الأطراف الأوروبية الشريكة في "خطة العمل الشاملة
المشتركة"، أي
بريطانيا وفرنسا وألمانيا، على هذه الخطوة ما لم تُقبل إيران
على تصعيد جديد وخطير.
وأوضح
التحليل أن
أوروبا تعتبر حالياً أن التهديد بإعادة فرض العقوبات هو أكثر فائدة من
إعادة فرضها فعلياً، بحجة أن مخاوف طهران بشأن إعادة تفعيل العقوبات قد ساعدت في
ردعها عن تخصيب اليورانيوم بنسبة 90 في المئة وعن اتخاذ خطوات أخرى لصنع قنبلة
نووية.
وأشار
إلى أن المسؤولين الأوروبيين يشعرون بالقلق من احتمال أن تؤدي إعادة فرض العقوبات
حالياً إلى تحفيز طهران على اتخاذ مثل هذه الخطوات، من دون أن تحثها العواقب
الاقتصادية الناتجة من العملية على تغيير مسارها. كما أن إعادة فرض العقوبات قد
تقوّض جهود واشنطن المستمرة التي تدعمها أوروبا لتهدئة التوترات.
وحث
التحليل الحكومات الغربية للتخطيط على كيفية التعامل مع مختلف حالات انتهاء الصلاحية
وتداعياتها التي من المتوقع أن تتكشف في 18 تشرين الأول/ أكتوبر، المعروف باسم
"يوم الانتقال".
وأوضح
أن قيود الأمم المتحدة في 18 تشرين الأول/ أكتوبر ستنتهي صلاحية ثلاثة بنود من
"القرار رقم 2231"، بينها بند ينص على أن "المطلوب من إيران ألا
تقوم بأي نشاط يتصل بالقذائف التسيارية المعدة لتكون قادرة على إيصال الأسلحة
النووية".
والبند
الثاني يشترط حصول الدول على إذن من مجلس الأمن الدولي قبل نقل أنواع محددة من
الصواريخ والطائرات بدون طيار والتكنولوجيا ذات الصلة من إيران وإليها.
ويطالب
البند الثالث جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بتجميد أصول ثلاثة وعشرين فرداً
وواحد وستين كياناً متورطة في برنامج إيران النووي وبرنامج الصواريخ الباليستية
الإيرانية.
وبحسب
التحليل فإن الطريقة الوحيدة لتمديد صلاحية هذه القيود، في غياب احتمال
"إعادة فرض العقوبات"، تنطوي على تمرير قرار جديد من قبل مجلس الأمن،
وهذا أمر مستحيل نظراً للمعارضة الروسية والصينية. لذلك، فإن من شبه المؤكد أن صلاحية
هذه البنود الثلاثة من الاتفاقية ستنتهي في تشرين الأول/ أكتوبر. وسيخفف ذلك من بعض
الضغوط الدبلوماسية على طهران ويمنح الرئيس إبراهيم رئيسي انتصاراً سياسياً.
ومع ذلك، فقد تكون تأثيرات هذا الوضع محدودة
عملياً، لأن إيران تتجاهل باستمرار هذه القيود حين تقوم باختبارات إطلاق القذائف
التسيارية وتزود شركاءها ووكلاءها الأجانب بأسلحة محظورة.
رفع
العقوبات
ومن
المقرر رفع مجموعة واسعة من العقوبات والقيود الأوروبية في تشرين الأول/ أكتوبر،
مثل القيود على الأفراد والكيانات المشاركة في برامج إيران الصاروخية والنووية
وغيرها من برامج الأسلحة، من بينها إبدال تصنيفات الأمم المتحدة، أي نسخها فضلاً
عن قائمة أوسع من العقوبات المستقلة.
ويمكن
رفع العقوبات على أكثر من 300 فرد وكيان تم تعليقها عند تنفيذ "خطة العمل
الشاملة المشتركة"، إلى جانب العقوبات الأخرى على مستوى القطاعات التي تم
تعليقها في الوقت نفسه.
وينهي
رفع العقوبات حظر نقل "جميع أنواع" الأسلحة والتكنولوجيا المتعلقة بالصواريخ
الباليستية إلى إيران أو تقديم خدمات ذات صلة، ويوقف حظر تقديم خدمات الطيران
والشحن للطائرات والسفن الإيرانية المشتبه في تورطها في نشاط غير مشروع.
ومن
بين جميع العقوبات التي من المقرر أن تنتهي صلاحيتها في تشرين الأول/ أكتوبر، فإن من
المحتمل أن يكون لإزالة القيود الأوروبية أكبر فائدة عملية لطهران. وتشمل الكيانات
التي سيتم رفع التصنيف عنها أهم الشركات المصنعة للصواريخ والطائرات والطائرات
بدون طيار، وقد يفتح رفع هذه القيود مجالات جديدة أمام إيران للاستحواذ على الأسلحة
والتكنولوجيا وقطع الغيار.
ولكن
خلافاً لعقوبات الأمم المتحدة، فإنه لن يكون انتهاء صلاحيات القيود الأوروبية تلقائياً.
وبالتالي، فإن بروكسل ولندن تملكان خيارات عملية تمكنهما من تجنب بعض هذه
السيناريوهات السلبية.
ورأى
التحليل حرص المسؤولين الأوروبيين على إبقاء إجراءاتهم ضمن إطار "خطة العمل
الشاملة المشتركة" و"القرار رقم 2231"، يدفعهم لاستخدام آلية حل
النزاعات الخاصة بهذه الاتفاقية، والتي تسمح للطرف بالتعامل مع قضية لم يتم حلها
"كأساس للتوقف عن الوفاء بالتزاماته... كلياً أو جزئياً"، لذلك فإنه يمكنهم
بموجب هذه الآلية ترك معظم القيود سارية المفعول بعد "يوم الانتقال".
أمّا بالنسبة إلى القيود الأوروبية المتعلقة بقوائم عقوبات الأمم المتحدة، فسيكون
الحفاظ عليها أكثر تعقيداً، ومن المرجح أن يتطلب تشريعات على المستوى الأوروبي،
لكن هذه الخطوات تبدو قابلة للتنفيذ في السياق الحالي للتوترات الأوسع نطاقاً مع
إيران.
واعتبر
أنه بالإضافة إلى الحفاظ على القيود، يتعين على المسؤولين الأوروبيين ربط سياستهم
المتعلقة "بيوم الانتقال" بجهود جديدة لتسليط الضوء على انتشار الطائرات
بدون طيار وانتهاكات حقوق الإنسان في إيران، مع التأكيد على أن خفض التصعيد في بعض
المسارح لن يمنع الغرب من اتخاذ إجراءات في مواقع أخرى. ويصادف شهر أيلول/ سبتمبر
الذكرى السنوية لأحداث على جبهتين: الارتفاع الأولي في عدد الطائرات الإيرانية
بدون طيار التي تظهر في ساحات القتال في أوكرانيا، ومقتل مهسا أميني، الذي أشعل
الحركات الاحتجاجية الشعبية الأخيرة في إيران.
وحث
التحليل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا على التخطيط لفرض عقوبات
إضافية تتعلق بهذه القضايا ورفع السرية عن مزيد من التفاصيل عنها.
وأطلعت
الحكومات الأوروبية طهران بشكل عام على خطتها لإبقاء القيود سارية، ما أدى إلى
اعتراض المسؤولين الإيرانيين، فقد صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر
كنعاني أن طهران ستنتظر لترى ما ستفعله أوروبا عملياً ثم ستقوم برد "متوازن
ومتناسب".