نشرت وكالة أسوشييتدبرس تقريرا أفادت فيه
بمقتل أربعة أشخاص وجرح 21 فردا من أفراد الشرطة
المصرية بينهم ثمانية ضباط وقائد
ذو رتبة رفيعة أثناء إطلاق نيران كثيف داخل مقر جهاز الأمن الوطني في مدينة العريش
المصري شمال سيناء.
وحتى وقت كتابة هذا المقال لم تصدر الشرطة
المصرية أو المتحدث العسكري أي بيانات تعليقا أو ردا على ما حدث في سيناء.
"الإرهاب أصبح تاريخا.. وأزمة الدولار
أيضا ستصبح تاريخا"
عبارة قالها عبد الفتاح السيسي من داخل شمال
سيناء أثناء زيارته في نيسان (إبريل) الماضي، وقتها احتفى الإعلام الموالي للسيسي
بتلك اللقطة واعتبرها انتصارا حقيقيا على التوتر الذي كان عنوان العشر سنوات
الماضية داخل شمال سيناء.
الروايات المتواترة حتى الآن من مصادر
سيناوية كلها تشير أن إطلاق نار كثيف حدث داخل مقر الأمن الوطني دون حدوث عمل إرهابي
أو استهداف من الخارج ما أعقبه قطع تام لشبكات الاتصالات والأنترنيت عن المدينة
لمدة ست ساعات.
الحادثة الغامضة جاءت بعد ساعات من خبر لقاء
أسامة عسكر رئيس الأركان المصري مع مايكل كوريلا قائد القيادة المركزية للجيش الأمريكي.
مبنى الأمن الوطني في مدينة العريش محاط
بعدد من المنشئات العسكرية الهامة.. فعلى مقربة منه تقع الكتيبة 101 للجيش المصري
ومستشفى العريش العسكري ما يطرح تساؤلات كثيرة عن احتمالية حدوث هجوم من الخارج
وهو ما يرجح أن أمرا ما تم داخل مقر الأمن الوطني أو ما ذهب إليه البعض أنها عملية
داخلية.
لو حدثت حادثة سيناء قبل سنوات لخرج علينا
بعض المحللين الجهابذة ليحاضرونا في أن النظام المصري يعتمد سياسة الإلهاء أو ما
يعرف بالعامية المصرية "بص العصفورة" لشغل عموم الناس الغاضبين من
انقطاع
الكهرباء إلى أمر آخر مفاده أن الدولة مستهدفة والإرهاب لم يتوقف ويجب أن
يعطي المصريون السيسي تفويضا جديدا وإلا فالكهرباء لن تعود مرة أخرى.
المشكلة أن هذه الرواية لا يمكن أن يصدقها
طفل في تعليمه الابتدائي، فالكهرباء مشكلة حقيقية وحادثة سيناء حادثة حقيقية وعبد
الفتاح السيسي لم يعد لديه هامش المراوغة الذي تميز به قبل سنوات.
السيسي يقف على صفيح ساخن، يشعر بحرارة
المشهد ولهيب الغضب وسخونة الانهيار الاقتصادي، كلما تحرك أخطأ، وكلما تحدث استفز
مشاعر المصريين، بات يلتزم بكلمة مكتوبة ولا يرتجل أبدا وقلل من ظهوره الإعلامي
كثيرا لأنه يعلم أن اختفاءه عن الكاميرات سيوجه سهام الغضب نحو مصطفى مدبولي
وحكومته ليأتي السيسي مرتديا ثوب المخلص بعد ذلك.
الحقيقة الغائبة عن الجنرال، أن الجميع
يحمله هو المسؤولية، هو وحده من يتخذ قرارات منفردة ولا يعترف بدراسات الجدوى،
يخبره المختصون بخطورة قراره في زيادة إنتاج حقل ظهر فلا يستمع لهم فتتسرب المياه
ويقل الإنتاج.
ينصحه العاقلون بعد الذهاب لأوروبا لتصدير
الغاز فلا يستمع، تنخفض الأسعار ويقل إنتاج الغاز وتتأثر محطات الطاقة فتنقطع
الكهرباء.
الحقيقة الغائبة عن الجنرال، أن الجميع يحمله هو المسؤولية، هو وحده من يتخذ قرارات منفردة ولا يعترف بدراسات الجدوى، يخبره المختصون بخطورة قراره في زيادة إنتاج حقل ظهر فلا يستمع لهم فتتسرب المياه ويقل الإنتاج.
تسارعت وتيرة الديون الخارجية بشدة وبات
عليه أن يسدد فواتير خدمة الدين قبل نهاية العام وليس لديه ما ينفقه من دولارات،
انخفضت تحويلات المصريين في الخارج شهرا تلو الآخر وهو من يعول على ملياراتهم لإنعاش
اقتصاده المأزوم.
بشرنا مصطفى مدبولي ببيع أصول الدولة بقيمة
1.9 مليار دولار ولكن تبين كذبه عندما نشرت شبكة سي أن أن الاقتصادية تقريرا مفاده
أن مصر لم تتسلم أي دولار في صفقة بيع الأصول لأن المشترين لم يدفعوا بعد ولا
زالوا في مرحلة تقييم الأصول والعروض المطروحة.
تقول الحكومة إنها في حاجة ماسة لما يقارب
300 مليون دولار لاستيراد المازوط للتخفيف من
أزمة انقطاع الكهرباء وهو رقم كبير
وغير موجود في ميزانية الدولة، فيخرج الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس
ليبشر المصريين بأن صندوقه الخاص والذي أمره السيسي بإنشائه قد تجاوز 100 مليار
جنيه، فلماذا لا يدفع صندوق قناة السويس جزءا من هذه الأموال للحكومة لتحل أزمة
الكهرباء؟
نواب في الكونغرس الأمريكي بقيادة كريس
ميرفي وبيرني ساندرز يضيقون حلقة الخناق على السيسي ويطالبون الرئيس الأمريكي جو
بايدن بحجب الجزء المشروط بحقوق الإنسان من المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر لأنه
حسب قولهم عبد الفتاح السيسي يستجيب للضغوط الأمريكية من هذا النوع.
السيسي على صفيح ساخن، يأتيه الضغط من كل
حدب وصوب دون مساعدة من أحد أو محاولة لإنقاذه فهل يحترق هذه المرة؟