اشتكى معتقلون
مصريون لذويهم خلال زياراتهم من معاناتهم الشديدة مع ارتفاع درجات الحرارة في
المعتقلات والسجون وأماكن الاحتجاز خاصة مع
موجة الحر الشديد التي تضرب نصف الكرة
الشمالي ومنها المنطقة العربية وجنوب أوروبا منذ منتصف تموز/ يوليو الجاري.
وكشفت الهيئة
العامة للأرصاد الجوية، أن حالة الطقس المتوقعة في اليومين المقبلين، ستصل في بعض
أنحاء مصر 45 درجة مئوية، فيما قالت وكالة الفضاء الأوروبية إن موجة حر شديدة
تجتاح مختلف أنحاء أوروبا مع تجاوز الحرارة 40 درجة مئوية.
"إنهم
يختنقون"
زوجة أحد
المعتقلين، قالت لـ"عربي21"، إنهم "لا يتمكنون من النوم من شدة
الحرارة التي تصل بهم حد الاختناق"، ناقلة عن زوجها أن "الأزمة تتفاقم
كل صيف خاصة مع تصميم السجون الذي لا يسمح بالتهوية، وفي ظل عدم السماح لهم بإدخال
مراوح كهربائية لبعض المساجين".
وأوضحت أن زوجها
الذي يقضي محكوميته في أحد السجون المركزية بإحدى محافظات الدلتا، منذ قدوم الصيف
وهو يشكو من معاناته والمعتقلين من الحر الشديد، وعدم وجود تهوية جيدة وتهالك
مراوح السقف.
الزوجة أكدت
أن هناك جانبا من الأزمة وهو الزحام الشديد داخل عنبر يعيشون فيه ليل نهار مساحته
نحو 25 مترا، بعرض حوالي 4 أمتار وطول 6 أمتار يضم ما بين 40 و50 معتقلا.
ونقلت عنه
تأكيده أنه مسموح للجنائيين إدخال المراوح في الصيف، أما بالنسبة للمعتقلين السياسيين فهذا
أمر يستحيل تحقيقه، وأنهم يعتبرونه نوعا من أشد أنواع العقاب.
"المخالفة
للقانون"
وعلى مدار 10
سنوات يعاني المعتقلون المصريون من الحبس في ظروف غير إنسانية، وتتفاقم مع التكدس
في أماكن الاحتجاز والسجون المركزية والليمانات التي تواصل سلب حقوق المسجونين
التي أقرها القانون والدستور المصري والمواثيق والأعراف الدولية، بحسب حقوقيين.
وهي المخالفات
التي حددت بعضها منظمات حقوقية في الحبس الانفرادي، وإجبار المعتقلين على النوم على
أرضية خرسانية دون أسرة أو مراتب، والحرمان من إدخال الأمتعة والأدوات المسموح
بها، مثل المراوح في الصيف، والبطاطين في الشتاء، وهو ما أدى لوفاة الكثير من
المعتقلين.
ومع شدة التكدس
في السجون، يواصل النظام المصري بناء السجون وأماكن الاحتجاز، والتي كان آخرها في حزيران/ يونيو الماضي، بقرار وزارة الداخلية رقم 1042 لسنة 2023، القاضي بإنشاء 6
سجون جديدة بمدينة 15 مايو بالقاهرة.
ويصل عدد
منشآت الاحتجاز الرسمية في مصر إلى 168 تقريبا حتى 2021، ما عدا مراكز الشرطة،
وذلك وفق بحث صادر في شباط/ فبراير 2022، عن مؤسسة "مبادرة الإصلاح
العربي"، بباريس.
"لن
يأبهوا بهم"
وفي تعليقه
على معاناة المعتقلين في الصيف ومع موجة الحر الشديد الحالية، وكيفية تحسين
أوضاعهم خاصة وأن أغلبهم صادر بحقهم أحكام نهائية وكبيرة، قال السياسي المصري
الدكتور جمال حشمت، لـ"عربي21": "نظام الانقلاب يتعمد ذلك".
وأكد أن
"أخبار حالات الوفاة في السجون وأماكن الاحتجاز تتواتر دون رد فعل رسمي سوى توفيق الأوضاع وترتيب الأوراق والكذب المباح في وصف ما يحدث بمصر داخل السجون
وخارجها".
وفي رؤيته
لكيفية استغلال موجة الحر للفت نظر الغرب لمعاناة المعتقلين، قال حشمت، إن
"موقف الغرب داعم لا ينطق ولا يضغط إلا إذا تواجد أحد رجالهم داخل السجن
يعاني، أما الآلاف فليس لهم سوى الله".
ويرى حشمت أن ما
يمكن فعله في المرحلة الحالية هو تسليط الضوء على معاناة المعتقلين، واتخاذ أي مسار
قانوني دولي ممكن، إلى جانب المسارات المعتادة إعلاميا وحقوقيا.
"سوء
التصميم"
ويشكو الكثير
من المعتقلين من سوء أوضاعهم في السجون بسبب سوء تصميم تلك السجون، والمخالفة لما
تقره المبادئ والمعايير الدولية وتؤكده لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة
عن شكل التصميم الداخلي للسجون.
ولطالما طالبت
اللجنة الأممية بالتقيد بتوفير ظروف معيشية للسجناء تحفظ كرامتهم، ولا تؤدي لزيادة
معاناتهم وتؤثر سلبا على صحتهم، والتي منها المعايير البيئية مثل الحفاظ على
التهوية، بنسبة 4 بالمئة من مساحة الغرفة.
ومن الشروط في
التصميم أيضا توفير ضوء طبيعي بمساحة 8 بالمئة من مساحة الغرفة، وأن يسمح ارتفاع
النافذة للسجين بالنظر عبرها، وأن تكون درجات الحرارة (15-25) درجة مئوية للمناخ
المعتدل، ومن (20-30) درجة مئوية للمناخ الدافئ، وذلك بوضع مواد عزل، وزيادة
التهوية.
وفي المناطق
الحارة يجب تصميم السقف مرتفعا لزيادة التهوية، ويمكن عمل فتحة بالسقف أو تركيب
حواجز حرارية مشعة داخل فراغ السطح، أما المناطق الباردة فيجب عزل المبنى لتقليل
تكلفة التدفئة.
وفي تعليقه
حول معاناة المعتقلين في الحر الشديد، قال الكاتب والباحث المصري عزت النمر إن ما
يحصل في السجون يرقى إلى أحد صور تعذيب المعتقلين.
وتساءل النمر
عن حقوق المواطنة، مؤكدا أن المشهد الذي نراه لم يحصل حتى من الأنظمة الفاشية، ويتعارض
مع أبسط حقوق الإنسان.
واعتبر أن ما
يحدث في زنازين السجون المصرية هو "قتل ممنهج" يمارسه النظام، والشرطة،
والقضاء المصري.
وتابع بأن نمط بناء السجون متعمد، ويهدف إلى كسر إرادة
المعتقلين وتعذيبهم إلى جانب عائلاتهم، وهو نتاج "حكم العسكر" في مصر، وما
يرافق ذلك من عقليتهم القاسية.
وحول تحرك المؤسسات الرسمية والحقوقية الغربية، قال
النمر إنه يجب عمل مبادرة نطالب فيها هذه المؤسسات والمنظمات والبرلمانات بعقد جلسة
واحدة من جلساتهم دون تهوية، أو تكييف، خلال هذه الموجة الحارة.
"أعداد
المعتقلين"
وفي السجون
المصرية منذ الانقلاب العسكري نحو 60 ألف معتقل سياسي، وفقا لتقرير منظمة "هيومن
رايتس ووتش"، في كانون الثاني/ يناير 2019.
وفي تقرير
أحدث، في نيسان/ أبريل 2021، قدرت "الشبكة العربية لمعلومات حقوق
الإنسان"، عدد السجناء والمحبوسين بنحو 120 ألف سجين، 65 ألفا منهم سياسي، و54
ألف جنائي، فيما قدرت عدد المحكوم عليهم بـ82 ألفا، وحوالي 37 ألف محبوس احتياطيا.
وتشكو منظمات
حقوقية من عدم الشفافية في إعلان أسماء المعتقلين وطمس الحقائق.
وفي شباط/
فبراير الماضي، قالت تسع منظمات إنه ينبغي الإفصاح عن أعداد المحتجزين بالسنوات
الأخيرة، مشيرة إلى أن قمع المعارضة أدى لاكتظاظ خطير بمراكز الاحتجاز ومفاقمة
ظروفها، غير الإنسانية.