انتقدت منظمات حقوقية وأعضاء في البرلمان الأوروبي، إبرام المفوضية الأوروبية صفقة مع من وصفوه بـ"الدكتاتور القاسي" في
تونس، تستهدف المهاجرين غير النظاميين، وسط تقارير تتحدث عن معاناة هؤلاء بفعل تضييق السلطات التونسية عليهم، ودفعهم نحو الهلاك، لا سيما ذوي البشرة السوداء القادمين من وسط أفريقيا.
ومذكرة التفاهم التي وقعها المفوض الأوروبي المكلف بسياسة الجوار والتوسع أوليفر فارهيلي، وكاتب الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج منير بن رجيبة، الأحد، تقدم الدعم المالي لتونس، مقابل منع الناس من وصول المهاجرين إلى
أوروبا، وزيادة عودة التونسيين المقيمين في أوروبا بدون تصريح، وتسهيل عودة جنسيات أخرى من تونس إلى دول ثالثة.
هيومن رايتش ووتش: انتهاكات خطيرة
وقالت "
هيومن رايتس ووتش" إن قوات الشرطة، والجيش، والحرس الوطني التونسية، بما فيها الحرس البحري، ارتكبت انتهاكات خطيرة ضدّ المهاجرين، واللاجئين، وطالبي اللجوء الأفارقة السود. شملت الانتهاكات الموثَّقة الضرب، واستخدام القوّة المفرطة، وفي بعض الحالات التعذيب، والاعتقال والإيقاف التعسفيين، والطرد الجماعي، والأفعال الخطرة في عرض البحر، والإخلاء القسري، وسرقة الأموال والممتلكات.
ولفتت المنظمة الحقوقية إلى أن أغلب الانتهاكات الموثقة حصلت بعد أن أمر الرئيس قيس سعيّد قوات الأمن في شباط/ فبراير الماضي بقمع الهجرة غير النظاميّة، ورَبط المهاجرين الأفارقة غير المسجلين بالجريمة وبـ"مؤامرة" لتغيير التركيبة الديمغرافية لتونس، مشيرة إلى أن خطاب سعيّد، الذي وصفه خبراء في الأمم المتحدة بالعنصري، أعقبه تصاعد في خطاب الكراهية، والتمييز، والهجمات.
ووثقت المنظمة شهادات مع 15 شخصا قالوا إنهم تعرضوا للعنف على يد قوات الشرطة والجيش والحرس الوطني، بما يشمل الحرس البحري. ومنهم لاجئ وطالب لجوء تعرضا للضرب والصعق بالكهرباء على يد الشرطة أثناء إيقافهما في تونس العاصمة. وقال خمسة أشخاص إنّ السلطات صادرت أموالهم وممتلكات أخرى ولم ترجعها إليهم قط.
وشددت المنظمة على أن ما لا يقل عن تسعة من الأشخاص الذين أجريت معهم مقابلات تعرضوا للاعتقال و الإيقاف التعسفيين في تونس العاصمة وأريانة وصفاقس، حيث صنّفتهم الشرطة على أساس لونهم.
برلمانيون أوروبيون ينتقدون
في السياق نفسه، انتقد أعضاء في البرلمان الأوروبي؛ المفوضية الأوروبية لتوقيعها صفقة مع "الديكتاتور القاسي" التونسي تستهدف المهاجرين.
ووصف هؤلاء مذكرة التفاهم ووصفوها بأنها تناقض بين القيم الأساسية للاتحاد الأوروبي والتراجع الديمقراطي المستمر لتونس. كما أعربوا عن أسفهم لغياب الشفافية الديمقراطية والمساءلة المالية.
بدورها، اتهمت العضوة، بيرجيت سيبل السلطات التونسية واتهمتها بالتخلي عن المهاجرين من جنوب الصحراء "بدون طعام أو ماء أو أي شيء آخر".
وأضافت "نحن الآن نمول مرة أخرى حكما مستبدا بدون تدقيق سياسي وديمقراطي هنا في مجلس النواب. هذا لن يكون حلا. إنه سيعزز مستبد في تونس". وفق ما أورده موقع "
يورونيوز".
أمنستي: الاتحاد الأوروبي متوطؤ
قالت
منظمة "العفو الدولية" (
أمنستي)، إن اتفاقية الهجرة بين تونس والاتحاد
الأوروبي تجعل الاتحاد متواطئا في الانتهاكات ضد طالبي اللجوء والمهاجرين
واللاجئين.
وأشارت
المنظمة إلى أن "الاتفاق غير الحكيم" الذي تم توقيعه، على الرغم من
الأدلة المتزايدة على ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان على أيدي السلطات،
سيؤدي إلى توسع خطير في سياسات الهجرة الفاشلة أصلا، ويشير إلى قبول الاتحاد
الأوروبي بالسلوك القمعي المتزايد للرئيس والحكومة في تونس.
وصرحت
مديرة مكتب المؤسسات الأوروبية في منظمة العفو الدولية، إيف غيدي، بأن السلطات
التونسية تركت مئات الأشخاص من بينهم أطفال عالقين على الحدود الصحراوية التونسية،
بدون ماء أو طعام أو مأوى، في نفس الوقت الذي كانت فيه تونس والاتحاد الأوروبي
يستعدان لتوقيع هذه الاتفاقية.
ووافق
الاتحاد الأوروبي بموجب الاتفاقية على تقديم الدعم المالي والتقني لتونس لردع
الهجرة المتجهة إلى أوروبا.
وأكدت
المنظمة الدولية أن قادة الاتحاد الأوروبي يشرعون مرة أخرى في سياسات فاشلة تستند
إلى التجاهل الصارخ لمعايير حقوق الإنسان الأساسية؛ وذلك من خلال تركيز سياساتهم
وتمويلهم على احتواء موجات الهجرة وعلى الاستعانة بمصادر خارجية لمراقبة الحدود،
بدلاً من ضمان توفير سبل مأمونة وقانونية لأولئك الذين يحاولون عبور الحدود بأمان.
وانتقدت
المنظمة تفاوض الاتحاد الأوروبي على الاتفاق بدون إسهام المجتمع المدني وغياب
ضمانات حاسمة بشأن حقوق الإنسان، مشيرة إلى أن المؤتمر الصحفي الذي عقده قادة تونس
والاتحاد الأوروبي عقب الاتفاق لم يضم أي صحفيين.
وتم
توقيع مذكرة التفاهم من قبل المفوض الأوروبي المكلف بسياسة الجوار والتوسع أوليفر
فارهيلي، وكاتب الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج منير
بن رجيبة، في أعقاب اجتماع عقد في تونس بين رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون
دير لاين، ورئيس الوزراء الهولندي مارك روته، ورئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا
ميلوني، والرئيس التونسي قيس سعيّد.
وتهدف
مذكرة التفاهم، التي تقدم الدعم المالي لتونس، إلى منع الناس من الوصول إلى
أوروبا، وزيادة عودة التونسيين المقيمين في أوروبا بدون تصريح، وتسهيل عودة جنسيات
أخرى من تونس إلى دول ثالثة.
واستولى
الرئيس التونسي، قيس سعيّد، على السلطة بشكل شبه تام منذ تعليق البرلمان السابق
للبلاد في عام 2021. وقد أجرت السلطات تحقيقات، وفي بعض الحالات اعتقلت ما لا يقل
عن 72 شخصية معارضة وغيرهم من الأشخاص الذين يُعتبرون من منتقدي الرئيس المتهمين
بارتكاب جرائم مختلفة، وفق "أمنستي".