تراجعت
مصر في أحدث مؤشرات الدول العربية الأكثر تحقيقا للإيرادات من القطاع السياحي، إلى المركز الرابع.
وحلت السعودية والإمارات، ثم قطر، قبل مصر، في أحدث مؤشرات مؤسسة "فيتش سوليوشنز"، الذي توقع نموا لكافة الدول العربية في هذا القطاع، بعد فترة ركود وتراجع تسببت بها جائحة "كورونا" خلال الأعوام الماضية.
بدورها، تتوقع الحكومة المصرية تحقيق إيرادات جيدة من قطاع
السياحة الذي تضرر كثيرا منذ اندلاع ثورة 25 يناير 2011، لكنها تظل أقل بكثير من دول عربية أخرى دخلت على خط المنافسة منذ وقت قريب مقارنة بتاريخ مصر العريق وآثارها الفريدة وتنوع حضاراتها منذ العصور الأولى للحضارات البشرية.
وتتوقَّع مؤسسة "فيتش سوليوشنز" أن تقفز إيرادات السياحة في 13 دولة عربية بنحو 38% إلى 709 مليارات دولار في عام 2023، واستحوذت الإمارات والسعودية وقطر على المراتب الثلاث الأولى بينما اكتفت مصر بالمركز الرابع.
حلت الإمارات على رأس قائمة الدول العربية في إيرادات السياحة المتوقعة بـ40.8 مليار دولار، والسعودية ثانيا بـ21.7 مليار دولار، وقطر ثالثا بـ16.2 مليار دولار، ثم مصر رابعا بـ 14.4 مليار دولار، وجاء خلفها الأردن بـ 13.2 مليار دولار.
تتجاوز توقعات الحكومة المصرية هذا الرقم بقليل، حيث تأمل في أن تستقطب 15 مليون سائح وجذب 15 مليار دولار، هذه الرغبة في الوصول إلى هذا الرقم مردها رغبتها في كسر الحاجز النفسي في عدم قدرتها على تخطي الرقم التاريخي الذي حققته في عام 2010 والبالغ نحو 14.7 مليون سائح.
حلم كسر الرقم القياسي عام 2010
وكانت أعلى إيرادات حققتها مصر من السياحة في عامي 2010 و2019، والبالغة 13 مليار دولار و12.5 مليار دولار على التوالي، وفي حال جذب 15 مليار دولار هذا العام فسيكون الأعلى على الإطلاق للقطاع السياحي المصري.
استقبلت مصر 7 ملايين سائح في النصف الأول من العام الجاري، تصدّرهم الألمان بنحو 10% من الإجمالي، ويليهم الروس، بحسب تصريحات وزير السياحة المصري، وتتركز السياحة في مصر في سياحة العائلات، والشواطئ، والغوص، والسياحة الثقافية والتاريخية والآثار.
في عام 2022 زار مصر 11.7 مليون سائح نتيجة انخفاض السياحة الواردة من روسيا وأوكرانيا التي تمثل ثلث السياحة الواردة للبلاد في أعقاب اندلاع الحرب بين البلدين في شباط/ فبراير من العام الماضي، وبلغت قيمة إيرادات السياحة نحو 10.7 مليارات دولار، وفق الجهاز المركزي للإحصاء.
المفهوم العصري للسياحة
فسر وكيل وزارة السياحة المصرية الأسبق، الدكتور مجدي سليم، هذا التحول في توجه السياحة إلى دول عربية انضمت حديثا إلى قائمة المقاصد السياحية العالمية "بأنه ليس بسبب تغير نمط السياحة الحديثة إنما بسبب نوعية الخدمات السياحية التي تتنافس الدول العربية على تقديمها، ومجموعة التسهيلات السياحية للزوار، وإضافة أنشطة متنوعة وجديدة إلى برامجها السياحية، وتجعلها في المقدمة رغم عدم امتلاكها المقومات التي تمتلكها مصر".
ورأى في حديثه لـ"عربي21" أن "على مصر أن تغير مفهومها لطبيعة السياحة المعاصرة من أجل استعادة ريادتها من خلال التركيز على نوعية الخدمات وجودتها، واستغلال الإمكانيات التي تتمتع بها، ومنح تسهيلات لزيارة البلاد، وعدم المبالغة في الإجراءات والأسعار في الخدمات والرسوم وغيرها، وتحديث الأجندة السياحية".
واعتبر أن "الدولة والقطاع الخاص يقع عليهما الدور الأساسي في تطوير قطاع السياحة، فإذا تحدثنا عن التسهيلات والتأشيرات فهو دور الدولة، أما دور القطاع الخاص فينصب على تحسين وتطوير الخدمات وأنواعها وبأسعار جيدة، والبحث عن الأيدي العاملة الماهرة"، مشيرا إلى أن "الدخول في سباق مع هذه الدول سابق لأوانه ولكن يجب ألا نقف في مكاننا".
مقصد رخيص وجودة ضعيفة
أما عضو مجلس الاتحاد المصري للغرف السياحية، رئيس مجلس إدارة شركة مون ريفر للسياحة، علي غنيم، له رؤية مغايرة لتجاوز إيرادات بعض الدول العربية مصر، قائلا: "أعتقد أن السبب هو أن فاتورة السياحة في تلك الدول مرتفعة؛ لأن الأسعار المرتفعة تناسب الخدمات المميزة التي تقدمها بالتالي يكون دخل السياحة أكبر لعدد سياح أقل في حين أن الأسعار في مصر متدنية جدا".
مضيفا لـ"عربي21" أن "المقصد السياحي في مصر هو الأرخص عالميا على الرغم من المقومات السياحية التي تمتلكها والتي تعتبر فريدة من نوعها ولا يمكن إيجاد بدائل لها مثل الآثار الفرعونية وغيرها ولا منافس لنا فيها إلا أن الإيرادات ضعيفة بسبب رخص الأسعار وتراجع مستوى الجودة".
وأعرب الخبير السياحي عن اعتقاده أن "مصر يمكن أن تحقق 30 مليار دولار سنويا من قطاع السياحة، والخروج من أزمة نقص العملة بنفس الأعداد التي تزور مصر ولكن مع رجوع فواتير السياحة إلى أصلها وعدم تقديم أسعار متدنية تصل أحيانا إلى أقل من التكلفة، والعودة إلى الخدمات الجيدة والمتميزة والبرامج السياحية المتنوعة وتشديد المراقبة على الشركات والفنادق السياحية".
أهمية السياحة لمصر
تشكل عائدات السياحة رافدا مهما للعملة الصعبة تقترب من نحو 15% من إيرادات مصر من العملات الأجنبية، وتعد ثالث أكبر مصدر للدخل الأجنبي للبلاد بعد الصادرات وتحويلات المصريين العاملين بالخارج، وتمثل -في الظروف العادية- نحو 12% من الناتج المحلي الإجمالي.
يقدر عدد العاملين في قطاع السياحة بحوالي 3 ملايين، أي ما يعادل 10% من إجمالي قوة العمل، ويسهم في خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، بحسب دراسة لمعهد التخطيط القومي (حكومي) في آيار/ مايو 2020.
يأتي قطاع السياحة على قمة أولويات الحكومة المصرية من أجل زيادة إيراداتها الدولارية بحلول عام 2026 من خلال زيادة إيرادات قطاع السياحة إلى 20 مليار دولار في المرتبة الثالثة خلف عائدات الصادرات وتحويلات المصريين بالخارج بنسبة ارتفاع 20%، بحسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي.