بدأت قوة الكرة
السعودية تثير القلق عندما تم الإعلان عن التعاقد مع لاعبين مطلوبين من قبل الأندية الأوروبية الكبرى؛ أي عندما بدأوا في منافسة الأغنياء في صناعة
كرة القدم.
ونشر موقع "إل سالتو" تقريرًا، ترجمته "عربي21"، قال فيه إنه بعد موسم كرة القدم، يعاد فتح سوق الانتقالات؛ حيث أنهى نادي ريال مدريد بالفعل صفقة الإنجليزي بيلينغهام، وقام برشلونة - الغارق في أزمة اقتصادية عميقة - بتعديل الإنفاق، ووقع مجانًا مع التركي غوندوغان قادمًا من مانشستر سيتي، وكل شيء ضمن المتوقع؛ غير أن الاستثناء جاء من الأندية السعودية التي أصبحت قادرة على تقديم مبالغ غير متكافئة يصعب على الأندية الأوروبية المنافسة ضدها.
وأوضح الموقع أنه في كانون الأول/ ديسمبر الماضي؛ أعلن نادي النصر عن التعاقد مع كريستيانو رونالدو وجعله اللاعب الأعلى أجرا في التاريخ. وفي بداية شهر حزيران/ يونيو؛ قدم نادي الاتحاد نجمه الجديد: كريم بنزيما؛ حيث فشل ريال مدريد في إقناع اللاعب بقبول عرض التجديد، وقرر الفرنسي تغيير فريقه مقابل راتب يقدر بـ 200 مليون يورو لكل موسم؛ حيث يبدو كلا التوقيعين كأنهما اعتزال ذهبي؛ وهو أمر غير مألوف بين لاعبي كرة القدم الذين يواجهون نهاية مسيرتهم الكروية.
ورأى الموقع أن قوة الكرة السعودية بدأت تثير القلق عندما تم الإعلان عن التعاقد مع لاعبين مطلوبين من قبل الأندية الأوروبية الكبرى، وعندما بدأوا في منافسة الأغنياء في صناعة كرة القدم؛ حيث كان السنغالي كاليدو كوليبالي لاعب تشيلسي على جدول أعمال العديد من الأندية الكبرى في
أوروبا، لكن انتهى به الأمر بقبول عرض الهلال، وهو نفس الفريق الذي تمكن من الفوز على برشلونة ووقع مع المهاجم البرتغالي روبين نيفيس. وفي كلتا الحالتين؛ أعطى اللاعبون الأولوية للرواتب التي لا يمكن الوصول إليها من قبل الفرق الأكثر شهرة في كرة القدم العالمية، على الرغم من حقيقة أن الدوري السعودي أقل تنافسية بكثير.
دخول صندوق الاستثمارات العامة السعودي في كرة القدم
وأضاف الموقع قائلًا إن هذا الهجوم على الاحتكار الأوروبي لكرة القدم أصبح علنيًا في بداية شهر حزيران/ يونيو؛ عندما أعلنت الحكومة السعودية ما يسمى بمشروع استثمار وخصخصة الأندية الرياضية. وفي بلد ليس من السهل فيه التمييز بين الأموال العامة والخاصة؛ فإن الاستحواذ على أندية كرة القدم الأربعة الرئيسية من قبل صندوق الاستثمارات العامة (PIF) يسمى الخصخصة. وبهذه الطريقة؛ يمتلك الصندوق الاستثماري الآن 75 بالمائة من كل من هذه الأندية، تاركًا النسبة المتبقية البالغة 25 بالمئة في أيدي مؤسسة، وستكون مسيطرة من خلال رجال الأعمال المرتبطين بالعائلة المالكة.
وبين الموقع أنه مثل قطر والإمارات، تمتلك السعودية أيضًا خطة رؤية 2030 الخاصة بها حيث تلعب الرياضة دورًا استراتيجيًا في تقليل الاعتماد الاقتصادي على النفط، وهكذا يتم فهم تسمية تروجينا في مدينة نيوم السعودية كمكان للألعاب الآسيوية الشتوية 2029، ونزاع إجراء رالي داكار في الدولة العربية وأيضًا هذا المشروع الجديد لتحويل الدوري السعودي إلى أحد أهم الدوريات في العالم؛ حيث تسعى الحكومة منذ سنوات إلى جذب رأس المال الأجنبي إلى البلاد وتريد أيضًا أن تفعل ذلك من خلال الرياضة، من خلال جلب بعض من أفضل لاعبي كرة القدم إلى البلاد، ورفع مستوى المنافسة وبالتالي جذب عدد أكبر من المشاهدين، حتى يتم تحويل الدوري السعودي إلى منتج أكثر جاذبية للتلفزيون والجهات الراعية، دون أن ننسى القيمة المضافة التي تتمتع بها كرة القدم في تحسين وجه الدولة في الخارج، وبشكل أساسي تجاه المستثمرين الدوليين.
نمط متكرر
هذه الفكرة السعودية ليست جديدة؛ فمنذ أن بدأت الأندية الأوروبية الرئيسية بالتعاقد مع أفضل لاعبي كرة القدم في أمريكا في الخمسينيات من القرن الماضي، انفتحت فجوة زادت في التسعينيات مع زيادة الدخل من التلفزيون. فقامت العديد من الدول باستثمارات ضخمة بهدف تنمية الدوري المحلي ويمكن أن تساعد أمثلتها في قياس فرص النجاح في السعودية.
ففي سبعينيات القرن الماضي؛ استحوذ اتحاد "إن أيه إس إل" الأمريكي على انتباه العالم بأسره عندما استطاع مدير شركة "وارنر إنك"، ستيف روس، ما لم يحققه ريال مدريد أو برشلونة أو يوفنتوس: إخراج بيليه من البرازيل وإقناعه بالتوقيع لفريقه، وقد اجتذب أمواله من إحدى الدوريات التي كانت مدعومة باستثمارات خاصة من رجال أعمال مختلفين والتي حظيت بدعم سياسيين مثل هنري كيسنجر.
وفي أوائل التسعينيات؛ كانت اليابان هي التي أغرت لاعبي كرة القدم من عيار زيكو أو لاودروب واستخدمت مطالبهم لتنمية الدوري الياباني المولود حديثًا والحصول على لقب منظمي كأس العالم 2002 إلى جانب كوريا الجنوبية. منذ ذلك الحين، أثبت الدوري الياباني وجوده مع أتباع مخلصين وحضور بعض النجوم الدوليين؛ مثل أندريس إنييستا أو ديفيد فيا أو فرناندو توريس.
ولفت الموقع إلى أن قطر كانت الوجهة المفضلة التالية للاعبي كرة القدم الذين يواجهون التقاعد، وقضى جيل روماريو أو باتيستوتا أو غوارديولا بعضًا من سنوات نشاطهم الأخيرة على شواطئ الخليج العربي؛ ولم يكن هدف القطريين سرًّا: تنظيم كأس العالم. والذي بمجرد تحقيقه؛ يستمر الدوري المحلي في جذب بعض لاعبي كرة القدم المخضرمين، على الرغم من أنه لم يثير اهتمامًا كبيرًا بين السكان المحليين.
النمط السعودي
وأكد الموقع أن هدف هذا المشروع السعودي هو نفس الهدف الذي حققه اليابانيون والقطريون بالفعل: تنظيم كأس العالم لكرة القدم، ولهذا لن يكون غريباً لو حاولوا مرة أخرى في نسخة 2034. وفي أثناء ذلك؛ سيركزون على رفع مستوى المنتخب السعودي، وقبل كل شيء، مستوى الدوري الوطني، الذي يملك أموال صندوق الاستثمارات العامة وغياب قواعد اللعب المالي النظيف، والذي يحد من خلاله الاتحاد الأوروبي لكرة القدم من مديونية الأندية الأوروبية، وهو ما يسمح للفرق السعودية بتقديم رواتب تفوق قدرة العظماء في أوروبا. وبالتالي فإنهم سيولدون تضخمًا سيجبر بقية الاتحادات على رفع تكاليف رواتبهم.
وأشار الموقع إلى أن هذا النموذج واجه بالفعل عقباته الأولى. ففي تشرين الأول/ أكتوبر 2021؛ أصبح صندوق الاستثمارات العامة مالكًا لنادي نيوكاسل يونايتد في الدوري الإنجليزي الممتاز؛ حيث أثار الاستحواذ بالفعل على النادي الكثير من الشكوك في المملكة المتحدة وعاد إلى الظهور الآن بعد أن تعاقدت الأندية السعودية مع ميندي وكوليبالي وكانتي، وجميعهم من تشيلسي، ولم تكن المبيعات لتثير الشكوك لولا حقيقة أن صندوق "كلير ليك كابيتال" الاستثماري لديه حصة في ممتلكات نادي تشيلسي، ويمتلك صندوق الاستثمارات السعودي حصة في الصندوق نفسه. لذلك؛ فإن العلاقة بين تشيلسي ونيوكاسل والأندية السعودية وصندوق الاستثمارات العامة نفسه غير واضحة، ما أدى إلى فتح تحقيق من قبل رئيس الوزراء.
واختتم الموقع التقرير بالقول إنه يُتوقع أن تقدم السعودية استثمارًا قويًّا في كرة القدم يمكن من خلاله جذب بعض نجوم كرة القدم الأوروبية، ولقد حققوا ذلك بالفعل مع بعض الأسماء الكبيرة، على الرغم من رفض ميسي أو مودريتش. محذرًا من أن يقع الدوري السعودي في خطأ اتحاد "إن إيه إس إل" الأمريكي أو الدوري الصيني الممتاز؛ فيجب أن يصبح المشروع السعودي مربحًا على المدى الطويل، ولهذا يجب أن يتنافس مع هيبة دوري أبطال أوروبا أو الدوري الممتاز أو الدوري الإسباني.