تذكرت وأنا أشاهد بعض ما قاله معتز بالله عبد الفتاح تعقيبا على ما أورده
الشيخ علي جمعة، وفي جامع يربط بين دكاترة السلطان وشيوخ الطغيان ظللهما المستبد
في التوظيف وفي لعب الأدوار التي رسمت لهما والتي خرجا بها على مسرح الجمهورية
الجديدة بعد انقلاب عسكري تدثر زيفا بغطاء شعبي ومذابح ومجازر ارتكبها الطاغية، قفام
كل منهما بدوره ينافح عن فرعون وسياسات طغيانه، وعن منظومته ونظامه.. تذكرت كل ذلك
وقد اتفق الاثنان أن يدعوني الشيخ -وبمفهوم ديني- إلى التوبة، بعد أن خرجت على
الشريعة، وطلب مني زميله الآخر الدكتور أن أراجع نفسي، وعجبت أن يتفق الاثنان على
دعوتي في أيام قليلة ليست متقاربة بأن عليّ أن أقوم بكل ما من شأنه أن أتوب أو
أراجع أو اعتذر.
وفي حقيقة الأمر أن دخول دكاترة السلطان على الخط مع مشايخ الطغيان ضمن
تنظيم واحد ليتحدثا في ذات المسار فيطالب كل منهما بالإنابة والمراجعة؛ كان أمرا
مريبا وغريبا، وحينما اطلعت على هذا وذاك تذكرت مقالا كنت قد كتبته من قبل حول
"
وتعبت الأقنعة من السقوط"، لأعبّر بذلك عن حجم التبدل والتحول
والاحتيال والانقلاب الذي أصاب كثيرا من الأشخاص ممن يسمون بالنخبة، بعد أن مارس
كل هؤلاء في فترة شاعت فيها الحرية بعد القيام بثورة يناير فتحدث فيها كل بما يرغب
وبما يشتهي وبما يريد، فادعى كل هؤلاء مواقف في حقيقة الأمر لم تكن عند البعض إلا
أقنعة زائفة وضعوها على وجوههم ليدافع البعض عن ثورة وتغيير، ويدافع الآخر عن نظام
عسكري يجلب الأمن لمصر.
كنت في حيرة من أمري ماذا يمكن أن أطلق من عنوان على هذا المقال، وقد كتبتُ
من قبل عن دكاترة السلطان الذين يزيّنون للمستبد والطاغية ويحاولون أن يُقنعوا عموم
الناس بأن عليهم أن يتمسّكوا بمستبديهم حتى لو ضربوا ظهورهم وأخذوا أموالهم، وقد
عقّب هذا الأكاديمي بأن ذلك حديث لم يتورع في نقله وتوظيفه من دون أن يتحدث عن
الحديث من بدايته إلى نهايته، ولم يتساءل عن أسباب وروده وخصوصية حكمه. ولكن للأسف
الشديد، فهو يسير بين الناس بهراء لا يمت بصلة للكلام الصحيح، ولكنه في حقيقة
الأمر يفتري ويكذب، فإن لم يكذب في الرواية، افترى في التأويل. وبينه وبين شيخ
الطغيان صلة عبّر فيها عن مزاملته لهذا الشيخ الذي وصف الثورة بالفتنة، وكأنهما
اجتمعا على أمر أرادا أن يُبلغاه للعبد الفقير.
مشهد خطير اجتمع فيه السَحَرة؛ سحرة الأكاديميا والإعلام، وسحرة الدين الزائف، وكل منهم يريد ويبتغي أجرا من فرعون، هؤلاء الذين حاولوا أن يضلوا البشر ويفتنوهم ويسحرونهم من خلال ما يملكون من أدوات يحتالون بها على الناس؛ تارة بالعلم والأكاديميا وتارة أخرى بالشاشات والإعلام وتارة ثالثة من هؤلاء الذين يتلبسون بزي العلماء
في موقع "السينما دوت كوم" الذي يتابع المشاهير من فنانين
وإعلاميين؛ يثبتون أمام كل من يذكرونهم بعضا من سيرتهم الذاتية ويكتبون أمام كل
واحد منهم صفة لمهنته، سواء كان ذلك في عالم الأفلام والتمثيل أو عالم الصحافة
والإعلام؛ فبينما كتبوا أمام كل اسم وظيفته ومهنته بشكل محدد، احتاروا فيما يكتبون
أمام "معتز"؛ هل يكتبون أكاديمي أم إعلامي أم محلل سياسي أم يصفونه بأنه
مقدم لبرنامج "التوك شو" أو.. أو، فتاه عنهم التحديد والوظيفة فقرروا أن
يكتبوا أمامه وبلغة السينما "أدوار متعددة". نعم إنها الأدوار المتعددة
التي يلبس لكل منها لبوسه، ويتغير تبعا لها كلامه وخطابه، ويفتري افتراءاته
المتعددة، ويقول هنا أو هناك بما يناقض أقواله وخطابه. لم أجد خيرا من ذلك الوصف
الذي أطلقوه عليه بـ"الأدوار المتعددة" ليكون عنوانا لمقالتي هذه، فهو
يعبر عما يلبسه من أقنعة متعددة زائفة والتي صار يرتديها الواحد تلو الأخر، فيتنقل
من دور إلى دور ويرتدي قناعا من بعد قناع.
كان كل ذلك في مشهد خطير اجتمع فيه السَحَرة؛ سحرة الأكاديميا والإعلام،
وسحرة الدين الزائف، وكل منهم يريد ويبتغي أجرا من فرعون، هؤلاء الذين حاولوا أن
يضلوا البشر ويفتنوهم ويسحروهم من خلال ما يملكون من أدوات يحتالون بها على الناس؛
تارة بالعلم والأكاديميا وتارة أخرى بالشاشات والإعلام وتارة ثالثة من هؤلاء الذين
يتلبسون بزي العلماء وهم ضالون ومضلون، اجتمع كل هؤلاء وقد ارتدوا الأقنعة التي زيّفت
وقاموا بأدوار تناقضت وتعددت.
وهنا لا بد وأن نتوقف عند أمور مهمة تتعلق بشخصية هذا الدكتور المهتز الذي
يراوغ في الكلام ويفتري؛ يحمله كذبا ويطلقه زورا؛ وهو في ذلك يعرف أنه حينما يلزمني
قولا ينتقص من الرئيس الشهيد محمد
مرسي يحاول أن يستغل بيئة الخطاب، والترويج لصورة
عن شخصي مسيئا إليّ من كل طريق ليكمل هذه المهزلة التي بدأها شيخه ومن زامله في
خدمة الطغيان. ومن عجيب حقا أن يقرن الاثنان الحديث عني بحكايات عن الشهيد محمد
مرسي رحمة الله عليه، الرئيس المدني المنتخب، في محاولة منهما للربط بيني وبين ما
وجّهته من نقد حينذاك للرئيس الشهيد وحتى قدمت استقالتي. على ذات النهج سار معتز
المهتز فبدا له أيضا أن يصيد في الماء العكر وينسب إليّ قولا لم يرد مني أو عني
مطلقا.
وأقول على رؤوس الأشهاد إنني قمت بتقديم الانتقادات لجماعة الإخوان وللرئيس
الشهيد حينما كانوا في القصر واستقلتُ من بعد، ولكنني وقفت بحمد الله مدافعا عن كل
صاحب رأي ورؤية ضد هذا الانقلاب الذي أدى بمصر إلى حال لا تُحسد عليها، وضد تلك
المنظومة من الطغيان التي تجبّرت وتكبّرت وطاردت واعتقلت وأحرقت وقتلت في مجازر
عدة؛ كتبت عنها في مقالاتي "
رابعة وأخواتها.. سابقتها ولاحقتها" لأؤكد
على الموقف المبدئي من كرامة الإنسان وحريته في اختيار رأيه وموقفه، وعن الحرمة في
إراقة الدماء وإزهاق النفوس بغير حق، ولكن الشيخ والدكتور الذي جمع بينهما السلطان
والطغيان، أرادا استغلال هذا المناخ الذي يعرفه القاصي والداني من خطابي في محاولة
لإلصاق بي ما لم أقله ولم يكن من سلوكي حينما عبّرت عن رأي واختلافي.
أقول على رؤوس الأشهاد إنني قمت بتقديم الانتقادات لجماعة الإخوان وللرئيس الشهيد حينما كانوا في القصر واستقلتُ من بعد، ولكنني وقفت بحمد الله مدافعا عن كل صاحب رأي ورؤية ضد هذا الانقلاب الذي أدى بمصر إلى حال لا تُحسد عليها، وضد تلك المنظومة من الطغيان التي تجبّرت وتكبّرت وطاردت واعتقلت وأحرقت وقتلت في مجازر عدة؛ كتبت عنها في مقالاتي "رابعة وأخواتها.. سابقتها ولاحقتها" لأؤكد على الموقف المبدئي من كرامة الإنسان وحريته في اختيار رأيه وموقفه، وعن الحرمة في إراقة الدماء وإزهاق النفوس بغير حق
وهنا أتذكر موقعا مهما يُسمي "صحيح
مصر" (وهو مشروع مستقل لرصد
وتصحيح التصريحات والأخبار والمعلومات الكاذبة والمضللة المتداولة في الفضاء العام
المصري) ليتأكد لنا أن تلك الصفحة اشتملت على 14 من المقولات وردت على ألسنة
مختلفة قاموا على تصحيحها؛ كان من نصيب هذا الأكاديمي 9 مقولات كاذبة افتراها،
وتضمنت معلومات كاذبة. أقول ذلك لأن تلك الشخصية المترددة المتقلبة تعتمد على
"ذاكرة السمك" من قصور ونسيان، فكم من كلام قاله ثم أتى بنقيض له، وهو
ما كان فحوى لمقالتنا عن "
دكاترة المستبد" وتضمنها لنموذج هذا الافتراء
والتناقض الذي لا يبتغي به إلا وجه الطاغية والطغيان.
ومن خطير ما أبدى الدكتور أنه تحدث عن الديمقراطية وتحدث عن النهوض في كلام
له كان إبان ثورة يناير وما أعقبها، ومن بعد ذلك تحدث عما قام به
السيسي، يقرنه
بكونه ثورة وتغييرا وإصلاحا وأمنا واستقرارا، ليقدم بذلك ذات الرؤية المقلوبة
"الذين إذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون"؛ ولك أن
تتصور أنه تنقل من فضائية إلى أخرى حتى استقر به الأمر إلى فضائية أنشأتها
الإمارات، تعرفون وأعرف لماذا تنقل من هذه إلى تلك، إلا أن كان من هؤلاء السَحَرة
الذين وعدهم فرعون بالمكافأة؛ "وإن لنا لأجر إن كنا نحن الغالبون". وفي
إعلانه عن فضائيته الجديدة التي سيقطنها بكلام سحره الزائف، خرج علينا بملابس
غريبة يعلن عن برنامجه الجديد، معبرا في إعلان هزلي عن برنامجه عبر منشور على
وسائل التواصل الاجتماعي "انتظروني قريبا.. بعمل حاجات غريبة عجيبة مصيبة مريبة
في القناة الجديدة.. وكما قال الشاعر: دا إحنا هناكل ضرررررب".
إنه الهزل الذي جمعه في شخصه وهو يتقلب بين أروقة الطغيان ولبسه الأقنعة
الزائفة قناعا من بعد قناع ليموّه بذلك على عموم الناس، يخلط الجد بالهزل، ويقوم
بكل فعل يغطي به مهزلته، حتى أنه كتب في يوم وكأنه كان يخاطب نفسه "عن
توبة"، لم تكن في حقيقة أمره إلا قناعا جديدا ليظهر في أدوار ساخرة جديدة
كمهرج على مسرح الطغيان، فهو تارة ينادي بعمل مقرر لتدريس الديمقراطية، وتارة
يتحدث عن تأسيس السيسي لبناء سياسة جديدة، وفي كل الأحوال يمزج هزله بمزيد من الهزل،
وهو أمر أشار إليه كتّاب وإعلاميون تندروا عليه حينما تحدث عن "نظرية الخرم
في مواجهة سد النهضة".
بالله عليكم.. يطلب مني هذا الدكتور الهازل وذلك الشيخ الطاعن أن أتوب وأراجع
نفسي، يا دكتور السلطان ويا شيخ الطغيان لا تقتربا مني مرة أخرى، فإنني أقول لكما
أنتما أحق بالتوبة والمراجعة إن كانت عندكما بقية من ضمير أو بعض من علم؛ وقد خاب
من افترى.
twitter.com/Saif_abdelfatah