نظمت مؤسسة "
مرسي
للديمقراطية" مؤتمرا تحت شعار "مرسي يتربع مناضلا"، عُقد، السبت،
في العاصمة الفرنسية باريس لإحياء الذكرى الرابعة لرحيل أول رئيس مدني منتخب في
تاريخ
مصر، محمد مرسي.
وقال الرئيس التونسي الأسبق، محمد
المنصف المرزوقي: "نلتقي اليوم وشعوبنا وأمتنا لم تعرف في تاريخها المعاصر
فترة أشدّ قتامةً وصعوبة ووَجَعا من التي تعيشها هذه السنوات الأخيرة، والكوارث
تتتالى عليها بتسارع وتفاقم"، مؤكدا أن "النور سيأتي من مواصلة نضال أبطال
ثورات الربيع العربي، الأحياء والأموات، الأسوياء والجرحى، وأيقونتهم الرئيس الشهيد
محمد مرسي".
وتابع، في كلمته: "أحبّ مرسي لأنه
كان إنسانا بأتمّ معنى الكلمة، أي بكل ما تحيل إليه الكلمة من هشاشة وضعف ومن
صلابة وقوة (..). مرسي ليس قدوة أخلاقية فحسب، إنما هو ركن من أهم أركان المدرسة
السياسية العربية الجديدة، التي تواصل أحلام ومشاريع الأجيال لتحرير الإنسان
والشعوب والأمة العربية".
وأشار المرزوقي إلى أن "الطغاة
يسخّرون بيادقهم وأدوات التضليل طول الوقت لإقناع أنفسهم قبل الآخرين أن الشعب
يموت في حبهم وهم يعلمون في قرارة أنفسهم أن الاحترام والحب الذي يتسوّلون لا
يأتيهم إلا من خائف أو طمّاع. أما الاحترام الحقيقي الذي يحظى به الرئيس مرسي
وأمثالُه من الرؤساء الديمقراطيين الوطنيين غيرِ الفاسدين، فهو احترام لا يَقدرون
على الحصول عليه ولو صرفوا كل أموالهم المسروقة ووظفوا كل ما يوجد على الأرض من
مرتزقة الصورة والقلم".
ونوّه إلى أنه يردد دوما لـ "مَن
يأتيهم الإحباط بعدما طال عليهم الطريق نحو التحرر، وأقول: ربحوا (الطغاة) معركة،
بينما سنربح الحرب. إن أجمل تعريف للوطن هو الذي يقول إنه الأرض التي ورثناها من
أجدادنا واستلفناها من أحفادنا؛ فإلى الأمل والعمل حتى يفاخر بنا أحفادنا كما
نفاخر اليوم بأجدادنا".
"نضال الشعوب العربية"
وقرأ الإعلامي محمد جمال هلال كلمة
بالنيابة عن أسرة مرسي، وجاء فيها أن الرئيس الراحل "عاش مسالما مسلما سلميا
داعيا للسلام، ولم يكن أبدا مستسلما متأسلما خاضعا للاستسلام، والفارق لا شك واضح.
إن السلام هو رسالة كل مناضل وغاية كل مكافح ووسيلة كل مجاهد".
ولفتت أسرة مرسي إلى أن "نضال
شعوبنا العربية ذات المصير المشترك إنما هو للتحرر والاستقلال ومجابهة الفساد
والظلم والاستبداد. إننا نؤكد في هذه الذكرى أننا لسنا أمام مناحة أو تأبين أو
ملطمة أو مظلمة".
وزادت: "إنه لا ينبغي لأسرة
الرئيس، ولا لرفقاء كفاحه، أن يخالفوا وصيته فيحوّلوا يوم وفاته إلى بكائية ومظلومية
وانكسارية، وقد أوصى بأن نسير ولا نلتفت لمصيره ولا نستسلم للظلم، وأن نغير ما
بأيدينا، وأن يسع بعضنا بعضا، وأن نتراحم ونتحد من أجل أمة وشعب قوي حر
مستقل".
واستطردت قائلة: "نتذكر العدالة
والسعي لها ونحن على ثقة بأن ما قُدّم من تضحيات لن يضيع سدى، وهذا اليوم هو يوم
لتذكر
الديمقراطية والعدالة والحرية وليس يوما لمحمد مرسي الرئيس الذي استشهد من
أجل قضيته، والذي نذكره بالرحمات والدعوات الصالحات، ونستلهم من ذكراه روح التضحية
والثبات والقوة والنضال من أجل العدل والعدالة".
وأضافت: "هنا نذكر أيضا ابننا
الشهيد عبد الله الذي رحل لاحقا بأبيه ثابتا على عهده ومواقفه، سائلين الله له
الجنة ولأخيه أسامة مرسي الذي يقضي عامه السابع في المعتقل على نفس الطريق الذي
نسأل الله القبول والإخلاص فيه".
وتحدث وزير الاستثمار المصري الأسبق،
يحيى حامد، عن مجموعة من المواقف التي جمعته سابقا مع الرئيس الراحل محمد مرسي،
مُشيدا بإنسانيته وأدائه ودعمه للشعب المصري وثورة 25 كانون الثاني/ يناير 2011.
وفي كلمته، وصف حامد المرحلة الحالية
في مصر بأنها "قاتمة، وأن ما سيأتي في الشهور والسنين المقبلة يبدو أيضا أنه
سيكون في غاية الصعوبة. 2011 كانت الفرصة الممتازة حتى للدولة القديمة بأن يكون
هناك تعايش، بينما هذه اللحظة انتهت بمقتل واستشهاد الرئيس مرسي، وما تلقاه أمتنا
وبلادنا ربما يحتاج أضعاف مضاعفة إذا أردنا الاستقلال الحقيقي، والحرية الحقيقية،
وليس الانتقال من فاشل إلى فاشل آخر ومن ديكتاتور إلى ديكتاتور آخر".
وقال الإعلامي معتز مطر إن "أسرة
مرسي ما زالت تقدم التضحيات حتى هذه اللحظة"، مُوجّها لها التحية على
"الصمود والثبات ورفض ما رفضه الشهيد محمد مرسي".
"مرسي شهيد ثورة يناير"
بدوره، أكد السياسي والحقوقي المصري،
أسامة رشدي، أنه "قبل 4 سنوات ترجل الرئيس محمد مرسي شهيدا في قاعة المحكمة
في قفص زجاجي صُنع له خصيصا لكي يعزلوه عن العالم، ويمنعوه من الكلام وإطلاع الشعب
المصري والعالم على حقيقة ما جرى قبل وبعد ما اختطفوه وفريقه الرئاسي ووضعوهم في
أماكن شديدة العزلة، ومنعوا عنهم كل وسيلة للتواصل لمدة 6 أعوام، حتى فاضت روحه
الكريمة".
وأردف: "رغم حرمانه من أبسط حقوقه
الإنسانية كمواطن مصري، فضلا عن كونه أول رئيس مدني اُنتخب في انتخابات شاهدها
العالم كله كانت آخر كلماته في المحكمة قبل أن يسقط شهيدا في ما يفترض أنها محكمة
(بلادي وإن جارت علي عزيزة.. وأهلي وإن ضنوا علي كرام)".
وهي رسالة تسامح وحب للشعب المصري
كله، مؤيدين أو معارضين، وهي تعكس سعة صدره وحبه لشعبه ولبلاده، ولكنها لم تكن
أبدا رسالة تسامح مع الانقلابيين الذين شاءت إرادة الله أن تتعثر خطواتهم ويتدنى
أداؤهم بعدما فضحت مخططاتهم وكشفت أدوارهم في استهداف ثورة يناير وحلم
المصريين".
واستطرد رشدي، قائلا: "رحم الله
الرئيس مرسي شهيد ثورة يناير الذي ظلموه وتآمروا عليه وافتروا وغدروا به لتدخل مصر
بعدها في عشرية سوداء اُنتهكت فيها كل حقوق الإنسان المصري كما لم تُنتهك من قبل
في التاريخ"، متابعا بأنه "يوما -قريبا بإذن الله- سيرد الشعب المصري الاعتبار
لهذا الرئيس المفترى عليه، كما فعل الشعب التركي مع رئيس حكومته المنقلب عليه،
والذي تم إعدامه ظُلما عام 1961 عدنان مندريس".
وزاد: "لقد فهم الجميع الآن أن
مَن استهدفوا الرئيس مرسي، لم يستهدفوه هو فقط، بل كانوا يستهدفون الديمقراطية
التي قضوا عليها، والحكم المدني الوطني الذي حوّلوه لحكم عسكري فاشي ليحولوا دون
نهوض مصر وتبوئها لمكانتها وقيامها بدورها".
وقال رشدي: "ونحن نتذكر الرئيس
مرسي اليوم، يجب أن يلهمنا ثباته حتى آخر لحظة في حياته لاستكمال مشروعه ومشروعنا
الوطني باستعادة الديمقراطية وإنهاء حالة الانقسام الأهلي التي كرّسها الحكم
الفاشي واستعادت روح المصريين في يناير 2011، وهي الكابوس الذي يخشاه الانقلابيون
ويحاولون منع حدوثه مره أخرى، لكن إرادة الله أكبر من الجميع".
يُشار إلى أنه في 17 حزيران/ يونيو
2019، توفي الرئيس السابق محمد مرسي، أثناء محاكمته إثر نوبة قلبية مفاجئة. وحمّلت
قوى معارضة حينها سلطة الانقلاب مسؤولية وفاته جراء ما اعتبرته "إهمالا صحيا
مُتعمدا"، بينما نفت السلطات المصرية آنذاك بشدة المسؤولية عن وفاة مرسي،
وأكدت أن وفاته "طبيعية"، وفق زعمها.