كشف المؤرخ
اليهودي من أصول عراقية، آفي شلايم، ما وصفها بـ"الحقيقة الصادمة" وراء تفجيرات بغداد التي استهدفت الأقلية اليهودية في عامي 1950 و1951.
وذكر شلايم في كتابه الجديد "ثلاثة عوالم: مذكرات عربي يهودي"، أن عملاء صهاينة من جهاز "الموساد" الإسرائيلي هم من خطط ونفذ لتفجيرات بغداد.
ولفت شلايم إلى أن
الاحتلال الإسرائيلي وبعد نكبة عام 1948، كان يريد جلب اليهود من شتى أنحاء الأرض إلى فلسطين المحتلة بأي ثمن، وهو ما دفعه لتنفيذ هذه التفجيرات لإرغام
العراقيين اليهود على ترك بلدهم، لعدم شعورهم بالأمان فيه، والانتقال إلى فلسطين المحتلة.
وكان جزء كبير من اليهود العراقيين يرفض الذهاب للعيش كمستوطنين في فلسطين المحتلة، إلا أن تداعيات هذه التفجيرات سهلت من مغادرتهم العراق بلا عودة.
وبحسب موقع "ذي سبكتاتور" الذي لخص الكتاب، فإن أسرة آفي شلايم إحدى الأسر اليهودية التي اضطرت إلى ترك العراق بعد هذه التفجيرات.
ويقول شلايم إن أسرته كانت من أشهر أسر الذوات في العراق، إذ كان والده رجل أعمال ثري للغاية، وكان منزلهم الكبير يعج بالخدم، كما أن والدته كانت من حسناوات البلاد.
ولفت إلى أن حياة الثراء، ومصاحبة الوزراء وغيرها، انتهت تماما بعد انتقالهم كمستوطنين إلى فلسطين المحتلة، حيث فشل والده بفتح أي مشروع تجاري لأنه لم يكن يتقن اللغة العبرية، فيما عملت والدته كموظفة استقبال في شركات تجارية.
ويقول شلايم إن الظروف الصعبة التي عاشها والداه دفعهما إلى الانفصال في العام 1970.
ضربة لمكانة اليهود العرب
يقول آفي شلايم إن المشروع الصهيوني وجه ضربة قاتلة للمكانة التي كان يتمتع بها اليهود في العالم العربي
من خلال نبشه لذكريات طفولته بعد مرور سبعين سنة عليها، أدرك شلايم، الأستاذ الجامعي المتقاعد في جامعة أكسفورد والمؤرخ البارز، أن علاقته المبكرة بإسرائيل حددتها عقدة النقص لديه. وذلك أن السفرديم، اليهود الوافدين من الأراضي العربية، كان يُنظر إليهم باحتقار من قبل الأشكنازي، أي اليهود الوافدين من أوروبا.
كان معقود اللسان وقليل الكلام في المدرسة، ولم يكتسب ثقته بنفسه، بعد فترة غير سعيدة في إسرائيل، إلا بعد أن استقر في بريطانيا وهو ما يزال فتى في سن المراهقة، بحسب المذكرات.
ويقول إن هذه التفجيرات دفعت بنحو 110 آلاف يهودي عراقي إلى مغادرة البلاد، من أصل 135 ألفا.
وأضاف أن الفلسطينيين لم يكونوا الضحايا الوحيدين لإيجاد إسرائيل في عام 1948، بل إن المشروع الصهيوني وجه ضربة قاتلة لما كان يتمتع به اليهود من مكانة في الأراضي العربية، إذ حولهم من مواطنين مقبولين إلى طابور خامس تحوم حوله الشكوك لتحالفه مع الدولة اليهودية.
"اتهامات مدمرة"
بحسب موقع "ذي سبكتاتور"، فإن ما قدمه شلايم في مذكراته "عريضة اتهام مدمرة، ما من شك في أنها ستترك بعض القراء في حالة من الترنح".
إذ يرى شلايم أن الحركة الصهيونية ذات المركزية الأوروبية وإسرائيل كلاهما عمق الهوة بين العرب واليهود، وكذلك بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وبين العبرانية والعربية، وبين اليهودية والإسلام.
فقد عملا معاً على محو تراث عريق من "التعددية والتسامح الديني والعالمية والتعايش. والأكثر من ذلك أن الصهيونية حرضتنا على ألا يرى بعضنا البعض بشراً".
بحسب شلايم، تحولت إسرائيل التي أنشئت أصلاً على يد "حركة استعمارية استيطانية" ارتكبت جريمة "التطهير العرقي في فلسطين"، إلى "دولة تهيمن عليها عقلية الحصار، فراحت تنسب إلى جيرانها نوايا استئصالية".
ويقول الكتاب: "يعترف آفي شلايم بأن غالبية الإسرائيليين، بما في ذلك عائلته هو، يُسخطهم تصنيف إسرائيل "كدولة أبارتايد (فصل عنصري)"، ومع ذلك فهو لا يراها سوى ذلك بالضبط".
للاطلاع إلى النص الأصلي (
هنا)