يجري مستشفى
أبردين الملكي بإسكتلندا تجارب؛ لمعرفة إمكانية استخدام
الذكاء الاصطناعي لمساعدة
أطباء الأشعة الذين يفحصون آلاف الصور للبحث عن علامات لسرطان الثدي لدى النساء.
وبحسب هيئة الإذاعة البريطانية، فقد أطلق على
المشروع اسم "GEMMINI"، وهو مشترك بين هيئة الخدمات الصحية الوطنية والجامعة، إلى جانب
القطاع الخاص، بهدف فهم تأثير الذكاء الاصطناعي على فحوص
سرطان الثدي.
وطورت شركة
"Kheiron Medical Technologies" نموذج ذكاء اصطناعي يجري تجربته في المستشفى، فيما وفرت شركة
مايكروسوفت خدمة الحوسبة السحابية لدعمه.
ويقوم
البرنامج بعمل مقارنة بين صور مختلفة للثدي، وتحديد المشكلة قبل أن تتفاقم.
واستطاع
البرنامج حتى الآن أن يساعد الأطباء في اكتشاف مراحل مبكرة من السرطان، الأمر الذي
يساعد في العلاج.
في سياق متصل،
تحاول أداة جديدة قائمة على الذكاء الاصطناعي إثبات قدرتها على قراءة التقارير
التي يعدها الأطباء، والتنبؤ بدقة بمخاطر الوفاة، ودخول المستشفى مجدداً، والمضاعفات
المحتملة الأخرى.
وتولى ابتكار
البرنامج فريق من كلية غروسمان للطب التابع لقسم لانغون للدراسات الصحية في جامعة
نيويورك، ويخضع البرنامج للاختبار راهناً في عدد من المستشفيات الشريكة للجامعة؛ بهدف تعميم استخدام هذه التقنية في الوسط الطبي مستقبلاً.
ونُشرت في
مجلة "نيتشر" العلمية، الشهر الجاري، دراسة عن المنافع التي يمكن أن
تتأتى من الاستعانة بهذا البرنامج.
وأوضح المعدّ
الرئيسي للدراسة، جراح الأعصاب ومهندس الكمبيوتر في كلية الطب في نيويورك إريك
أورمان، أن النماذج التنبؤية غير القائمة على الذكاء الاصطناعي موجودة منذ مدة
طويلة، إلا أن استخدامها محدود عملياً كون التصرف بالبيانات عملية ثقيلة.
ولاحظ في حديث
لوكالة فرانس برس أن "الأمر المشترَك في العمل الطبي أينما كان، هو أن الأطباء
يدونون ملاحظات عما يرونه، وعما يتحدثون عنه مع المرضى".
وأوضح أن فكرة
الباحثين الأساسية تمثلت في "معرفة ما إذا كان ممكناً الاستناد إلى الملاحظات
الطبية كمصدر للبيانات، وبناء نماذج تنبؤية منها".
وتم تشكيل
نموذج التوقعات المسمى "نيوترون"، انطلاقاً من ملايين الملاحظات الطبية
التي تتضمنها ملفات 387 ألف مريض عولجوا بين كانون الثاني/ يناير 2011 وأيار/ مايو
2020 في المستشفيات المرتبطة بجامعة نيويورك.
وشملت هذه
الملاحظات تقارير الأطباء المكتوبة، والملاحظات عن تطور وضع المريض، وصور الأشعة
السينية والأجهزة الطبية، والتوصيات المقدمة للمرضى عند مغادرتهم المستشفى، ويبلغ
إجمالي الكلمات التي تتضمنها 4,1 مليارات.
كان أبرز
تحديات البرنامج النجاح في تفسير اللغة التي يستخدمها الأطباء، إذ إن لكلٍّ منهم
مصطلحاته التي تختلف بشكل كبير عن الآخر، وخصوصاً لجهة الاختصارات.
كذلك اختبروا الأداة في ظروف حقيقية، لا سيما من
خلال تدريبها على تحليل تقارير مأخوذة من مستشفى في مانهاتن، ثم مقارنة النتائج
بنتائج مستشفى في بروكلين لمرضى مختلفين. ومن خلال درس ما حدث للمرضى فعلياً، تمكن
الباحثون من قياس عدد المرات التي صحّت فيها تنبؤات البرنامج.
وجاءت النتيجة
مدهشة، إذ تبيّن أن برنامج "نيوترون" تمكّن من التنبؤ قبل خروج المرضى
من المستشفيات الشريكة بوفاة 95 في المئة ممن فارقوا الحياة بالفعل لاحقاً، وصحّت
توقعاته في شأن 80 في المئة من أولئك الذين أعيد إدخالهم إلى المستشفيات بعد أقل
من شهر على خروجهم منها.
واتسمت هذه
النتائج بدقة تَفوق توقعات معظم الأطباء، وتتجاوز أيضاً توقعات النماذج المعلوماتية
غير القائمة على الذكاء الاصطناعي المستخدمة راهناً.
إلا أن
المفاجأة كانت أنّ طبيباً ذا خبرة كبيرة، ويحظى باحترام واسع في الوسط الطبي، أعطى
توقعات "أفضل حتى من تلك التي أعطاها البرنامج"، على ما شرح إريك
أورمان.
كذلك نجح
البرنامج بنسبة 79 في المئة في توقع مدة بقاء المرضى في المستشفى، وبنسبة 87 في
المئة في توقع حالات امتناع الجهات الضامنة وشركات التأمين عن تغطية نفقات الرعاية
الطبية التي دفعها المرضى، وبنسبة 89 في المئة في توقع الحالات التي عانى فيها
المرضى مشاكل صحية إضافية.
وشدد الدكتور
أورمان على أن الذكاء الاصطناعي لن يحل أبداً محل العلاقة بين المريض والطبيب،
لكنه قد يتيح "توفير مزيد من المعلومات (...) للأطباء لتمكينهم من اتخاذ
قرارات مستنيرة".