ابتليت
منطقتنا العربية والإسلامية بكتل علمانية مبتعدة عن الثقافة العامة للأمة،
والأخلاق العامة للعلمانيين الغربيين، فهُمْ كما يقول المثل الشعبي "لا طال
بلح الشام ولا عنب اليمن"، فلا تخلَّقوا بثقافة منطقتهم، ولا تخلَّقوا بإنسانية
العلمانيين الغربيين في تعاملهم داخل وطنهم، لأن تعامل الدول الغربية خارج حدودها
يفتقر للأخلاق مطلقا، كما نلحظ في تدخلاتها الخارجية.
استدعى
هذا الحديث ما نشهده من العلمانيين التُّرك، بعد خسارتهم للانتخابات البرلمانية،
وتأخر مرشحهم في ترتيب السباق الرئاسي، وكانوا يُمنُّون أنصارهم بالسيطرة على
البرلمان،
واكتساح أصوات الاستحقاق الرئاسي بما يجاوز 60 في المئة من أصوات
الناخبين، خاصة مع تحرك آلات إعلامية ضخمة في أوروبا وأمريكا لمهاجمة حكومة
العدالة والتنمية ورئيسها
أردوغان، فلما باءت هذه الجهود بالفشل، تعالت أصوات
اتهام الأتراك بالجهل، كما فعلت صحيفة "سوزجو" الموالية لحزب الشعب
الجمهوري، عندما عنونت صفحتها الأولى "هذا الشعب جاهل"، أو عندما طلب
مسؤولو بلدية تكيرداغ، المنتمين لحزب الشعب الجمهوري المعارض، من متضرري الزلزال
النازحين إخلاء الفنادق خلال أسبوع واحد، بعد تصويت أغلبية مواطني المناطق
المتضررة من الزلزال لأردوغان، في ظل إساءة أنصار المعارضة لمواطني هذه المناطق
على مواقع صفحات التواصل الاجتماعي.
استدعى هذا الحديث ما نشهده من العلمانيين التُّرْك، بعد خسارتهم للانتخابات البرلمانية، وتأخر مرشحهم في ترتيب السباق الرئاسي، وكانوا يُمنُّون أنصارهم بالسيطرة على البرلمان، واكتساح أصوات الاستحقاق الرئاسي بما يجاوز 60 في المئة من أصوات الناخبين، خاصة مع تحرك آلات إعلامية ضخمة في أوروبا وأمريكا لمهاجمة حكومة العدالة والتنمية ورئيسها أردوغان، فلما باءت هذه الجهود بالفشل، تعالت أصوات اتهام الأتراك بالجهل
أما
المرشح الرئاسي "
كليتشدار أوغلو"، فقد قرر أن يُظهر وجها حاول تجميله
طوال فترة الحملة الانتخابية، فيما يتعلق باللاجئين، فقد أعلن سابقا أنه سيعيد
اللاجئين في غضون عامين، لكنه أراد كسب
القوميين المتطرفين الذين صوّتوا لسنان
أوغان فأعلن أنه سيعيدهم فور انتخابه.
واتهم
المرشحُ المنسحب "محرم إنجه" حزبَ الشعب الجمهوري الذي يرأسه كليتشدار أوغلو،
بأنه شارك في
التشهير بسمعته قبل
الانتخابات، ما تسبب في انسحابه.
ما
عانته المعارضة
العلمانية في
تركيا في الانتخابات البرلمانية، وجولة الرئاسة
الأولى، دفعها إلى التخلي عن محاولات تجميل خطابها، سواء في قضية اللاجئين، أو تعامل
بعضهم مع الأتراك كمواطنين لا مجرد ناخبين؛ يتم تمييز من يصوت لهم، وتهميش من
يعارضهم.
وللأسف
تتشابه هذه الصورة مع العلمانيين المصريين، وكان منهم من يتهم المصريين بالجهل،
ويدعو إلى جعل صوت المتعلم بصوتين، مقابل صوت واحد للأميِّ. وطالب علاء الأسواني
بمنع تصويتهم أساسا، وسبق للبرادعي في مقابلة مع قناة بي بي إس الأمريكية قوله:
"إن الصراع في مصر الآن يدور بين الطبقة الوسطى المتعلمة من جانب،
والإسلاميين والأميين من جانب آخر"، بحسب كتاب "الإسلاميون ونظام الحكم
الديمقراطي: اتجاهات وتجارب".
سهَّل
العلمانيون التُّرْك معركة أردوغان في الجولة الثانية بتصرفاتهم وتصريحاتهم، وبات
الرجل أقرب للفوز بولاية ثالثة، مدعوما بقوة أخطاء خصومه الفادحة وعديمة الأخلاق،
لكن ليس هذا فقط ما سهَّل (نسبيّاً) معركة الجولة الثانية.
يُعد
العامل النفسي أحد أسباب تحسُّن موقف رجب طيب أردوغان، فالعلمانيون كانوا يتوقعون
الأغلبية البرلمانية، وكانوا يتوقعون الفوز في الرئاسة من الجولة الأولى، لكنهم
اصطدموا بخسارة البرلمان وانخفاض نسبة حزب الشعب الجمهوري تحديدا داخل البرلمان،
في مقابل
فوز تحالف الجمهور بالأغلبية، وتقدم أردوغان بما يجاوز مليونين ونصف
المليون صوت انتخابي على منافسه كليتشدار أوغلو. هذا العامل قد يدفع قطاعات لعدم
تكرار المشاركة في الجولة الثانية، لفقدان الأمل في المنافسة، ما يزيد من إمكانية
تقدم أردوغان بنسبة تتجاوز الجولة الأولى.
يُعد العامل النفسي أحد أسباب تحسُّن موقف رجب طيب أردوغان، فالعلمانيون كانوا يتوقعون الأغلبية البرلمانية، وكانوا يتوقعون الفوز في الرئاسة من الجولة الأولى، لكنهم اصطدموا بخسارة البرلمان وانخفاض نسبة حزب الشعب الجمهوري تحديدا داخل البرلمان، في مقابل فوز تحالف الجمهور بالأغلبية، وتقدم أردوغان بما يجاوز مليونين ونصف المليون صوت انتخابي على منافسه كليتشدار أوغلو
ثم
هناك عامل الاستقرار، فهناك نسبة من الناخبين الذين لا يحملون رفضا تاما لمشروع
العدالة والتنمية ورئيسه، بل صوّتوا لمنافسه من أجل التغيير، وهذه الفئة التي لا
تحمل موقفا عدائيا قد تُعيد تقييم تصويتها لصالح أردوغان لأن الأغلبية البرلمانية
صارت معه، ما يجعل وجود رئيس ينتمي لتيار غير تيار الأغلبية في البرلمان سببا في
حدوث اضطراب سياسي، وعدم استقرار، قد يؤدي في النهاية إلى حل البرلمان أو إجراء
انتخابات رئاسية مبكرة، وهذا العامل يؤثر على توجهات قطاعات من الناخبين.
كذلك
يأتي
دعم سنان أوغلو كعامل داعم؛ صحيح أنه لا يستطيع توجيه كتلته التصويتية بشكل
كامل، لكن هناك من سيتبع مرشحه الرئاسي بدرجة ما، وفي حال حفاظ أردوغان على كتلته
التصويتية محتشدة، فإن الإضافة عليها ستكون في مصلحته لتحقيق فوز مريح.
أيا
كانت نتيجة الانتخابات الرئاسية، فما نرجوه أن تستمر تلك التجربة الديمقراطية،
وألا يقوم طرف بوأدها وسحقها تحت الدبابات والمدرعات، فمنطقتنا عانت كثيرا من
التخلف الناشئ من سيطرة العسكر على الحكم، وعانت من معارضة غير نزيهة، وتيارات
سياسية منتسبة للدين تتعامل بجهل أحيانا وانتهازية في أحيان أخرى. وللمرة الأولى
نجد تجربة ناجحة وممتدة، وتقوم بتقليم أظافر القوات العسكرية المتربصة بالحكم في
كل بقاع منطقتنا، وعسى أن تستمر تلك التجربة. ويعي القائمون على حزب العدالة
والتنمية أهمية تغيير الوجوه والانتقال إلى مرحلة أعمق من التصالح السياسي
الداخلي.