ستشهد
تركيا يوم الأحد القادم أهم
انتخابات في تاريخها لاختيار رئيس
الجمهورية وأعضاء البرلمان، وسط احتدام التنافس الديمقراطي في الأيام الأخيرة،
وتكهنات حول محتوى التسجيلات التي يخاف تحالف الطاولة السداسية المعارض من تسريبها
إلى وسائل الإعلام.
المعنويات عالية في تحالف الجمهور الذي يدعم رئيس الجمهورية التركي رجب طيب
أردوغان في الانتخابات الرئاسية. وأدى الإقبال الشعبي الكبير على التجمعات
الانتخابية التي شارك فيها أردوغان، إلى الاعتقاد لدى المؤيدين لرئيس الجمهورية
بأنه يمكن أن يحسم السباق الرئاسي في الجولة الأولى، كما أن الإعلان عن وصول عدد
الحاضرين في تجمع إسطنبول إلى مليون و700 ألف نسمة عزز ذاك الاعتقاد.
وأما في جبهة المعارضة، فأربك ترقب التسريبات تحالف الطاولة السداسية ودفع
أنصاره إلى إطلاق تصريحات تحذر الرأي العام من التسجيلات المفبركة. وقال رئيس حزب
الشعب الجمهوري ومرشح تحالف الطاولة السداسية، كمال
كليتشدار أوغلو، في برنامج
تلفزيوني، إن أردوغان ذاته سبق أن تم استهدافه بمثل تلك التسجيلات، إلا أن هذه
التصريحات كانت بمثابة شهادة على نفسه، لأنه كان يدعي آنذاك بأن التسجيلات المسربة
من قبل جماعة غولن ليست مفبركة، وكان يستغلها في انتقاد رئيس الجمهورية.
لم ينشر أي تسريب حتى كتابة هذا المقال، وربما لن ينشر أبدا، إلا أن إلحاح
قادة التحالف المعارض والإعلاميين الموالين لحزب الشعب الجمهوري على التحذير من
التسريبات المحتملة، دفع الرأي العام التركي إلى الاعتقاد بأن تحالف الطاولة
السداسية ارتكب جريمة لا تغتفر ويخاف من افتضاحها، بناء على المثل القائل:
"لا دخان بدون نار".
وفي الحقيقة، أخطاء تحالف الطاولة السداسية واضحة كوضوح الشمس، ولا حاجة
لتسريبات من أجل إثباتها، لأنها تُرتكب أمام أعين الجميع، ويعترف بها مرشح التحالف
وقادة أحزابه، كوعودهم بأنهم سيراعون مصالح الولايات المتحدة والدول الأوروبية قبل
مصلحة البلاد، إن نجحوا في إسقاط أردوغان عبر صناديق الاقتراع.
ويدرك أي عاقل أن دعم الموالين لحزب العمال الكردستاني لكليتشدار أوغلو لا
يمكن أن يكون بلا أي مقابل، في الوقت الذي وزّع فيه رئيس حزب الشعب الجمهوري تعهدات
ومناصب بسخاء على بقية أحزاب الطاولة السداسية للحصول على دعمها، كما يعرف أن
الاتفاق المبرم بين الأكراد الانفصاليين وكليتشدار أوغلو لن يكون لصالح البلاد
وأمنها واستقرارها، حتى لو لم يطلع على تفاصيله.
المعارضة تبدو قبيل موعد الانتخابات خائبة الآمال ومشدودة الأعصاب، وهذا ما
يدفعها إلى محاولة إثارة التشكيك في سلامة عملية التصويت ونظافة النتائج، استعدادا
لتبرير خسارتها المرتقبة في الانتخابات. وإضافة إلى ذلك، تلجأ إلى مسرحيات بهدف
تصوير نفسها كضحية، من أجل اللعب بورقة المظلومية، كما فعل رئيس بلدية إسطنبول
أكرم إمام أوغلو، في مدينة أرضروم.
إمام أوغلو، قام بأعمال غريبة في اليوم الذي نظم فيه تحالف الجمهور تجمعا انتخابيا
غير مسبوق في إسطنبول، للتشويش على ذاك الحدث التاريخي، ولفت الأنظار عنه، أولها
تعطيل السلالم الكهربائية في محطات المترو لعرقلة وصول المواطنين، بمن فيهم كبار
السن، إلى مطار إسطنبول القديم حيث أقيم التجمع الانتخابي بمشاركة أردوغان. وذهب
إلى مدينة أرضروم، إحدى قلاع الأتراك القوميين، بعد أن أدلى في مدينة
"وان" ذات الأغلبية الكردية، بتصريحات مؤيدة للموالين للمنظمة الإرهابية
الانفصالية، وأصر على إقامة تجمع انتخابي في شارع بعيد عن الميدان المخصص للتجمعات
دون إذن من السلطات، كما قام أنصاره برشق سكان المدينة بالحجارة واستفزازهم، وهو
ما أدى إلى التراشق المتبادل بالحجارة، ليحصل إمام أوغلو على مبتغاه، مدعيا بأنه
تعرض لــ"هجوم ظالم".
الرأي العام التركي يرى أن أحزاب تحالف الطاولة السداسية تتفق فقط في هدف
إسقاط رئيس الجمهورية، وأن هناك خلافات عميقة بين تلك الأحزاب تنبئ بأزمات سياسية،
في حال فاز مرشح التحالف في الانتخابات الرئاسية.
وفي آخر قنبلة فجرتها رئيسة الحزب الجيد، ميرال أكشينار، قالت إن الحقائب
الوزارية سيتم توزيعها بين حزب الشعب الجمهوري والحزب الجيد فقط وفقا لنسب الأصوات
التي سيحصلان عليها في الانتخابات البرلمانية، مضيفة أن حزب الشعب الجمهوري بإمكانه
أن يمنح بعض الحقائب من حصته إلى الأحزاب الأربعة الصغيرة. وهذا ينسف ما أعلنه قادة
تحالف الطاولة السداسية سابقا، إذ أنهم قالوا إن كل حزب من الأحزاب الستة سيحصل
على حقيبة وزارية واحدة، ثم سيتم توزيع بقية الحقائب وفقا لنسب الأصوات.
هذه الانتخابات ستكون لها تداعيات إقليمية ودولية، ولذلك ستتجه أنظار
العالم إلى تركيا يوم الأحد لمتابعة عملية التصويت وانتظار نتائجها. ومن المتوقع
أن ينتهي فرز الأصوات خلال ساعات بعد إغلاق صناديق الاقتراع، ليحتفل الفائزون
بفوزهم ويخيم الحزن والأسى على الخاسرين، وتبدأ القراءة في النتائج مع تحليل أسباب
الفوز والخسارة. وإن لم يتم حسم المعركة في الجولة الأولى، فسيستمر التنافس بين
مرشحين لأسبوعين آخرين.
twitter.com/ismail_yasa