تستمر العاصفة الكبيرة في دولة
الاحتلال، التي وقعت قبل أكثر من عام ونصف، بسبب نجاح ستة أسرى فلسطينيين في اختراق كافة أنظمة سجن "
جلبوع" وتحصيناته الأمنية والهرب عبر نفق أرضي حفر على مدار أشهر طويلة.
وفي حينه، أكد رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي الأسبق نفتالي بينيت، أن هروب ستة أسرى من سجن "جلبوع" عبر نفق حفروه أسفل مغسلة، "حدث خطير يلزم جميع الأجهزة الأمنية بالتحرك".
واعتبر مصدر أمني إسرائيلي في حديث مع القناة "12" العبرية، أن "الحادث خطير ومحرج"، كاشفا أن "عملية الهروب تم التخطيط لها منذ مدة طويلة دون أن تستطيع
مصلحة السجون كشفها"، كما رأى مسؤول كبير في جهاز شرطة الاحتلال، أن عملية هروب
الأسرى، "أحد أخطر الحوادث الأمنية بشكل عام".
وفي إطار تحديد الأسباب التي أدت إلى هذا "الإخفاق الخطير" من قبل أجهزة أمن الاحتلال في منع عملية سجن "جلبوع"، رفعت لجنة
التحقيق الحكومية في حادثة هروب الأسرى تقريرها المؤلف من 400 صفحة الأربعاء الماضي إلى ما يسمى بوزير الأمن القومي، المتطرف إيتمار بن غفير.
وزعم موقع "i24" الإسرائيلي، أن "التقرير مكشوف بالكامل، ولا يحتوي أي أجزاء سرية وتم تقديمه بإجماع الأعضاء وهم رئيس اللجنة القاضي (المتقاعد) البروفيسور مناحيم فنكلستين، والأعضاء البروفيسور إفرات شاوم وإريك بيربينغ".
وشددت اللجنة، على ضرورة أن يقوم "المستوى السياسي بالعمل من أجل النهوض بالمؤسسة وتكييف أنشطتها مع الواقع المتجدد ومهامها الأساسية".
وأكدت التحقيقات وجود "إخفاقات وأوجه قصور في جميع المجالات الأساسية في مصلحة السجون التي تتعامل مع الأسرى، وتشمل العمليات، الاستخبارات، نقل الأسرى، معاملة الأسرى".
ونوهت إلى أن "الأسرى الستة استغلوا هذه الإخفاقات ونجحوا في الهروب، ومعظم تلك الإخفاقات لا يقتصر على سجن "جلبوع"، مقدمة "توصيات منهجية صارمة وواسعة في هذه المجالات يتوجب تطبيقها لمنع عمليات الهروب في المستقبل".
ووجهت اللجنة التحذير لأربعة من كبار ضباط جهاز الأمن الإسرائيلي، "لاحتمال تعرضهم للضرر جراء استنتاجاتها وتوصياتها، وأدى صدور الإنذارات إلى وجود مرحلة ثانية من المناقشات".
كما أكدت اللجنة "تورط الضباط الأربعة في إخفاقات أو أوجه قصور، بجوانب قيادية ومهنية مختلفة وعلى مستويات مختلفة من الشدة، وعليه قامت بتقديم توصياتها المتعلقة بأولئك الضباط".
ورأت أنه "كان من الأجدر أن ينهي قائد سجن "جلبوع" أثناء الهروب عمله وألا يضطلع بمهام إدارية عملياتية داخل مصلحة السجون وهو ما تم لاحقا بالفعل".
وأوصت اللجنة، أن "ينهي أريك يعكوف، قائد لواء الشمال، مهامه بحلول نهاية أيلول/ سبتمبر من العام الجاري، وألا يتم تعيينه في منصب قيادي في مجال العمليات خلال مسيرته في مصلحة السجون"، منوهة إلى أنه "لن يتم اتخاذ أي إجراءات قيادية في حالة موني بيتان، نائب المفوضة ورئيس قسم العمليات والأمن، ومع ذلك، تخضع مسألة تعيينه في المستقبل مفوضا للسجون لاستنتاجات اللجنة في قضيته، وتوصلت اللجنة لعدم ضرورة فصل مديرة السجون الحالية كاتي بيري".
جدير بالذكر، أن اللجنة المذكورة، استمعت لأكثر من 50 شاهدا، بعضهم في عدة جلسات وفحصت أكثر من 60 ألف وثيقة صادرة عن خدمة السجون وأطراف أخرى، كما اطلعت خلال عملها على كيفية عمل الدوائر الأمنية في سجون الاحتلال الإسرائيلي التي يقبع بها نحو 5 آلاف أسير فلسطيني.
وعقب نجاح الأسرى في نيل حريتهم، صعدت سلطات الاحتلال من عدوانها بحق الأسرى، وقامت بعمليات نقل واسعة بينهم وقمع وتنكيل وسحب إنجازات، إضافة إلى العديد من الإجراءات التي زادت من معاناتهم، وكل ذلك كان مؤخرا بتعليمات من الوزير المتطرف بن غفير، ما جعل السجون في حالة توتر دائم.
وكشف الاحتلال فجر الاثنين 6 أيلول/ سبتمبر 2021، عن نجاح ستة أسرى فلسطينيين، معظمهم من أصحاب الأحكام العالية (مؤبدات)، في تحرير أنفسهم من سجن "جلبوع"، الذي يوصف إسرائيليا بأنه "شديد الحراسة"، ما شكل صدمة كبيرة للمحافل الإسرائيلية كافة، وعاصفة داخلية مستمرة، رغم إعادة اعتقالهم جميعا.
والأسرى هم؛ قائد عملية التحرر الأسير محمود عبد الله عارضة (46 عاما) من جنين، معتقل منذ عام 1996، ومحكوم مدى الحياة، والأسير محمد قاسم عارضة (39 عاما) معتقل منذ 2002، ومحكوم مدى الحياة، والأسير يعقوب محمود قادري (49 عاما) من "بير الباشا" معتقل منذ 2003، ومحكوم مدى الحياة، والأسير أيهم نايف كممجي (35 عاما) من "كفر دان" معتقل منذ 2006 ومحكوم مدى الحياة، والأسير زكريا زبيدي (46 عاما) من مخيم جنين معتقل منذ عام 2019 ولا يزال موقوفا، والأسير مناضل يعقوب انفيعات (26 عاما) من يعبد معتقل منذ عام 2019.