نشر موقع "أويل برايس" الأمريكي تقريرا سلّط من خلاله الضوء على
حرب الكابلات السرية التي تدور رحاها في
بحر الصين الجنوبي الذي أضحى مصدرا للاضطرابات الإقليمية بسبب أهميته الاستراتيجية وثرواته الطبيعية.
وقال الموقع، في
تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إنه بعد فترة من الهدوء النسبي تلوح في الأفق عاصفة جيوسياسية في بحر الصين الجنوبي بسبب مواجهة مزدوجة بين الصين وماليزيا من جهة، والصين والفلبين من جهة أخرى.
ويعد بحر الصين الجنوبي أحد أكثر المعابر البحرية التجارية نشاطا في العالم. واكتسابه أهمية متزايدة أدى إلى اندلاع اضطرابات إقليمية كبيرة حول حقوق الملكية والحيازة، إذ تطالب بروناي والصين وماليزيا وإندونيسيا والفلبين وتايوان وفيتنام حاليًا بمساحات شاسعة ومتداخلة من هذه المنطقة من المحيط الهادئ.
أثارت الصين، التي كان لها أكبر مطالبات في بحر الصين الجنوبي ولم تتوان على مر التاريخ عن انتهاج سياسات عدوانية عسكرية بهدف توسيع نفوذها ووجودها في هذه المياه، استياء سياسيا في المنطقة.
تدعي بكين السيادة على أكثر من 90 بالمئة من بحر الصين الجنوبي باستخدام ترسيم يسمى "خط النقاط التسع" يقطع المناطق الاقتصادية الخالصة لفيتنام والفلبين وماليزيا وبروناي وإندونيسيا. ونتيجة لذلك، تنامت الخلافات الجيوسياسية حول الحقوق البحرية.
وذكر الموقع أنه عندما أدى رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم أول زيارة رسمية إلى الصين، في وقت سابق من هذه السنة، شكك المسؤولون بوضوح في أنشطة الاستكشاف التي تجريها
ماليزيا في المنطقة الاقتصادية الخالصة للصين في بحر الصين الجنوبي. ردا على ذلك، ادعى إبراهيم أن تلك المياه تنتمي في الواقع إلى ماليزيا مؤكدا أن بتروناس ستواصل أنشطة الاستكشاف هناك.
ووفقًا لتقرير قناة الجزيرة، يقول المحللون إن "المحادثات التي دارت خلال تلك الزيارة تسلط الضوء على جهود بكين المتزايدة للضغط على كوالالمبور حتى لا تستغل موارد الطاقة الخاضعة لسيطرتها، حتى في الوقت الذي يتطلع فيه أنور إلى تعزيز العلاقات الصينية الماليزية".
وأوضح الموقع أن الصين تصدرت عناوين الصحف من جديد بسبب المناورات الترهيبية التي تنفذها في بحر الصين الجنوبي، ولكن هذه المرة خصم بكين هو
الفلبين. ظاهريًا، يحتدم الجدل بين الصين في عهد الرئيس شي جين بينغ وفيرديناند ماركوس في الفلبين حول حقوق
الصيد. لكن في أواخر نيسان/ أبريل اتهمت الفلبين خفر السواحل الصيني باستخدام "مناورات خطيرة" و"تكتيكات عدوانية" لترهيب خفر سواحل الفلبين. وحسب وكالة رويترز، جدّ الحادث في مياه الصيد في منطقة توماس شول الثانية التي تعد "نقطة اشتعال لمناوشات سابقة تقع على بعد 105 أميال بحرية (195 كيلومترا) قبالة سواحلها".
وفقًا لتقرير جديد نُشر هذا الأسبوع، لا يعد السبب الحقيقي الذي يقف وراء الصراع بين الفلبين وماليزيا والصين حقوق الصيد أو حتى التنقيب عن النفط على الإطلاق - بل هو مجرد معركة في "حرب طاحنة سرية للسيطرة على كابلات الإنترنت".
وفي الواقع، يبدو أن العديد من الأنشطة التي نُفِّذت مؤخرًا في بحر الصين الجنوبي ذات طابع عسكري ومن المستبعد أن سببها خلاف صيد بسيط. وفي نيسان/ أبريل من السنة الجارية، أجرت الولايات المتحدة والفلبين أكبر مناورات عسكرية على الإطلاق في بحر الصين الجنوبي، تلتها خطط لمزيد من التدريبات العسكرية الكبرى من الصين وسنغافورة.
وحسب صحيفة "ذا هيل" الأمريكية فإن "أكبر الأصول الاقتصادية المتاحة للاستيلاء عليها في المنطقة هي البيانات الضخمة، ويعتمد مستقبل الإنترنت بالكامل على الأطراف الفائزة في معركة السيطرة على هذا الممر المائي الاستراتيجي".
بعبارة أخرى، جوهر هذه الحرب هو الكابلات التي توجد تحت الماء والتي تنقل أكثر من 99 بالمائة من إجمالي حركة الإنترنت الدولية والتي يتم التحكم فيها بأغلبية ساحقة من قبل عدد قليل من شركات التكنولوجيا الكبرى في الولايات المتحدة، "وهي شركة آلفابت وميتا وأمازون ومايكروسوفت".
وفي ظل نمو اقتصاد الإنترنت في آسيا الذي من المتوقع أن تصل قيمته إلى تريليون دولار بحلول سنة 2030، تريد القوى الاقتصادية الأخرى الآن حصتها من تلك الثروة. وكل من يتحكم في الكابلات التي تمر عبر بحر الصين الجنوبي سيطالب بحصة من تلك الإيرادات. لذلك، لا يمكن توقع هدوء الأوضاع في بحر الصين الجنوبي في المستقبل المنظور.